بعدما هدأت الحروب الدامية التي أعقبت انهيار دولة يوغوسلافيا السابقة وانقسامها الى جمهوريات أعلنت استقلالها منذ 1991، بدأت أخيراً"حرب باردة"بين هذه الدول البلقانية الجديدة من خلال رفع شكاوى الى محكمة العدل الدولية في لاهاي تتناول اتهامات متبادلة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وانتهاكات للقوانين الدولية. فقد أعلن وزير الخارجية المقدوني أنطونيو ميلوشوسكي، أن بلاده"رفعت شكوى ضد اليونان أمام محكمة العدل الدولية ضد انتهاك اليونان لاتفاق انتقالي وقع في 13 أيلول سبتمبر 1995، تعهدت فيه عدم عرقلة انضمام مقدونيا الى الحلف الأطلسي". وقال:"فكرنا ملياً في الأمر، ولم نجد سبيلاً آخر للحصول على ما سُلب منّا ونأمل بأن تشجع هذه الخطوة اليونان على التنسيق بين مبادراتها وواجباتها القانونية الدولية، وتعترف أمام المحكمة بارتكابها خطأ ضد مقدونيا وأن تؤدي النتيجة الى إيجاد حل لكل القضايا العالقة بين بلدينا ومنها اسم مقدونيا". في المقابل، أعلن الناطق باسم وزارة الخارجية اليونانية جورج كوموتساكوس أن بلاده"مستعدة للذهاب الى محكمة العدل الدولية بكل ثقة وعزم، استناداً الى قوة ووضوح حججها بأن سكوبيا انتهكت عدداً من البنود الأساسية والملزمة في الاتفاق، بينها مبدأ علاقات حسن الجوار". وكانت اليونان استخدمت حقها في قوانين الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي في نيسان أبريل الماضي لمنع ترشيح مقدونيا للانضمام الى الحلف والاتحاد، معتبرة أن اسم مقدونيا الذي تريد الانضمام به الى المنظمتين هو من تراث اليونانيين الوطني ورموزهم التاريخية الخاصة، علماً أن مقدونيا أصبحت عضواً في الأممالمتحدة عام 1993 باسم"جمهورية مقدونيا اليوغوسلافية السابقة"بعدما عارضت اليونان عضويتها تحت اسم"جمهورية مقدونيا". في غضون ذلك، أعلنت محكمة العدل الدولية المؤلفة من 17 قاضياً، أن"لديها السلطة القضائية اللازمة للنظر في اتهام كرواتيا بأن صربيا ارتكبت أعمال قتل جماعي في حرب الاستقلال الكرواتي التي استمرت بين عامي 1991 و1995". ووصف وزير العدل الكرواتي إيفان سيسمونوفيتش الحكم بأنه"نجاح قانوني هائل لكرواتيا، لكنها الجولة الأولى فقط". وقال وزير الخارجية الصربي فوك يريميتش إن"بلاده سترفع شكوى ضد كرواتيا بتهمة ارتكاب جرائم حرب وتطهير عرقي في حق الأقلية الصربية في كرواتيا، خلال هجوم أولويا أي العاصفة الذي شنته القوات الكرواتية البرية والجوية على منطقة كرايينا الصربية جنوبكرواتيا وأدى الى قتل المئات من الصرب وتشريد رُبع مليون مدني صربي". وأضاف:"لقد فتحت شكوى كرواتيا المجال لصربيا، لكي تظهر للرأي العام العالمي الجرائم التي ارتكبتها كرواتيا ضد مئات الآلاف من المدنيين الصرب، والتي هي امتداد لجرائمها المماثلة بحق الصرب عندما سيطرت القوات الألمانية النازية المتحالفة مع الكروات على البلقان بين عامي 1941 و1945".