في اجتماع وزراء خارجية دول حلف"الناتو"وهو عقد ببروكسيل 2 - 3 كانون الأول/ ديسمبر 2008، لم يقر الاجتماع، لأوكرانيا وجورجيا مخطط الاعداد التي تمهد لعضوية الحلف. وأقر للدولتين برامج وطنية اصلاحية سنوية في المجالات السياسية والاقتصادية والقانونية وغيرها. والنجاح في تنفيذها يؤهل البلدين للحصول على"المخطط"ثم الانضمام الى الحلف. وجاء اعداد هذه البرامج حلاً وسطاً بين الرأيين المختلفين، على رغم انجاز أوكرانيا وجورجيا المراحل السابقة الضرورية للحصول على"المخطط"في 1994 - 2006. والمفاجأة الأولى هي عدد البلدان المعارضة منح البلدين حق الحصول على"المخطط". فإلى"حلفاء"روسيا القدماء، مثل فرنساوالمانيا وايطاليا، انضمت اسبانيا وبلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ. ورأت البلدان هذه أن أوكرانيا وجورجيا لا تستوفيان معايير"الناتو"للحصول على"المخطط"، على رغم انهما حققتا تقدماً ملموساً في مجال الإصلاحات المطلوبة. وتصدرت برلين المعارضين المتشددين، وأصرت على ان أقصى ما يمكن أن تحصل عليه كييف وتبليسي هو تعاونهما مع الشركاء في الحلف بحسب ما رسمته قمة بوخارست في نيسان أبريل 2008. وتبنت روماولندن الموقف نفسه تقريباً. وأمام مقاومة باريسوبرلين، اضطرت واشنطن الى تعديل موقفها. فذكرت بأن تشيخيا وبولندا انضمتا الى حلف"الناتو"ولم يسبق"المخطط"انضمامهما. ورأت أن اعداد كييف وتبليسي على طريق استيفاء معايير"الناتو"، لا يمنع بواسطة لجنتي أوكرانيا - الناتو وجورجيا - الناتو. واقترحت لندن حلاً وسطاً هو تنفيذ مقررات قمة بوخارست. وترضي هذه الصيغة فرنسا. فهي تطمئن كييف وتبيليسي الى أن الحلف لا يزال ينوي ضمهما، وتحول دون اعتراض موسكو أو تعنتها. والحق أن أوكرانيا وجورجيا حققتا انتصاراً استراتيجياً على رغم خسارتهما تكتيكياً. فانضمامها الى حلف الناتو يبدو حتمياً في نهاية المطاف. والمسألة المعلقة هي طبيعة إوالية هذا الانضمام العملية. بيد أن تفاؤلهما في تخطي عقبة"المخطط"، بدعم قوي من الولاياتالمتحدة، غير واقعي في المدى المنظور، نظراً لمعارضة"أوروبا القديمة"، وفي طليعتها المانيا، الخطوة هذه. ولعل من أبرز الدواعي الى تعليق منح أوكرانيا وجورجيا الحصول على"المخطط"موقف موسكو المعارض بحزم لمثل هذا الإجراء، والأزمة المالية العالمية وانعكاساتها القاسية على البلدان الغربية. وتوسيع الحلف تقتضي أموالاً اضافية لاحتضان البلدين المفلسين، يعجز الحلف عن تأمينها في الظروف الراهنة. والى ذلك فإن"الناتو"في خيرة بين التوسع شرقاً، وبين تحسين العلاقات بروسيا. ويبدو أن"أوروبا القديمة"راغبة في استئناف الحوار مع موسكو بعد الأزمة التي أصابته جراء حرب القوقاز في آب أغسطس 2008، وتسعى في تكثيف الاتصالات بين روسيا و"الناتو". وواشنطن بدورها أعلنت رغبتها،"من حيث المبدأ"، في استئناف التنسيق مع موسكو بواسطة مجلس روسيا ?"الناتو"، على رغم حذرها نظراً لبقاء القوات الروسية في أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا. وهذا يعني ان تحسين العلاقات بين العاصمتين في هذا المجال يدعو موسكو الى معالجة الوضع في الدولتين، والسهر على انفراجه. والحق أن صيغ التعاون السابقة استنفدت، ويحسن بالطرفين ابتكار صيغ جديدة. ويظل توسيع نفوذ الحلف الى أراضي الاتحاد السوفياتي السابقة من الأولويات الأساسية للولايات المتحدة مستقبلاً. وقد تلجأ الى تحقيق ذلك باللين أو الغلظة. عن ألكسندر أرتيميف، "غازيتا ري" الروسية، 2/12/2008 نشر في العدد: 16686 ت.م: 10-12-2008 ص: 23 ط: الرياض