سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
انتخاب باراك أوباما اثنان ... واحد شاركت فيه "جمهورية العالم" وآخر اقترع فيه الأميركيون . الرئيس الأسود الأول مرآة انقلاب سياسي وثقافي رفع الجنوب الى مرتبة متقدمة
يتفق انتخاب باراك أوباما الى الرئاسة الأميركية وانقلاب العالم أو جنوحه من حال الى حال. والاتفاق ليس مصادفة بل هو مرآة عوامل متضافرة يشترك فيها وجها الاتفاق. فالرئيس الأميركي الرابع والأربعون، ذو السبعة وأربعين عاماً، جمع انتخابه رئيساً تحولين أو انعطافين: الأول داخلي، وهو انعطاف من مجتمع لم يطوِ ذيول تفرقة عرقية تنكرها أصوله ومبادئه الدستورية والثقافية، الى مجتمع ينتخب، من غير تردد بفرق بلغ 6 في المئة من أصوات 64 في المئة من الناخبين رجلاً أسود، أفريقياً أميركياً، مولَّداً، رئيساً على دولة لا يبلغ"اخوته في العرق"فيها 10 في المئة من السكان. والثاني خارجي وعالمي، وهو ما اصطلح على تسميته بصعود الدول الناشئة والأسواق الجديدة، في إطار عولمة شاملة ربطت بين أرجاء الأرض بروابط التجارة والإنتاج والتقنية والصور على نحو وثيق وقوي. المرآة والأصداء وپ"الصعود"هذا لا تحصى القرائن عليه. ففي غضون أقل من عقد، أوله العام 2000، كانت بورصات الولاياتالمتحدة تتبادل نحو نصف قيمة الأسواق المالية العالمية كلها، ونزل النصف الى الثلث في أوائل 2008. والانحسار الأميركي، النسبي على المعنى الحرفي، يندرج في انحسار"غربي". فالبلدان الغنية، وهي على التقريب"مجموعة السبع"، كان حجم اقتصاداتها 70 في المئة من الناتج الإجمالي العالمي قبل ثمانية أعوام. ويتقلص الحجم هذا تدريجاً فيقل عن نصف الناتج في العقدين المقبلين، وعن ثلثه في منتصف القرن، على قول أحد أساتذة الشؤون المالية في جامعة أميركية مرموقة. فيتراءى للمراقب أن"صعود"الأفريقي الأميركي، وتربعه في رئاسة الولاياتالمتحدة الأميركية، القوة العظمى ولو نسبياً أكثر فأكثر، إنما هو صدى"صعود"الشطر الآسيوي الأفريقي والأميركي الجنوبي الى سدة الكوكب الاقتصادية والسياسية. وهذا الاتفاق، إذا صدقت الملاحظة، يفترض رابطاً بين الولاياتالمتحدة الأميركية وبين العالم يجعل من الأولى مرآة الثاني، وحجرة أصدائه. ويبدو هذا الرابط، على هذه الصفة، غريباً بعض الشيء. ففي الأعوام الأخيرة، وليس حدها 15 أيلول سبتمبر 2008، يوم انفجار الأزمة المالية وإعلانها على الملأ، بدا أن كراهية أميركا هي أكثر"الأديان"أو المعتقدات رسوخاً وشيوعاً ويسراً. فلا يتلفظ بالاسم حتى تكر سبحة الكوارث المادية والمعنوية: العراق، أفغانستان، فلسطين، أبو غريب، غوانتانامو، التلوث كيوتو، الانتشار الذري، المشتقات المالية... وغيرها على شاكلتها. ولا يقتصر هذا على الشرق الأوسط، الضيق أو الأكبر. وعلى رغم هذا، ففي ختام"سنوات بوش"، المتصوِّرة في صورة قرون وسطى معاصرة وآفلة، تشد الانتخابات الرئاسية الأميركية، وهي الأطول قياساً على مثيلاتها منذ قرن على زعم بعض المؤرخين الأميركيين، طوال 11 شهراً متصلة أنظار الناس في جهات العالم الأربع. ولابست الأشهر هذه حوادث جسيمة، من التيبيت الى الألعاب الأولمبية ببكين، ومن خلافة ميدفيديف بوتين الى العدوان على جورجيا، ومن أزمة الرهون العقارية الى سقوط"ليمان براذرز"وتبدد بضعة تريليونات من الدولارات في انهيارات لم تهدأ بعد. فبدا العالم، عالمنا الأرضي،"جمهورية"واحدة، على قول صحيفة أميركية، تخوض انتخابات مشتركة. فتلاحظ محطة"صوت أميركا"، وهي تذيع برامج ب45 لغة وتتوجه الى جمهور يعد 134 مليوناً، اهتماماً غير مسبوق. ويتصدر المرشح الأفريقي الأميركي الاهتمام غير منازع. فيقترع له، في استطلاعات الرأي، 70 في المئة من"الناخبين"الألمان، و75 في المئة من"الناخبين"الصينيين. ويكتب أحد محرري"نيوزويك":"تبنت آسيا أوباما ولداً من أولادها بذريعة نشأته الأولى أندونيسيا، ونسبته أفريقيا إليها وحملته على والده الكيني، والشرق الأوسط رأى فيه صورة اسم والده حسين". ويبدو هذا دليلاً لا لبس فيه على مكانة الولاياتالمتحدة قطباً دولياً مركزياً، وعلى دوام هذه المكانة الى اليوم، على رغم النكسات والخيبات. فپ"أميركا"هي الداء والعلة، ويترتب على انحرافها عن نهجها وتقاليدها تخبط العالم في الأزمات. وهي الدواء والعلاج. ويعوِّل أناس لا يحصون، في أرجاء الأرض، على ربان المركب الكبير الجديد ليعود بپ"الأمة العظيمة"وپ"الاستثنائية"، والعالم معها، الى جادة الرشد القويمة والسديدة. فكأن من ينتدبون"شيخ"سناتور إيلينوي، الخلاسي والمهجن، الى تقويم السياسات الأميركية وترشيدها، بالعودة الى"القيم الأميركية"نفسها واستئنافها "الناس الذين واصلوا العقيدة الأميركية"، على ترجمة الوكالات الفقرة هذه من خطبة أوباما في 4 - 5 تشرين الثاني/ نوفمبر ليسوا الناخبين الأميركيين وحدهم، أو"نحن، الشعب"على قول استهلال وثيقة مؤتمر فيلادلفيا الدستوري 1787، بل هم ناخبو العالم السياسي المعولم. وهو عالم كان للأميركيين فيه، بخيره وشره، السهم الكبير. فالقرن المنصرم، على تأريخ الرئيس الرابع والأربعين وتقويمه وعلى تأريخ كثرٍ غيره،"قرن أميركي". ففي الأعوام المئة وستة من عمر آن نيكسون كوبر - الناخبة المعمرة السوداء التي أدلت بصوتها بأتلانتا بضغط على شاشة، وخصها أوباما بربع خطبته الأخيرة - وسع النساء الأميركيات والسود الملونين الأميركيين الاقتراع أسوة بمواطنيهم، ونهضت النساء وپ"تكلمن وأدلين بأصواتهن في صناديق الاقتراع"أسوة بالرجال، وسارت السيارات على الطرف ومخرت الطائرات الفضاء، وحين انتشر الركود في الأرض 1929 - 1936 قهر"الشعب"الخوف بپ"عقد جديد""نيو ديل""ومرافق عمل جديدة، وشعور متجدد بالغاية الجامعة"، وحارب"الشعب"هذا الطغيان النازي حين غزا العالم. وقاتل بأوروبا وآسيا"في سبيل إنقاذ الديموقراطية"، وخاض معركة الحقوق المدنية في الداخل وانتصر فيها،"ومشى رجل على سطح القمر، وانهار جدار برلين، واتصل العالم بعضه ببعض بواسطة علومنا وخيالنا". وهذه الفصول والحلقات من تاريخ الأميركيين، يرويها الرئيس الجديد على مثال حكاية عائلية متصلة. الاستثناء العرقي وهذه الحكاية لا تنفرد بها"أميركا"، وليست حكراً عليها، ولا يرويها باراك أوباما على هذا النحو. ولكن الشطر الراجح منها و"الراجح"لتفادي"الأعظم"الخطابية هو من صنع أميركي حقاً. فالمساواة، على ما لاحظ"فقيه""الثورة الديموقراطية"ألكسيس دوتوكفيل في 1835، ركن الحقوق السياسية ومقدمتها، هي عقيدة أمة المهاجرين أولاً. وحركة الحقوق المدنية، مقدمة حقوق الإنسان وركنها الفعلي، معينها التاريخي والعملي أميركي. والحركات النسوية تكاد تكون حركات"بلدية"، وعاميات مدينية أميركية. والعقد الروزفلتي لا يزال مثال"اقتصاد السوق الاجتماعي". ومن الحرب الثانية الى انهيار الشيوعية السوفياتية، اضطلعت الولاياتالمتحدة الأميركية بالدور الأول في مصائر البشرية الاقتصادية والسياسية والثقافية والعلمية والتقنية "علومنا وخيالنا"، على قول الخطيب مكنياً ومستحياً. ولا ريب في أن هذا كله، أي العالم الحديث والمعاصر وأركانه، هو ثمرة"الأنوار"الأوروبية وذريتها. وشعار حملة المرشح الطويلة والمتماسكة، على رغم استطالتها وجبهتيها الكلينتونية ثم الماكينية، ولازمة الخطبة الأولى بعد الفوز،"في مقدورنا صنع تاريخنا"، نازع"الأنوار"العميق الى الاضطلاع بتبعات الإنشاء التاريخي، وتقديم الآتي على الموروث والتقليد والمألوف، والإعداد له والتوجه عليه. والتاريخ الأميركي، المنقطع تكويناً من تراث"النظام القديم"الأوروبي، ومن مراتبه وطبقاته وإلزاماته وقيوده ومحافظته وأهوائه، وسعه إعمال روح"الأنوار"، وإنجاز ثورته المساواة الديموقراطية، من غير القيام على"النظام القديم"، أو الانقلاب عليه انقلاباً دامياً خلف في الأبنية السياسية والاجتماعية، المولودة من الانقلاب، منازعات وضغائن وثارات لم تندمل إلا بعد عقود طويلة. والاستثناء العرقي لا يكذب الحل هذه. فهو، على رغم الفرق والتفاوت اللذين نصبهما في قلب المجتمع الأميركي، أرسى الهوية الأميركية السياسية المشتركة،"البيضاء"، على نقيض اجتماعي وطبيعي تماسكت به، وفي مواجهته، ونهض هو قرينة مزمنة على نقصانها وپ"تناقضها". فكان الاستثناء العرقي محركاً تاريخياً لم يكف، الى اليوم، عن دعوة المجتمع الأميركي الى تلبية نداء الدمج والاستيعاب والتمثل الذي يقوم من بنيان المجتمع هذا وتجدده مقام الدورة الدموية من الحياة العضوية. فأمة"الخليط"، خليط الأعراق والطبقات والأمم واللغات، تأتلف من مصادر متفرقة ومختلفة، على شرط أن تتجرد المصادر هذه من فروقها الظاهرة والصلبة، وترضى الاقتصار على المواطنة والهوية الدستوريتين والعلنيتين. وما يعصى الاقتصار هذا، شأن المصدر الأفريقي، والمصدر"الإسباني"الهندي على قدر أقل، يحمله التقليد الأميركي على الانتهاك، ويخرجه من الشراكة الدستورية والوطنية، من الضم والدمج وتوسيع"الحدود". ولكن التقليد نفسه يبقي المصدر الأفريقي، والمصادر"المارقة"الأخرى، على تخوم الجماعة الوطنية، وداعياً مقيماً الى الضم والدمج في صلبها، معاً وجميعاً. التباس سندريلا ولا ريب في أن مثال السياسة الذي ابتدعه باراك أوباما، وجسده واحتذى عليه معاً وفي آن، مثال يجمع البساطة الى التركيب، ويُعمِل موارد التقليد الأميركي الحقوقي والقضائي. والحق أن سبر معاني الشغف العالمي بحملة أوباما، وبالمرشح وسيرته وخطابته، سبراً دقيقاً، بعيد من المتناول. ولا يبعد أن يضطلع مثال السياسة الإرادي وليس الإرادوي وعلى الضد منه، والبصير بالمعوقات والعقد العسيرة والعصية، والداعي الى إجماع موضعي وطوعي وجزئي قبل الإقدام على إجراءات لا يحملها المتعاقدون على منطق"ما يربحه المتعاقد أي الخصم هو خسارة لي وما أربحه أنا هو خسارة يمنى بها هو"، والمعول على الوقت، لا يبعد أن يضطلع مثال السياسة هذا بدور راجح في تأليب جمهور"جمهورية العالم"، وجمعه على الإعجاب بالأسود الأميركي ومباشرته السياسة، وركضه في مضمارها وسبقه فيه. وقد يصح حمل الإعجاب والتأييد هذين على إكبار مثال سياسة ليبرالي وديموقراطي، وإكبار بصيغته الأميركية التي مر وصفها، ونشدانها نفي القسر والتعسف والعمودية من المنازعة السياسية والعامة. هذا إذا صدق أن الإعجاب هو تأييد، وأنه يتخطى الانبهار بحكاية سندريلا أو ب"حكاية نجاح"اليتيم في العثور على نسب ملكي صريح. فالمثال ملتبس. وهو قد يحمل على كناية عن بلوغ الفقير والضعيف والمنبوذ سدة السلطان العظيم بالرفق واللين والحيلة، فيمثِّل على حال العالم، وانقلابه من غلبة الغربي والأبيض الى غلبة الملون والمستضعف. وهذا تأويل صراعي على منطق موازين القوة. وهو قد يحمل على نموذج يتيح معالجة الشطط والمظالم والانحراف من طريق المنازعة السياسية والعامة، المنضبطة على قواعد صارمة تقر للمتنازعين كلهم بالحق في الخلاف والعلانية والحماية. وعلى هذا، ينهض الرئيس الأميركي المنتخب نقيضاً أو ضداً للزعماء السياسيين وپ"الرؤساء"من أمثال محمود أحمدي نجاد أو خامنئي من ورائه وفوقه وفلاديمير بوتين وهوغو تشافيز أو إيفو موراليس البوليفي، بعد تنحية جوزيف كابيلا وبشار الأسد وموغابي وقديروف وأمثالهم عن المقارنة. وعلى خلاف التباس دلالة الإعجاب العالمي، واحتماله معنيين مختلفين، تبدو دلالة الاقتراع الأميركي واضحة ولا لبس فيها، تقريباً. فالستون مليون ناخب أميركي الذين أيدوا باراك أوباما - وهم 52 في المئة من المقترعين، وهؤلاء نحو 64 - 65 في المئة من جملة الناخبين - تقاسمهم المرشحان، هم الشطر الغالب من 130 - 135 مليون ناخب أميركي، قسمة عادلة. ففي باب الجنس اختار 49 في المئة من الناخبين الذكور المرشح أوباما، واختار 48 في المئة المرشح ماكين. وعلى حين اقترع 56 في المئة من النساء الناخبة للمرشح الديموقراطي، اقتصر اقتراعهن لخصمه على 43 في المئة. ويتعدى الفرق، وهو 13 نقطة، في الباب هذا الفرق العام، وهو 5 - 6 نقاط 52/ 46 - 47 في المئة على نحو"غير عادل"أو مجحف. وتنقلب الآية في باب اللون أو العرق. فاقترع 55 في المئة من الناخبين البيض لماكين، وأيد 43 في المئة منافسه الأسود. وتميل الكفة ميلاً صارخاً في بابي الناخبين السود والإسبانيين: فلم يقترع غير 4 في المئة من السود للجمهوري الأبيض، نظير 95 في المئة للديموقراطي الأسود. وبلغ عدد المقترعين الإسبانيين للمرشح ماكين نصف عدد من اقترعوا منهم لمنافسه الملون 66 في المئة. وپ"الاختلال"الأخير هذا يجري عليه اقتراع من سنهم 18 الى 29 سنة: فهؤلاء انتخب 66 في المئة منهم المرشح"الشاب"، واقتصر من قدموا عليه منافسه على 32 في المئة. فكان الناخبون البيض أعدل فئات الناخبين انتخاباً في ميزان الأعراق والألوان. واشتط الناخبون السود في ميلهم. وقد يقيد دلالة الشطط العرقية اشتطاط الشباب، وميلهم الحاد الى مرشح دون آخر. ويقيدها، على قدر أقل، ترجيح النساء كفة أوباما. وتستوي النسبتان، في باب فئة الناخبين البالغين 30 الى 44 سنة، على متوسط الفرق العام: 52 في المئة اقترعوا لأوباما نظير 46 في المئة لخصمه. ويعدل ناخبو فئة 45 - 64 سنة، فيقسمون أصواتهم بين المرشحين قسمة سواء: 49 في المئة لكليهما. ولا يبالغ ناخبو فئة 65 سنة وما يزيد، فيقدم 53 في المئة منهم المرشح المسن 73 سنة على الفتي 45 في المئة من أصوات الفئة. ويبعث باب المداخيل الاختلال: فمن ينقص دخلهم السنوي عن 50 ألف دولار، وحصة الملونين والنساء والشباب منهم كبيرة، اقترع 60 في المئة منهم لداعية إصلاح الرعاية الصحية عاجلاً. وتقدم أوباما ماكين في باب هؤلاء 22 نقطة مئوية. ولم يرجح ذوو المداخيل المتوسطة 50 الى 100 ألف دولار والعالية 100 ألف وما يزيد كفة ماكين، صاحب المنازل السبعة والثلاث عشرة سيارة، على كفة من لم يفرغ بعد من تسديد قرض دراسته في بعض أعلى الجامعات الأميركية مرتبة. فاقترعوا 49/49 و49/50 في المئة. ووسع المرشح الديموقراطي انتزاع ولايات إلى صفه كانت معاقل جمهورية. فاستمال ولاية نيفادا 5 مندوبين في الغرب، وكولورادو 9 مندوبين ومكسيك الجديدة 5 مندوبين في الجنوب المحافظ وپ"الرجعي". وأقامت تكساس، وحدها من الولايات الكبيرة 34 مندوباً، على عهدها الجمهوري الثابت. وكسب انديانا 11 مندوباً من جديد، والولاية كانت اقترعت لكلينتون قبل أن تقترع مرتين لبوش الابن. والى انديانا كسب معقلين من معاقل الجمهوريين لم يفلح كلينتون في شدهما الى ولاياته هما فرجينيا 13 مندوباً وكارولاينا الشمالية 15 مندوباً، وتوج أوباما موجته بصيد ثمين صد كلينتون كذلك هو فلوريدا 27 مندوباً، ند تكساس تقريباً. ولكن المرشح الشمالي، وشيخ ولاية إيلينوي، قصَّر عن الفوز بولايات الجنوب الأربع، ميسوري وأركنساو ولويزيانا وهاتان فاز فيهما شيوخ ديموقراطيون وجورجيا، الى الشرق، وبولايتي الوسط، كنتاكي وتينيسي. وهي ولايات فاز بها كلينتون الديموقراطي. وكانت وراء زعم راج، وبعث على التشكيك في حظوظ أوباما بالفوز. فذهب المراقبون الى أن المرشح الديموقراطي الأوفر حظاً هو القادم من الجنوب، والقادر على كسب ولايات الجنوب الى صفه. والبرهان القاطع هو آخر رئيسين ديموقراطيين منذ 1968، كارتر وبيل كلينتون، جاءا من الجنوب. ولكن ما قصر عنه الرئيس المنتخب عوضه بعض الشيء بالفوز في كارولاينا الشمالية وفلوريدا، على ما مر للتو. والفوز ب56 مقعداً في مجلس الشيوخ من 100، وبمقعدين من المقاعد الأربعة المعلقة، يقرب الديموقراطيين، وبعضهم مترجح الرأي والاقتراع، من الفوز بغالبية تطلق يدهم في هيئتي التشريع والرقابة. والمقارنات هذه تنم بصدور النتائج الانتخابية المثلثة، الرئاسية والمشيخية والنيابية، عن تماسك انتخابي قوي، وليس عن طفرة مزاجية أو ظرفية. فشيخ إيلينوي رفع بناءه على بنية ديموقراطية حزبية عريقة، بعثها وجددها وزاد عليها مسحته الملونة والعمرية والاجتماعية. فما يسميه بعضهم"ثورة أوباما"هو، حقيقة وفعلاً، ثورة أميركية تبلورت من تحت، وثمرة حركة انتشرت في أرجاء الجسم الأميركي على مقادير متفاوتة من غير شك، ولكنها لا تخرج على التناسب والتوازن العامين إلا في حال العرق. * كاتب لبناني نشر في العدد: 16656 ت.م: 10-11-2008 ص: 29 ط: الرياض