تعتزم الاحزاب الاسلامية الشيعية خوض الانتخابات المحلية المقبلة بقوائم منفردة في المحافظات الوسطى والجنوبية والدخول في ائتلاف واحد في المحافظات المختلطة طائفيا وعرقياً، في ظل بروز خلافات بين أكبر حزبين شيعيين"المجلس الأعلى الإسلامي العراقي"بزعامة عبدالعزيز الحكيم و"حزب الدعوة"بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي، الذي صرح أمس بأن"مجالس الاسناد العشائرية في جنوب البلاد ليست مشروعاً حزبياً انما تعود للدولة"، وذلك رداً على انتقادات وجهها"المجلس الاعلى"اهم حلفائه في الائتلاف الحاكم. ويحول الصراع على السلطة والمكاسب وصلاحيات المحافظات ونوعية الحكم وهاجس السيطرة على مجالس المحافظات، فضلاً عن رغبة كل حزب اختبار شعبيته، من دون دخول تلك الاحزاب في ائتلاف واحد في المحافظات الشيعية. وبرزت خلافات في الآونة الاخيرة بين القطبين الشيعيين الرئيسيين"المجلس الأعلى"و"حزب الدعوة"ابرزها سعي الحكومة العراقية الى تشكيل مجالس الإسناد من عشائر محافظات وسط العراقوجنوبه، ما رفضه"المجلس الاعلى"معتبراً ان"هذا الاجراء غير دستوري ولا قانوني"ويشكل عامل دعم ل"حزب الدعوة"على حساب الاحزاب الاخرى. واوضح المالكي خلال ترؤسه اجتماعا مشتركا للجان المصالحة الوطنية ولعشائر في بغداد أمس ان"مجالس الاسناد العشائرية ليست مشروعا حزبيا ولا يمكن ان تكون لصالح حزب معين"مؤكداً ان"عملها يعود للدولة ويخدم المصلحة العامة". وشدد على"الغاء اي مجلس اسناد تثبت تبعيته لحزب معين". وتابع"نريد ان تكون مؤسساتنا الحكومية واجهزتنا الامنية وقواتنا المسلحة وعشائرنا ضمن اطار الدولة وان لا تعمل تحت إمرة اي حزب او جهة"وطالب ب"معالجة المشاكل والاخطاء في مجالس الاسناد". وقال ان"المصالحة الوطنية حققت نجاحات كبيرة ونريد التقدم للوصول الى مزيد من هذه النجاحات". وبدأت الحكومة قبل فترة تشكيل مجالس اسناد من العشائر في المحافظاتالجنوبية، أسوة بمجالس الصحوة التي تحارب"القاعدة"والجماعات المتطرفة في مناطق العرب السنة. وانتقد"المجلس الاعلى"الاسبوع الماضي تشكيل المجالس من دون التنسيق مع الحكومات المحلية في المحافظاتالجنوبية، معتبرا ان الامر"غير دستوري ولا قانوني". وتبادل الحزبان الاتهامات خلال الاسابيع الماضية، إذ اتهم "المجلس الاعلى"في بيان"حزب الدعوة"بتوظيف امكانات الحكومة لمصلحة الحزب، واعتبر تشكيل مجالس الاسناد تهدف لتحقيق مصالح انتخابية، فيما اتهم قياديون في"الدعوة"المجلس بمحاولة الاستئثار بالسلطة في تلك المحافظات وتمويل انشطته من موازناتها. ويبدو ان"حزب الدعوة"يدرك انه من الصعب التفريط بحليفه الاستراتيجي خصوصاً وانه لا يمكنه البقاء على رأس الحكومة من دون دعم نواب"المجلس الاعلى". لذلك آثر"حزب الدعوة"عدم الرد على بيان"المجلس الأعلى"، لكنه اعتبر ان"البيان يتضمن مواقف سلبية واتهامات وأحكاما مستعجلة فيما يتعلق بدور رئيس الوزراء واهتمامه بالعشائر التي واجهت القاعدة والخارجين على القانون"، مشيرا في توضيح اصدره امس الى أن هذه"المواقف لم تقرأ بواقعية". مضيفاً ان"حزب الدعوة"قدم رده التفصيلي على هذه المسائل الى"المجلس الأعلى"من دون إعلانه في وسائل الاعلام، داعيا"المجلس"الى"حل المشاكل بالحوار والتفاهم". في غضون ذلك، كشف مصدر في"المجلس الاعلى"اشترط عدم ذكر اسمه ل"الحياة""وجود"اندفاع كبير من جانب التيار الصدري باتجاه المجلس"مشيرا الى"تقارب كبير بين الطرفين". وأوضح المصدر ان"هذا التقارب يسعى الى تعزيز الاستقرار في المحافظات الشيعية وصوغ تحالف جديد بين الحزبين". ولم يستبعد دخول"المجلس الاعلى"والتيار الصدري في تحالف لخوض الانتخابات المحلية المزمع اجراؤها قبل نهاية كانون الثاني نوفمبر 2009. لكن النائب في البرلمان عن"المجلس الاعلى"ايمان الاسدي اكدت ل"الحياة"ان"المجلس لن يدخل في اي تحالفات، وسيخوض الانتخابات بقوائم منفردة في المحافظات الشيعية"، مشيرة الى انه سيتحالف مع"الدعوة"وغيرها من الاحزاب الشيعية في المحافظات ذات التنوع الطائفي والعرقي خصوصاً بغداد. وكان القيادي في"حزب الدعوة"النائب حيدر العبادي اكد ل"الحياة"ان حزبه"يسعى الى تشكيل ائتلاف سياسي من الشخصيات المستقلة والكفاءات لدخول الانتخابات المحلية المقبلة في المحافظاتالجنوبية". واشار الى وجود"تفاهم مع المجلس الاعلى للدخول في قائمة موحدة في محافظاتبغداد والموصل وصلاح الدين وديالى". وعن سبب رغبة الاحزاب الشيعية في خوض الانتخابات المحلية منفردة في المحافظاتالجنوبية، قال القيادي في حزب الفضيلة النائب باسم شريف ان"تلك الاحزاب تريد اختبار شعبيتها ومعرفة الحجم الحقيقي لها في تلك المحافظات". لكن مصادر مطلعة قالت ل"الحياة" ان"بين الاسباب رغبة تلك الاحزاب في السيطرة على مجالس المحافظات منفردة، خصوصاً ان حصة المحافظات الشيعية التسع بابل، النجف، كربلاء، واسط، الديوانية، المثنى، ذي قار، ميسان والبصرة من الموازنة الاتحادية لعام 2009 التي تقدر بنحو 80 بليون دولار تبلغ أكثر من 12 بليون دولار، فضلاً عن الاستثمارات الخارجية حيث بدأت تستقطب شركات عربية واجنبية والسياحة الدينية. ويقر النائب باسم شريف بوجود خلافات بين الاحزاب الشيعية، قائلا ان"حزب الفضيلة يختلف مع بعض الاحزاب المشكلة للائتلاف الشيعي خصوصاً بشأن صلاحيات المحافظات وهوية العراق العربية". واضاف"نريد لا مركزية ادارية تكون فيها صلاحيات الحكومة المركزية اقوى من صلاحيات الحكومات المحلية، ونسعى الى تعزيز هوية العراق العربية من خلال تضمين الدستور فقرة تنص على ان العراق جزء من الأمة العربية".