زلزال بقوة 6.2 درجات يضرب جنوبي تشيلي    الأخضر يغادر إلى أستراليا السبت استعدادا لتصفيات مونديال 2026    القبض على مواطن في جازان لترويجه (11) كجم "حشيش"    نونو سانتو يفوز بجائزة مدرب شهر أكتوبر بالدوري الإنجليزي    أربع ملايين زائر ل «موسم الرياض» في أقل من شهر    ترقية بدر آل سالم إلى المرتبة الثامنة بأمانة جازان    جمعية الدعوة في العالية تنفذ برنامج العمرة    «سدايا» تفتح باب التسجيل في معسكر هندسة البيانات    الأسهم الاسيوية تتراجع مع تحول التركيز إلى التحفيز الصيني    انطلاق «ملتقى القلب» في الرياض.. والصحة: جودة خدمات المرضى عالية    تقرير أممي يفضح إسرائيل: ما يحدث في غزة حرب إبادة    خطيب المسجد النبوي: الغيبة ذكُر أخاك بما يَشِينه وتَعِيبه بما فيه    فرع هيئة الهلال الأحمر بعسير في زيارة ل"بر أبها"    بطلة عام 2023 تودّع نهائيات رابطة محترفات التنس.. وقمة مرتقبة تجمع سابالينكا بكوكو جوف    نيمار: 3 أخبار كاذبة شاهدتها عني    أمانة الطائف تجهز أكثر من 200 حديقة عامة لاستقبال الزوار في الإجازة    رفع الإيقاف عن 50 مليون متر مربع من أراضي شمال الرياض ومشروع تطوير المربع الجديد    المودة عضواً مراقباً في موتمر COP16 بالرياض    مبارة كرة قدم تفجر أزمة بين هولندا وإسرائيل    خطيب المسجد الحرام: من صفات أولي الألباب الحميدة صلة الأرحام والإحسان إليهم    في أول قرار لترمب.. المرأة الحديدية تقود موظفي البيت الأبيض    دراسة صينية: علاقة بين الارتجاع المريئي وضغط الدم    5 طرق للتخلص من النعاس    «مهاجمون حُراس»    حسم «الصراعات» وعقد «الصفقات»    محافظ محايل يبحث تطوير الخدمات المقدمة للمواطنين    شرعيّة الأرض الفلسطينيّة    لحظات ماتعة    محمد آل صبيح ل«عكاظ»: جمعية الثقافة ذاكرة كبرى للإبداع السعودي    فراشة القص.. وأغاني المواويل الشجية لنبتة مريم    جديّة طرح أم كسب نقاط؟    الموسيقى.. عقيدة الشعر    في شعرية المقدمات الروائية    الهايكو رحلة شعرية في ضيافة كرسي الأدب السعودي    ما سطر في صفحات الكتمان    البنك المركزي السعودي يخفّض معدل اتفاقيات إعادة الشراء وإعادة الشراء المعاكس    حديقة ثلجية    الهلال يهدي النصر نقطة    متى تدخل الرقابة الذكية إلى مساجدنا؟    لصوص الثواني !    مهجورة سهواً.. أم حنين للماضي؟    «التعليم»: تسليم إشعارات إكمال الطلاب الراسبين بالمواد الدراسية قبل إجازة الخريف    فصل الشتاء.. هل يؤثّر على الساعة البيولوجية وجودة النوم؟    منجم الفيتامينات    قوائم مخصصة في WhatsApp لتنظيم المحادثات    أُمّي لا تُشبه إلا نفسها    الحرّات البركانية في المدينة.. معالم جيولوجية ولوحات طبيعية    جودة خدمات ورفاهية    الناس يتحدثون عن الماضي أكثر من المستقبل    من توثيق الذكريات إلى القصص اليومية    الأزرق في حضن نيمار    نائب أمير الشرقية يطلع على جهود اللجنة اللوجستية بغرفة الشرقية    أمير الباحة يستقبل مساعد مدير الجوازات للموارد البشرية و عدد من القيادات    أمير تبوك يبحث الموضوعات المشتركة مع السفير الإندونيسي    التعاطي مع الواقع    ليل عروس الشمال    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني وفريق عملية زراعة القلب بالروبوت    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تسمح روسيا لأوباما بتغيير أميركا ؟
نشر في الحياة يوم 14 - 12 - 2008

بات مألوفا في المشهد الروسي أن الخطاب السياسي أخذ يستعيد الكثير من مفردات العهد السوفياتي المتشبعة بنفسٍ ايديولوجي في التعامل مع العالم، خصوصا مع الغرب. يشترك في ذلك الجميع: مسؤولون ونواب واعلاميون، وحتى على مستوى المجتمع عموماً، وكما في السابق عاد هذا الخطاب يقسم العالم الى"نحن"روسيا و"هم"الغرب.
طبعا ليس جديدا القول إن موسكو بدأت تتطلع الى لعب دور عالمي متجدد باعتبارها العاصمة التي أخذت تستعيد قوتها ذاتها بعد نحو عقدين من زوال الاتحاد السوفياتي. روسيا كشرت عن أنيابها خصوصا منذ إجراءاتها العسكرية"التأديبية"ضد جورجيا، الجمهورية السوفياتية السابقة، وما رافق تلك الاحداث من تصعيد اعلامي ضد الغرب عموما من دون تمييز بين اوروبا والولايات المتحدة. التصعيد الروسي وصل الى حد التهديد، على لساني"الرئيسين"ديمتري ميدفيديف وفلاديمير بوتين، بأن الكرملين لن يسمح بعد الآن بعالم أحادي القطب. ومضى ميدفيديف أبعد من ذلك بتأكيده أن روسيا لا تخاف حربا باردة جديدة، بل انها مستعدة لها.
ميدفيديف أطلق تهديداته بعد ساعات من اعلان فوز باراك أوباما في الانتخابات الرئاسية، على رغم أنه كان أمامه وقت كاف لتعديل خطابه الى الأمة المعد سلفاً، أقله من باب إظهار حسن نياته ونوع اللياقة والمجاملة تجاه الرئيس المنتخب الذي كان بنى كل حملته الانتخابية على وعود بانتهاج سياسات مختلفة عن سياسات الرئيس الحالي جورج بوش، إن على صعيد الداخل أو الخارج.
من يعرف الاعلام السوفياتي ويتابع اليوم وريثه الاعلام الروسي، وكله تقريبا رسمي او شبه رسمي او يخضع لرقابة ذاتية، يمكنه ان يشخّص بسهولة أوجه الشبه الكثيرة بينهما لجهة الخطاب المستخدم وأسلوب تغطية الأخبار والتطورات في روسيا وخارجها.
الأخبار في وسائل الاعلام المرئية تبدأ هذه الأيام بنقل تفصيلي للكوارث التي يتعرض لها الغرب نتيجة للازمة المالية، الى حد ان صحفا روسية أفادت بأن ملكة بريطانيا اضطرت أن تبيع مجوهراتها لمواجهة ضائقتها المالية وان بعض مواطنيها اليائسين من الحياة قرر الانتحار غرقا في مياه التايمز. ومع ان الازمة المالية ألحقت اضرارا حقيقية وقاسية بروسيا وسكانها فان الاعلام الروسي يعطيها حيزا أقل بكثير مما يعطيه لتغطية مضاعفات هذه الازمة في الغرب.
الى ذلك أصبح الترويج لتقدم الصناعات والتكنولوجيا الحربية الروسية ومنتجاتها يحتل دائما مكانا مهما في التغطية الاخبارية لوسائل الاعلام. يقترن ذلك بالاشارة غالبا الى ان هذه المعدات الجديدة تشكل خطرا على الغرب ولكنها ضرورية للامن القومي الروسي الذي بات يتطلب الانتشار عالميا في عروض للعضلات، كما بالنسبة الى المناورات البحرية المشتركة بين روسيا وفنزويلا، مع تأكيد ان الكرملين سينشر السفن الحربية في البحار والمحيطات البعيدة عن روسيا. وفوق هذا وذاك أطلق بوتين تحذيرا للرئيس الاميركي المنتخب كي يكون"أعقل"من سلفه بأن يتخلى عن مشروع الدرع الصاروخية في اوروبا الشرقية والا ستواجهه موسكو ب"رد مناسب".
يلفت في روسيا اليوم وجود جيل جديد متأثر بالنهج الدعائي الرسمي ويبدو مستعدا من الناحية النفسية لدعم فكرة روسيا قوية تستعيد أمجادا تاريخية قائمة على"الخصوصية"الروسية في مواجهة"الغزو"الغربي.
ويلعب الاعلام دورا رئيسيا في هذا التوجه مستفيدا من حقيقة ان هذا الجيل يتذكر جيدا الفوضى"الرأسمالية"التي بدأت مع اصلاحات الرئيس السوفياتي الاخير ميخائيل غورباتشوف وتفاقمت إثر تفكك الاتحاد السوفياتي في عهد الرئيس الروسي الاول الراحل بوريس يلتسن.في هذا الاطار يُقَدّم بوتين باعتباره الزعيم الذي"أنقذ"روسيا من الانهيار وبدأ يستعيد أمجادها. هذا الجيل لا يتذكر شيئا من التاريخ السابق لمرحلة غورباتشوف المتمثل بزعامتي نيكيتا خروتشوف وليونيد بريجنيف، فيما الحقبة الستالينية تبدو من ماض غابر. مع هذا يبدو الكرملين، في المقابل، سعيدا بإبراز الدور التاريخي للديكتاتور الرحل جوزيف ستالين باعتباره صاحب الفضل الاكبر في الحاق الهزيمة بالمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية، والتي ما زالت تسمى في روسيا ب"الحرب الوطنية العظمى".
وتكاد الاحتفالات لا تتوقف بالمناسبات المرتبطة بالحروب والمعارك البطولية التي خاضتها القوات السوفياتية، إضافة الى تشجيع الاحتفالات بالشخصيات البارزة والمناسبات المرتبطة بانتصارات روسيا على مدى التاريخ، مع تركيز خاص على دور"الزعيم المنقذ".
يلفت في هذا المجال برنامج يقدمه التلفزيون الروسي منذ الصيف الماضي لاختيار أبرز شخصية متوفّاة تركت أكبر اثر في تاريخ روسيا والاتحاد السوفياتي ويمكن ان تصبح قدوة للمرحلة الحالية. البرنامج يستحوذ على اهتمام غير مسبوق من الجمهور.
وبعد تصفيات مبكرة اختار المشاهدون بالتصويت 12 من بين 500 شخصية. واختار منظمو البرنامج 12 شخصية بارزة من سياسيين وبرلمانيين وعسكريين ومؤرخين وأكاديميين ورجال دين وفنانين تبنى كل منهم احد الشخصيات التاريخية. البرنامج يُقدم اسبوعيا حيث يطرح المشاركون فيه اسبابهم لترشيح هذه الشخصية أو تلك ويحضون الجمهور على التصويت لها، ويعلن التلفزيون النتائج بعد كل تصويت.
أما التصويت النهائي فسيتم قبل انتهاء الشهر الجاري. وفي تصويت سابق على أفضل شعار للبرنامج فاز بالمرتبة الاولى شعار"من أجل الوطن، من أجل ستالين"الذي كان يردده الجنود السوفيات خلال المعارك في الحرب العالمية الثانية.
وحتى الآن تفيد نتائج آخر عملية تصويت بفوز بطرس الأكبر، أول امبراطور لروسيا، بالمرتبة الاولى، يليه ستالين ثم فلاديمير لينين قائد الثورة البلشفية ومؤسس الاتحاد السوفياتي. عدد من نشطاء الحزب الشيوعي الروسي بلغت بهم النشوة بهذه النتيجة الى حد انهم طالبوا الكنيسة الارثوذكسية الروسية بانه في حال فاز ستالين في التصويت النهائي سيتعين عليها اعلانه قديساً أسوة بالقيصر نيقولا الثاني وافراد اسرته الذين أعدمهم البلاشفة في 1918.
ما سلف كله يحمل على طرح السؤال: هل تسمح روسيا كهذه لأوباما بأن ينصرف لتنفيذ وعده بالتغيير وفقا لأولوياته، أم إنها ستحمله على تغيير أولوياته بدلا من تغيير أميركا؟
نشر في العدد: 16690 ت.م: 14-12-2008 ص: 22 ط: الرياض


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.