فشلت قمة ثلاثية جمعت في مدينة تركمانبش التركمانية على شاطئ بحر قزوين رؤساء تركياوأذربيجانوتركمانستان، في الخروج بنتائج محددة كان الخبراء توقعوها على صعيد تعزيز تعاون البلدان الثلاثة في مجال الطاقة. لكن القمة اكتسبت أهمية كبرى في ظل نشاط غير مسبوق شهدته تركمانستان أخيراً، على صعيد تصاعد الاهتمام الأجنبي، عقب تأكيد احتياطات حقلين كبيرين للغاز. وسبقت القمة أول من أمس زيارة لرئيس شركة"غازبروم"الروسية ألكسي ميللر إلى عشق أباد المقررة خلال الأيام المقبلة، والتي ينتظر أن يناقش خلالها الأسعار وشروط نقل الغاز باستخدام شبكة"غازبروم"وتطبيق المشاريع المتفق عليها سابقاً بين موسكو وعشق أباد. واقتصرت نتائج القمة على عبارات فضفاضة تضمنها البيان الختامي حول الاهتمام بتوطيد التعاون المشترك بين أذربيجانوتركياوتركمانستان، وتطوير مشاريع النقل والطاقة في تركمانستان، كما دعا الرئيس الأذري إلهام علييف إلى شراكة في مجال الطاقة تضمن مصلحة كل دول المنطقة. ويحظى مكان عقد القمة الأولى التي تجمع الرؤساء الثلاثة بمغزى خاص، بسبب تزايد الأهمية الإستراتيجية لبحر قزوين، في تنويع مصادر الطاقة بالنسبة الى أوروبا والصين والولايات المتحدة. ولم يكشف الرؤساء تفاصيل ما تطرقوا إليه، إلا أن المكان وطبيعة الحضور لا يتركان مجالاً للشك في تصدر محادثات الطاقة ودراسة مشروعات نقل الغاز من تركمانستان إلى أذربيجان، ومن ثم إلى تركيا والاتحاد الأوروبي. ويرجّح أن يكون الرئيسان التركي عبدالله غول والأذري حاولا إقناع نظيرهما التركماني بضرورة مد"خط الغاز العابر لبحر قزوين"، وتزويده بالغاز اللازم لتعزيز محاولات تركيا والاتحاد الأوروبي لتسويق مشروع نابوكو، المقرر أن ينقل إمدادات الطاقة إلى أوروبا من دون المرور بالأراضي الروسية. وركز الزعيمان أيضاً على ضرورة زيادة قدرة خط أنابيب الغاز الطبيعي"باكو ? تبليسي - أرزروم"من نحو خمسة بلايين متر مكعب راهناً إلى 20 بليوناً. وهذا الخط لا يمر أيضاً بروسيا، وتعتبره موسكو تهديداً لإمداداتها من الطاقة إلى أوروبا. وعلى رغم التفاؤل الذي غلف لهجة الزعماء، استبعد خبراء في موسكو الاتفاق على مواعيد محددة في تنفيذ أي من مشاريع نقل الغاز من تركمانستان في السنوات المقبلة، ولفت بعضهم إلى مشاكل عالقة بين كل من تركمانستانوأذربيجانوإيران وكازاخستان في شأن ترسيم الحدود البحرية بينها، وتقاسم الجرف الجنوبي لبحر قزوين، إضافة إلى عدم وجود معلومات دقيقة أصلاً عن حجم احتياط الغاز في القاطع التركماني، كما أن أي مشروع لنقل الغاز عبر قزوين لن يُبت قبل تحديد الوضع القانوني للبحر، بالتوافق بين كل البلدان المحاذية له. ويرى خبراء أن عشق أباد تواصل سياستها القديمة في دراسة كل المشاريع المقترحة، وتستغل المقترحات المقدمة من أجل تعزيز وضعها التفاوضي مع"غازبروم"الروسية وإيران، إذ يُتوقع أن يناقش رئيس عملاق الغاز الروسي ألكسي ميللر خلال زيارته تركمانستان أسعار الغاز وشروط الترانزيت إلى أوروبا، باستخدام شبكة شركته. ويتوقع خبراء تحدثت إليهم"الحياة"أن تكون مفاوضات ميللر شاقة في عشق أباد، خصوصاً بعد الحركة الديبلوماسية النشطة لتركمانستان في الشهور الأخيرة وسيل العروض المتدفقة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدةوإيرانوالصين لنقل الغاز إلى الأسواق الخارجية. ويرجح هؤلاء الخبراء أن تتطرق مفاوضات"غازبروم"مع الرئيس التركماني قربان قولي بيردي محمدوف إلى موضوع ضخ استثمارات في حقول الغاز الجديدة في المناطق الجنوبية الشرقية من تركمانستان، التي تتسلح بتقديرات محايدة لحجم احتياطات من الغاز تتراوح بين سبعة و14 تريليون متر مكعب في حقلي"إيولتان عثمان"وپ"ياشلار"وحدهما. وتتوقع شركة"غافني كلاين آند أسوشييتس"البريطانية أن يصل احتياط تركمانستان من الغاز إلى 25 - 30 ترليون متر مكعب، ما يعني اشتداد المنافسة على استغلال هذه الثروات، ونقلها إلى الأسواق العالمية. وأكدت مصادر مقربة من غازبروم ل"الحياة"أن الشركة ترغب في المساهمة في استغلال حقول الغاز في التركمانية على رغم الأزمة المالية العالمية، ونفت أي غاية سياسية في الموضوع، وأكدت أن"غازبروم"واثقة من قدرتها التنافسية، وأنها لا تنظر إلى"نابوكو"أو غيره كمشاريع منافسة لها، لكنها ستبحث في موعد البدء في مد خط أنابيب الغاز المحاذي لقزوين بطاقة 20 بليون متر مكعب، اتُفق عليه في قمة ثلاثية سابقة في تركمانباش جمعت قبل 18 شهراً رؤساء تركمانستان وكازاخستان وروسيا. ويقدر خبراء حجم الاستثمارات اللازمة لاستغلال الحقول التركمانية بنحو 150 بليون دولار في السنوات العشر المقبلة، وتتنافس روسيا والاتحاد الأوروبي والصينوإيران على الظفر بنصيب الأسد منها لأغراض متعددة، إذ ترغب روسيا في تعطيل المشاريع الأوروبية في التخلي عن أراضيها لنقل الغاز إلى الأسواق الأوروبية، فيما تطمح بروكسيل إلى تنويع مصادر طاقتها، وتأمل الصين في الحصول على الغاز التركماني بأسعار مفضلة، كما تتنافس إيران مع كل الأطراف إضافة إلى أفغانستان وباكستان لإيجاد ممر للغاز التركماني إلى المياه الدافئة. نشر في العدد: 16677 ت.م: 01-12-2008 ص: 23 ط: الرياض عنوان: قمة تركية - أذرية - تركمانية تفشل في تعزيز التعاون حول الطاقة