أكد رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل ل «الحياة» حرص حركته على إنجاح مساعي القاهرة لتحقيق مصالحة فلسطينية، لكنه قال إن التوصل إلى اتفاق لإنهاء الانقسام ليس وارداً قبل «معالجة ما يجري في الضفة الغربية» من اعتقالات بحق كوادر «حماس». وقال مشعل في مقابلة مع «الحياة» إن زيارته للقاهرة جاءت تلبية لدعوة من رئيس الاستخبارات المصرية الوزير عمر سليمان، معتبراً أن هذه الدعوة «تعكس حرص مصر على تذليل كل العقبات التي تعترض الحوار الوطني الفلسطيني الذي ترعاه، وما يمكن أن يحول دون إبرام مصالحة». وأضاف: «نحن حريصون على المصالحة وعلى استرداد اللحمة الفلسطينية». لكنه رأى أن «ممارسات الأجهزة الأمنية لحكومة سلام فياض في الضفة تحت مظلة السيد محمود عباس وتحت إشراف الجنرال (الأميركي المكلف الإشراف على تطبيق الالتزامات الأمنية في خريطة الطريق كيث) دايتون هي العقبة الكأداء التي تعيق تحقيق المصالحة وتعطل الجهود المصرية... ولا يمكن السكوت على هذا الأمر». وأضاف أن «أحد وجوه هذه الحملة التي تجرم المقاومة ينطلق تحت ذريعة تنفيذ بنود خريطة الطريق، وهذا الأمر مرفوض تماماً من حيث المبدأ لأن حق مقاومة الاحتلال لا يجوز بأي حال إخضاعه لأي التزامات مع العدو الإسرائيلي... ولا يعقل أن تطبق السلطة الالتزامات التي عليها بينما إسرائيل لا تلتزم الاستحقاقات التي وقعتها». واعتبر أن «الأجهزة الأمنية في الضفة لا تستهدف المقاومة بما فيها كتائب شهداء الأقصى فقط، لكنها أيضاً تقوم بحملة شاملة على حماس، على بنيتها التنظيمية والعسكرية، حتى أنهم يلاحقون أموال الأيتام والأسر». وأشار إلى أن «ما يجري هو محاولة لاستئصال جذور الحركة، لذلك نؤكد ضرورة معالجة هذه العقبة ووضع حل حاسم لها حرصاً على الحوار، وإلا فإنها ستعطل المصالحة». ورأى أن «حماس» تتعامل ب «إيجابية عالية مع الجهود المصرية»، وقال: «نتجاوب وسنتجاوب مع الجهود المصرية الساعية لإنجاح الحوار»، لكنه لفت إلى «إصرار الطرف الآخر على التصعيد واستهداف المقاومة». وسُئل عن كيفية معالجة عقدة الحكومة وبرنامجها، فأجاب: «المهم أن تذلل العقبة الحالية في الضفة». وأضاف أن «معالجة هذه المسألة من شأنها أن تخلق أجواء إيجابية يمكن من خلالها تسوية الخلافات وأن نستطيع تحقيق التوافق». ولفت إلى أن الوزير سليمان «تفهم موقف الحركة بوضوح، وقال إنهم سيساعدون على تذليل هذه العقبة وسيتدخلون من أجل تحقيق ذلك». وأشار إلى «ضرورة بدء اللجان التي تم الاتفاق على تشكيلها في جلسات الحوار السابق عملها». وقال: «يجب على اللجنتين المعنيتين بالملفين الأمني والمعتقلين في الضفة وغزة أن تبدآ فوراً في العمل... معالجة مسألة ممارسات السلطة في الضفة هي معيار النجاح لعمل هذه اللجان وللحوار ككل». وعما إذا كان هناك طرح أميركي جديد لتسوية النزاع العربي - الإسرائيلي خلال عامين، أجاب: «ليس هناك شيء محدد، لكن هناك نقطتين يدور الحديث عنهما، وهما حل الدولتين وضرورة وقف الاستيطان، ونحن من جانبنا سنراقب التحرك الأميركي وكيف ستتعامل الإدارة الأميركية مع الإسرائيليين في هاتين القضيتين وهل سيضغط الأميركيون على الإسرائيليين الذين لا يزالون يصرّون على الاستمرار في بناء المستوطنات». وأشار إلى أن الطرح الأميركي كان أحد عناوين المحادثات بين وفد «حماس» والوزير سليمان، وقال: «تحدثنا عن السياسة الأميركية في عهد (الرئيس باراك) أوباما وزيارة الوزير سليمان الأخيرة إلى واشنطن ولقاءاته مع كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية واتفقنا على أنه بالفعل هناك لغة جديدة، لكن نحن ننتظر تغييراً في السياسات على الأرض». وأكد حرص حركته على التعاطي مع «أي فرصة حقيقية»، وقال: «سنتعامل مع أي فرصة حقيقية وأي جهد إقليمي أو دولي ينهي الاحتلال ويحقق قيام الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967، ويعيد إلى الشعب الفلسطيني حقوقه ويعترف بحقه في العودة... سنتعامل مع هذا الطرح بجدية وإيجابية». وشدد على أن «الدولة الفلسطينية التي نقبل بها هي دولة كاملة السيادة براً وبحراً جواً، وليست دولة منقوصة أو حكماً ذاتياً». وأضاف: «نريد دولة مثل سائر الدول في العالم... أقل من ذلك لا يمكن القبول به... نحن الفلسطينيين الذين نحسم الأمور، وليس نتانياهو. ولن نقبل إلا بما يرضينا، وهو تحرير الأرض ودولة ذات سيادة حقيقية». وعما إذا كان في نيته الإعلان قريباً عن استراتيجية جديدة للحركة، قال إن «هناك جهوداً حقيقية إقليمية ودولية تبذل لحل القضية، والحركة في كل مرحلة لها رؤيتها طبقاً لهذه المرحلة وما يلائمها، لكن حتى الآن ليس هناك تغير حقيقي ملموس على الأرض يستدعي تغيير استراتيجية الحركة». ورداً على سؤال عن كيفية معالجة عقدة تشكيل حكومة الوحدة وموقفها من الاتفاقات السابقة، قال: «لا أريد الخوض في التفاصيل، وما يجري في حواراتنا المغلقة واجتماعاتنا مع الوزير سليمان لا نتحدث عن تفاصيله عبر الإعلام». وسألته «الحياة» عما إذا كانت حركته مستعدة للتنازل عن السيطرة على غزة في حال خسرت الانتخابات فيها، فأجاب: «غزة ليست ملكاً لحماس، والضفة ليست ملكاً لفتح. ولا أحد يأخذ قطعة ويذهب بها بعيداً عن شعبه... نحن ارتضينا اللعبة الديموقراطية ونحترم الانتخابات النزيهة، ولدينا ثقة في أنفسنا، ودائماً نحتكم إلى الشعب الفلسطيني فهو شعب واع، وحماس تدرك جيداً رصيدها الحقيقي لديه». وأضاف أن «نتائج الانتخابات لا تعني أن يقصى الآخر، فهذا أمر لا نقبل به. نريد شراكة وتعاوناً وتعاملاً سوياً سواء في إطار السلطة أو المنظمة». وشدد على ضرورة عدم الربط بين الحوار وإعادة إعمار غزة، محذراً من «انعكاسات سلبية لاستمرار تأخير إعادة الإعمار على الوضع الفلسطيني في شكل عام... إعادة الإعمار من الضرورات وحاجة ملحة لشعبنا ينبغي ألا تؤخر».