كم مرة ابتلعت سؤالك خشية تذمر الآخرين؟ وكم مرة نُعِتَّ بأنك شخص لجوج، يُكثر الأسئلة، ويُطيل النقاش، ولا يقنعه أي جواب؟ قد ترتفع الأصوات مجيبة: مرات ومرات، وقد يُجيب البعض: أما أنا فقد دربتُ نفسي على عدم السؤال، مؤثراً السلامة على رغم ما أكابده من دفع حاجة الفهم والتعلم، محاولاً الابتعاد مما يُنفّر الناس مني لأبقي على محبتهم وصداقتهم، فما أقسى العيش من دون أصدقاء! وإذا سألت: كم مرة استطعت أن تتجاوز رد فعل الآخرين وتصرّ على طرح الأسئلة؟ فإن الجواب سيأتي على عكس جواب السؤال الأول! قلة هم من استطاعوا فعل ذلك غير عابئين بما يُقال عنهم، أو بما يُسفر عنه تصرفهم من انفضاض الناس من حولهم، وما ذلك إلا لأنهم أدركوا أن مفتاح العِلم هو السؤال، ومفتاح طرح السؤال هو الجُرأة، ومفتاح الحصول على جواب هو حسن صوغ السؤال، وحسن اختيار المسؤول، وحسن مناقشته من دون تعنت لرأي أو فكرة، فغايتهم الوصول الى الحقيقة أيّاً كان مصدرها. كما أنهم عرفوا قيمة العقل، تلك النعمة التي خصهم الله بها دون سائر المخلوقات، فرعوها حق رعايتها باستخدامها وعدم تعطيلها! وعندما فتشوا في منظومتهم الفكرية وجدوها قد تشكلت من مصادر متعددة عبر سني عمرهم: الوالدان، العائلة، المدرسة، الأصدقاء، والإعلام بوسائله المختلفة، وعندما أمعنوا النظر في تلك المصادر وجدوها تفتقر في بعض ينابيعها الى الصفاء والنقاء، فهبّوا من غفلتهم، حاملين أسئلتهم على عاتقهم باحثين لها عن أجوبةٍ وافيةٍ، ساعين بكل جدٍّ الى اكتساب المعلومة الجديدة من مصادرها النقية. ان طرح الأسئلة حق لكل شخص يريد أن يزداد علماً ومعرفةً، أو أن يستيقن من معلومةٍ لديه، وواجبُ من يعرف أن يقدم الجواب من دون تعالٍ أو ضنّ. رجاء محمد الجاهوش - بريد الكتروني