في خطوة تمنحه الكثير من الزخم مع بدء ولايته ويكون لها صدى اعلامي محلياً وعالمياً، انكب مستشارو الرئيس المنتخب باراك أوباما على درس الوسائل المتاحة لإقفال معتقل غوانتانامو الذي أنشأته إدارة الرئيس جورج بوش في نهاية عام 2002لاحتجاز المشبوهين في الحرب على الإرهاب. وبدأ الفريق الانتقالي النظر في سيناريو لتحديد مصير المشبوهين بالإرهاب المعتقلين في غوانتانامو، السجن العسكري في خليج كوبا المثير للجدل، والذي تعهد اوباما إبان حملته الانتخابية، بإغلاقه. وقال كبير مستشاري أوباما، دنيس ماكدونوه لشبكة"سي أن أن"أنه لم يتم التوصل إلى قرار بعد حول مصير قرابة 250 معتقلاً، وأن أي إجراءات لاتخاذ قرار في هذا الصدد ستنتظر الى حين بدء تشكيل طواقم قانونية وأخرى في مجلس الأمن القومي تتعاطى مع هذا الملف. إلا أن مصادر مقربة من أوباما أبلغت وكالة انباء"أسوشييتد برس"إن الإدارة الجديدة تنظر في سيناريوات محتملة لإقفال المعتقل، بينها تحويل المعتقلين أمام المحاكم الفيدرالية أو إقامة محاكمة أمن قومي خاصة للنظر في القضايا المتعلقة بمعلومات استخباراتية حساسة، وإطلاق سراح الآخرين. وتتخوف السلطات الأميركية من تحويل المعتقلين الى الأراضي الأميركية، ما يعني خضوعهم لقوانين البلاد التي تمنع التعذيب، ما قد يبطل حجج احتجاز بعضهم اذ تم ذلك عبر التعذيب. وأياً يكن سيناريو الإغلاق، سيؤدي الى تهميش اللجان العسكرية التي أنشأتها إدارة بوش لمحاكمة بعض من كبار قيادات"القاعدة"المعتقلين في غوانتانامو، من بينهم خالد شيخ محمد، العقل المدبر لهجمات 11 أيلول سبتمبر 2001. وأسفرت التحديات القانونية الضخمة عن إعاقة تقدم تلك اللجان العسكرية لسنوات، بعدما قضت المحكمة الأميركية العليا بعدم دستوريتها عام 2006. والى جانب الدعوات من منظمات حقوق إنسان لإقفال المعتقل، مارست كل من ألمانياوبريطانيا، ضغوطاً سياسية على واشنطن وأخرى داخلية من الكونغرس والمحكمة العليا الطاعنة بشرعية المعتقل وتحوله رمزاً لممارسات التعذيب وخزان وقود لتحريك مشاعر العداء ضد الولاياتالمتحدة منذ إنشائه في 2002. ويدرس فريق أوباما احتمال نقل المعتقلين الى سجون عسكرية على الأراضي الأميركية، أي الى منشأة او اكثر من منشآت وزارة الدفاع البنتاغون بينها السجن العسكري المحصن في فورت ليفنورث ولاية كنساس حيث يمكن ان يواجهوا المحاكم العسكرية وليس المدنية. الا أن ادارة بوش والبيت الأبيض أكدا أمس أن الأمر"ليس بهذه السهولة"وأن سرية التحقيقات قد تنتهك في العملية القانونية الجديدة. عقبة تشيني وكان بوش حاول إقفال المعتقل العام الماضي، بتشجيع من وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس ووزير الدفاع روبرت غيتس. الا أن ديك تشيني نائب الرئيس هو من أبرز المعارضين لإقفال المعتقل في السابق، وساهم مباشرة في وضع مذكرات تشرع التعذيب وتمنع الكونغرس من فرض رقابة على البيت الأبيض لمنع هذه الممارسات أو الضغط على وزارة العدل لنص قوانين ضد التعذيب. وعمل تشيني في الولاية الأولى بجهد مع مساعديه السابقين وبينهم وزير العدل السابق ألبرتو غونزاليس ومدير مكتب تشيني دايفيد أدنغنتون وبعد اعتداءات 11 أيلول سبتمبر 2001، على وضع مذكرات تبيح التعذيب وتعطي محققي وكالة الاستخبارات الأميركية سي آي أي وأجهزة الاستخبارات في البنتاغون صلاحية مطلقة في استجواب المعتقلين، من دون أن تنطبق عليهم مبادئ معاهدة جنيف. ودانت منظمات حقوق الإنسان بشدة سجل واشنطن في معتقل غوانتانامو وشبهت ما يحدث داخله بمراكز الاعتقال السوفياتية. وتحولت البزات البرتقالية وقبعات الرأس، رمزاً للمعتصمين حول العالم والمناهضين للممارسات داخل المعتقل. وسمت منظمة العفو الدولية كل من وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد وغونزاليس ب"مهندسي التعذيب". وطالبت قيادات دولية بينها المستشارة الألمانية أنغيلا مركل بوش بإقفال المعتقل، كما أعربت بريطانيا عن تحفظاتها حيال الممارسات هناك. وطالب رؤساء أميركيون سابقون أبرزهم بيل كلينتون وجيمي كارتر بإقفال غوانتانامو، كما انضم وزير الخارجية السابق كولن باول الى الداعين لإغلاق المعتقل. وسحبت المحكمة العليا الصفة القانونية الصيف الماضي، عن المحاكم العسكرية الاستثنائية التي أنشأها بوش لمحاكمة"المقاتلين الأعداء"المعتقلين هناك واعتبرت السلطة القضائية الأعلى في الولاياتالمتحدة ان بوش لم يكن مخولاً إنشاء المحاكم العسكرية الاستثنائية لمحاكمة"المقاتلين الأعداء"المعتقلين في غوانتانامو التي أقرت بعيد اعتداءات 11 ايلول. أفغانستان كذلك يبدو ان فريق أوباما يخطط لتبني مقاربة جديدة تجاه الحرب في أفغانستان بما في ذلك إمكان إجراء محادثات مع إيران ودعم الحوار بين الحكومة الأفغانية وعناصر من"طالبان". ونقلت صحيفة"واشنطن بوست"عن مستشارين في شؤون الأمن القومي للرئيس المنتخب ان هذا الأخير ينوي تجديد الالتزام الأميركي بملاحقة زعيم تنظيم"القاعدة"أسامة بن لادن، وأن يجعل من ذلك أحد أولويات الرئاسة المقبلة، والوفاء بوعوده بتعزيز الوجود الأميركي العسكري في أفغانستان. وقال مستشارو أوباما للصحيفة انه في حين من المتوقع أن تركز الإدارة الأميركية المقبلة على أهمية مواصلة العمليات الأميركية ضد مقاتلي"طالبان"المتمركزين في باكستان والذين يهاجمون القوات الأميركية في أفغانستان، فإنها تنوي تذكير الأميركيين كيف بدأت المعركة ضد المتطرفين الإسلاميين في 11 أيلول، قبل حربي أفغانستان والعراق والتركيز على ان"القاعدة"تبقى الأولوية الرئيسية للولايات المتحدة. وقال أحد هؤلاء المستشارين عن بن لادن:"هذا هو عدونا ويجب أن يكون هدفنا الرئيسي". ونقلت الصحيفة عن مسؤول عسكري أميركي كبير ان إدارة بوش حافظت على مسافة بينها وبين إيران، ولكن"إذا نظرنا إلى المستقبل، سيكون من المفيد أن يكون لدينا محاور إيراني"لاستكشاف الأهداف المشتركة. وأضاف ان الإيرانيين"لا يريدون أن يتسلّم المتطرفون السنة زمام السلطة في أفغانستان وهو أمر نرفضه نحن أيضاً". وقال عدد من المستشارين للصحيفة ان أوباما منفتح على دعم الحوار بين الحكومة الأفغانية وعناصر من"طالبان"من دعاة المصالحة. وإذ أشارت الصحيفة إلى ان الجنرال ديفيد بيترايوس قائد القيادة العسكرية الأميركية الوسطى، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الأميرال مايكل مولن سيبقيان في منصبيهما بعد تسلم الإدارة الجديدة مهماتها، نقلت عن مسؤول في وزارة الدفاع ان بيترايوس يؤيد مقاربة أوباما الأكثر إقليمية تجاه أفغانستان ويرحب"بسجال حول الأهداف والحاجات"في ما يتعلق بعملية بناء الأمة هناك. نشر في العدد: 16658 ت.م: 12-11-2008 ص: 18 ط: الرياض عنوان: أوباما يبحث عن مخارج قانونية لإغلاق غوانتانامو