وجهت مصر نقداً شديداً إلى حركة"حماس"واتهمتها بالتسبب في"ضرب"الحوار الفلسطيني الذي كان مقرراً عقده الشهر الجاري في القاهرة. واعتبرت أن قرار الحركة مقاطعة الحوار"مرتبط بأجندة إقليمية"، مشيرة إلى أنها"تذرعت بمسألة المعتقلين لكسب الرأي العام، علماً أن هذه القضية كان يمكن حلها أثناء جلسات الحوار". وعبر مصدر رفيع عن"استياء مصر الشديد من تراجع حماس وعزوفها عن الانضمام إلى طاولة الحوار الفلسطيني تحت أعذار واهية". وقال ل"الحياة":"كان هناك شك في أن التيار المتشدد داخل الحركة سيتسبب في إبعادها عن الدخول مجدداً إلى دائرة التوافق الفلسطيني". ولفت إلى أن القيادي البارز في"حماس"محمود الزهار كان أعلن في السادس من تشرين الثاني نوفمبر الجاري أن الحركة لن تقاطع الحوار. وأشار إلى أن المسؤولين في الحركة"غيروا مواقفهم قبل أيام من موعد الحوار بعدما كانوا متجاوبين مع المساعي المصرية، وهو ما يمكن أن يكون تفسيره، ليس فقط لدى حماس وإنما لدى مناصريها من خارج الإطار الفلسطيني"، في إشارة إلى أطراف إقليمية. وكشف المصدر وجود"ورقة داخلية في حماس تنتقد المساعي المصرية وتخلص إلى أن تجاوب الحركة مع تلك المساعي يضعها في مأزق كبير، خصوصاً أنه قد يؤدي إلى تراجع سيطرتها على قطاع غزة لمصلحة السلطة، وهو أمر ترفضه قيادة الحركة". وأشار إلى أن"الورقة نفسها أكدت أن رفض الحركة التجاوب يظهرها بمظهر الرافض للحوار أمام الرأي العام بما قد يعنيه ذلك من تحميلها مسؤولية إعاقة الوحدة الفلسطينية". ورأى أن القرار الذي اتخذ بعدم التجاوب مع الجهود المصرية"يوضح المدى الذي يمكن لحركة حماس أن تذهب إليه في الحفاظ على مكتسباتها المتمثلة في السيطرة على جزء من التراب الوطني الفلسطيني من دون منازعة من أي طرف فلسطيني آخر، حتى على حساب الوحدة الفلسطينية". وسألت"الحياة"المصدر عما إذا كان قرار"حماس"مرتبطاً بأجندة إقليمية وأسلوب التعامل مع الإدارة الأميركية الجديدة، فأجاب:"مصر تدرك تماماً أن قرار حماس في مثل هذه الأمور الاستراتيجية ليس فلسطينياً خالصاً، وأن هناك قدرة كبيرة لأطراف غير فلسطينية على التأثير في القرار، رغم وجود كوادر عدة عالية ومتميزة في الحركة كانت تشجع على الحوار وإنهاء القطيعة والتجاوب مع الجهود المصرية، غير أن الأطراف الأخرى كانت لها الكلمة الأخيرة في إجهاض مؤتمر الحوار وإرجائه لفترة مفتوحة". وعن قضية معتقلي"حماس"لدى السلطة الفلسطينية، قال المصدر:"هذه أسباب وأعذار واهية ويعلم حقيقتها تماماً من يتابعون الموضوع جيداً، وهي لم تستخدم إلا في محاولة يائسة لإنقاذ ماء وجه الحركة أمام الرأي العام الفلسطيني والعربي". وأضاف:"ما من عاقل يمكن أن يصدق أن مقاطعة الحركة للحوار وإجهاضها مسعى طال انتظاره من جانب الشعب الفلسطيني تحت دعاوى إطلاق معتقل هنا أو هناك، أخذاً في الاعتبار أن الحوار نفسه كان يمكن أن يولد مناخاً إيجابياً يسمح بإطلاق أي معتقل لدى أي طرف". وأوضح أنه على رغم أن"رد الفعل المعلن من جانب مصر على موقف"حماس" كان هادئاً في ضوء جهودنا لتحقيق الحوار وعدم رغبتنا في تذرع البعض تحت أي حجج بأن مصر تتبنى مواقف مضادة، فإن حقيقة الموقف تتمثل في أن الجانب المصري يحمّل حماس المسؤولية كاملة عن إفشال الجهد الذي بذل حتى الآن". وأكد أن قادة"حماس"يدركون أن"استمرارها في التجاوب والحوار سيقود حتماً إلى تخليها عن السيطرة التي تمارسها حالياً على غزة، وهو الأمر الذي يعلم الجميع وجود خط أحمر عليه من قبل بعض القوى الإقليمية الداعمة للحركة". غير أنه شدد على أن"مصر ستواصل جهودها انطلاقاً من مسؤولية قومية واستجابة للرأي العام المصري". وقال:"على كل الأطراف الفلسطينية، خصوصاً حركة حماس والفصائل الثلاثة التي سارت في ركابها أن تتحمل مسؤوليتها الفلسطينية أمام شعبها الذي يطالب بالوحدة ويدعو إلى نبذ الانقسام الحالي". وأعرب عن استياء مصر"لخروج بعض كوادر الحركة وتحميلهم القاهرة المسؤولية تحت دعوى أن الإعداد للحوار لم يتم في شكل جيد، وأن الجانب المصري ينحاز إلى حركة فتح". وخلص إلى أن ما حدث"استفزاز أكبر من جانب حماس التي لم تكتف بالتراجع عن مشاركتها في الحوار، بل تقوم بتحميل مصر المسؤولية، وهو الأمر الذي ترى فيه مصر موقفاً مضللاً لن تمرره بسهولة". نشر في العدد: 16658 ت.م: 12-11-2008 ص: 14 ط: الرياض