ككل التظاهرات السياسية في العالم الثالث، سجلت المسألة الديموقراطية تراجعاً بين حدة مطلبية مثقفاتية ونوعاً من الحضور السياسي الدولي في مرحلة ما بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، نعني المرحلة الانتقالية بين نظامين عالميين أحدهما أَفُل والآخر لما يتبلور بعد. ومع غياب السيرورة التي صنعت الديموقراطية في الغرب كان لافتاً حجم الاختلاط المثقفاتي بين مجموعة من المفاهيم، نعني الديموقراطية كتبادل حزبي للسلطة وكانعكاسٍ لموازين قوى اقتصادية - سياسية، وبين الحرية كمفهوم أقصى، وبين المجتمع المدني كوسيط بين الدولة والجمهور وكوسيط بين المؤسسات التمثيلية والمطالب الشعبية. الملاحظ أنه قد غاب عن هذه المطلبية أهم عنصر في أي مسألة سياسية وهو مفهوم السيرورة ونعني هنا الانتقال من المطلبية إلى التاريخانية بما فيها من تحاقب زمني ومادي ومفهومي وبالتالي نظري. كان واضحاً حجم هزال هذه المطلبية، عندما أرادت أن تغيّب أو تزوّرَ سيرورة بدأت مع التحول البرجوازي في الغرب، ودور الكنيسة الذي أسس مفهوم السلطة وتصفية آثار دور محاكم التفتيش وبلورة مفهوم التسامح إثر مئتي سنة من الحروب الأهلية وظهور الاستقطاب العلماني بعد استقطاب ديني - طائفي عيّن البروتستانت في مكان والكاثوليكية في مكان آخر في فرز لم تعرفه التجربة المشرقية التي أضفت التعددية في سياق آخر أخذ عنوان أهل الذمة، أُضيفت لكل هذا، حروب عمّت أوروبا وساهمت في تشكيل ثنائية مفهوم الحرب والسياسة الكلاوزفيتشي مروراً بحروب قومية بلورت مفهوم الدولة - الأمة وانتهت عملياً مع الحربين العالميتين، لتكون سلسلة الحروب هذه، فرصة لتشكيل مفهوم الواقعية السياسية ومبدأ السياسة الوظيفي الأداتي البراغماتي. يضاف إلى ما سبق تمت بلورة حقوق المرأة التي لم تكفِ الثورة الفرنسية ومبادئها أن تجعلها واقعاً إلا بقدر واقعية دورها في سوق العمل بعد أن خرج الرجال إلى الحرب، إذ لم يكن كافياً أن يظهر مفهوم العدالة والمساواة حتى يمنع ميرابو من أن يقول لنساء الثورة:"ماذا أفعل لكم إذا كانت الطبيعة لم تنبت لي أثداءً"، بمعنى آخر لم تتجسد المرأة كإنسان سياسي إلا بناء على دور حدده ميزان القوى فأُضيف مفهوم ميزان القوى إلى جملة المفاهيم التي أسست الديموقراطية، ولعل هذا ما يفسر لماذا لم تنل المرأة الفرنسية حقها في التصويت إلا في أربعينيات القرن العشرين. وأخيراً وليس آخراً، فقد أمنّت الوفرة المالية ? المادية الاستعمارية فرصة لبناء ديموقراطية تنتقل من الإكراه المباشر إلى غير المباشر الضبط من دون أن يكون في ذلك أدنى ثمن مُضاف إلى الحراك الاجتماعي، وهو نفسه الذي سرعان ما يعود إلى وضعيته الخام الأولى نعني الإكراه، وذلك في لحظة الحقيقة، أي في لحظة المواجهة مع الآخر سواء كان حضارة أو دولة أو إرهاباً، وهو ما يفسر كيف توقف فرنسا، أم الديموقراطيات، أي مشتبه به أربع سنوات وتبرر بريطانيا الاعتقال من دون سؤال لمدة ستة أشهر. ولكن القضية الديموقراطية ليست فقط في غياب السيرورة والاكتفاء بمطلبية بائسة ويابسة وعدوانية تلغي الآخر كما يلغيها وربما تزيد عليه، إنما في عدم حضور الفهم الواضح لكونها نتاجاً لقرار عالمي بتوحيد اللغة السياسية بين الدول ليس فقط انطلاقاً من مركزية أوروبية صنعت مرة الدولة وتريد تعميم السيطرة - الضبط على العالم بتعميم منتجها السيروري سابق الذكر أي الديموقراطية. ولشرح هذا لا بد أن نتذكر أن تأسيس الدول بعد الحرب العالمية الثانية كان بقرار دولي توافقت عليه الدول المنتصرة بعد تلك الحرب لتعميم الهوية التي تريدها لغة للعالم، ولم تكن حملة تصفية وتشذيب وربط المنظمات بدءاً من حركات تحرر الشعوب إلى الألوية الحمراء إلى الجيش الأحمر الإرلندي ونظيره الياباني... إلا بمثابة ضبط أخير لما تبقى من فلول من لا يتكلم اللغة الأساس أي الدولة. وكان لا بد من منظمة دولية تضبط اللغة نفسها وتؤطرها فجاءت الأممالمتحدة بشقيها: الثقافي أعني الجمعية العمومية التي تفسح المجال للقول الثقافي الماكرو - سياسي من دون أي نتاج أو تأثير، والسياسي ممثلاً بمجلس الأمن الذي كرس ميزان القوى العالمي وشدد تحت الفصلين السادس والسابع القدرة على التلويح بالعصا ومن ثم استخدامها ليكون هو السياسة أو بالأحرى الميكرو - سياسة. هنا ضبطت المسألة وتحولت الشعوب إلى دول تنصاع لإرادة ميكرو سياسية ينظمها الكبار. بعد انهيار الاتحاد السوفياتي تداعى رهط من مثقفي الولاياتالمتحدة الأميركية، المحافظون الجدد، تربى بعضهم على خلفية تروتسكية تؤمن بثورة مطلق ثورة مستمرة تحولت عن الاشتراكية والليبرالية إلى الديموقراطية لأسباب عدة أولها تعميم النموذج الأميركي على العالم كهوية سياسية وثانيها إعادة توزيع القوى العالمية كنوع من الغنيمة الإستراتيجية وهي ما تمنحها، عبر الديموقراطية في دول لم تحقق كل المنجز السيروري سابق الذكر، فرصة السيطرة من دون الحاجة للمرور عبر الدولة ذاتها. أسس المحافظون الجدد نظريتهم عن تعميم الديموقراطية بناء على فلسفة ليو شتراوس وألان بلوم التي تقسم السياسة إلى فلاسفة يمتلكون الحقيقة وسادة يُعْطون جزءاً منها والرعاع أي الشعوب التي يجب أن تخضع لما يخططه السادة: فالرجال المتفوقون الفلاسفة هم الذين يقدمون للقطيع كل ما يحتاجه من معتقدات دينية وأخلاقية وغيرها، على رغم أنهم يعرفون في قرارة أنفسهم أن هذه المعتقدات كلها أكاذيب. يقول نيتشة إن هؤلاء الرجال المتفوقين"كهنة ملحدون"أما شتراوس فيدّعي أن أكاذيبهم هي"أكاذيب نبيلة"وبالطبع فهم لا يفعلون ذلك حباً بالخير، ذلك أن نيتشة وشتراوس يهزآن بالمحبة وحب الخير للجميع ويصفان هذه الأفعال بأنها غير جديرة بالآلهة أو بالرجال أشباه الآلهة. بل إن هؤلاء"الفلاسفة"يستخدمون هذه الأكاذيب ليصنعوا المجتمع وفق مصالح هؤلاء"الفلاسفة"أنفسهم. والفلاسفة بحاجة لأصناف مختلفة من البشر لتخدمهم، ومنهم" السادة"، تلك الكلمة التي أدهشني استخدامها سابقاً، عندما استخدمها"بلوم"في حديثه عن محاكمة سقراط. وبدلاً من: تعليم داخلي يقتصر على فئة معينة أو التعليم السري، يتلقى هؤلاء"السادة"تدريباً عقائدياً في التعليم"الخارجي للجمهور"أو التعليم العام. فمنهم من يُدربون على الإيمان بالدين والأخلاق وحب الوطن والخدمات العامة، وبعضهم يدخلون في الحكومة. لنأخذ مثالاً على ذلك وزير التربية السابق ويليام بينيت وكتابه"كتاب الفضائل". وبالطبع فهم يؤمنون، إلى جانب كل تلك الفضائل التقليدية"بالفلاسفة"الذين علموهم كل تلك الأشياء الخيّرة. وهؤلاء"السادة"الذين يصبحون ساسة ورجال دولة، يستمرون بتلقي النصح من الفلاسفة. وحكم الفلاسفة من خلال رجالهم الذين دخلوا في الحكم هو ما يسميه شتراوس"المملكة السرية"للفلاسفة. والمملكة السرية هي الهدف الذي يسعى كثيرون من تلامذة شتراوس"الداخليين"لتحقيقه في حياتهم. تلك الخصائص الغريبة التي وجدها طوني بابرت، لم يكن سببها فقط أثر تعاليم نيتشة في شتراوس وبلوم، بل وأيضاً إصرار شتراوس على وجوب إخفاء الحقيقة، وهذا ما لم يشارك فيه نيتشة بهذه الصيغة. فهو يؤمن بأن الحقيقة إن عرفت قد تدمر المجتمع والفلاسفة على حد سواء، ويقول هنا: إن أفلاطون والفلاسفة القدامى، كتبوا بنوع من الرموز لا يتكشف معناها الحقيقي إلاّ للحكماء، وإذا تصادف واطلع الغوغاء على هذه الكتب فلا يجدون فيها إلاّ الخرافات المألوفة حول الثواب للفضيلة والعقاب للرذيلة وما شابه ذلك. إذا المشروع ليس نقلاً أخلاقياً للديموقراطية إلى دول عفت عنها سيرورة إنتاجها، إنه بكلمة واضحة مدخل إلى السيطرة وهو ما سيشرحه الفلاسفة الجدد للمحافظين القدامى: برنارد لويس وفؤاد عجمي وسيعمل على تنفيذه"السادة"أمثال زلمان خليل زادة وبولتون ورامسفيلد وتشيني... وستسبح ببركاته الأكاديمية القادمة من هارفرد والمتشيعة على خطوط التماس بين تيار التمامية المسيحية والشتراوسية كوندوليزا رايس. هؤلاء لا يمكن اعتبارهم روادا لليبرالية فهم ضدها حتى العظم وضد التاريخانية والنسبوية ولهذا إذ أردنا أن نفهم عقلية تيار المحافظين الجدد في الولاياتالمتحدة، فإن علينا أن نراهم باعتبارهم خياراً ثالثاً بين الليبرالية التي أقامت موقفاً متسامحاً إزاء أفكار الآخرين، وهو غير مقبول لدى من يؤمن بحقيقته المطلقة، وبالتالي إزاء الحقيقة، حيث لكل الناس حقيقته وهو غير مقبول منهم، وبين التاريخانية التي تعتبر أن القيم متغيرة بتغير التجربة والتاريخ الخاص لكل المجتمعات ولكنهم بالتأكيد ضد النسبوية لأنهم لا يريدون إلا أن تكون الحقيقة مطلقة، فهم يريدون أن يكون العالم كله ديموقراطياً في كل المؤسسات والنظم السياسية، لتسهيل ضبط وحكم العالم معاً، لكنهم لا يريدون أية ليبرالية نسبوية في القيم الاجتماعية حيث أن الهدف هو ضبط المجتمعات أو المجموعات البشرية في المآل الأخير عبر منظومة من القيم الدينية التي يعززها علمانيون! لاعتبارات براغماتية محض يمارسونها عندما تكون المسألة مرتبطة بمشروعهم، على رغم رفضهم لكل قيم الحداثة بدءاً من الميكيافيلية إلى البراغماتية إلى الأداتية إلى الوظيفية. ينطلق المحافظون الجدد من فكرة شتراوس التي تتركز على العنصر الأول المتمثل في رؤيته بأن الديمقراطية يجب أن تكون قوية بصورة كافية حتى تستطيع أن تقف في وجه الطغيان الذي يشكل الخطر الأمثل على البشرية. وهذا التوصيف الأخلاقي لا يكتفي بالبقاء أمام الجرعة الإيديولوجية الأخلاقوية التي ستدغدغ الرعاع من الشعوب بمن فيهم المثقفون المطلبيون، لأنه سينتقل عملياً إلى نموذج آخر هو تنميط العالم تمهيداً لإحكام السيطرة عليه. وهو ما سيقدمه برنارد لويس وفؤاد عجمي في نظريتهما عن ضرورة إنهاء القومية العربية وإحكام السيطرة على الشعوب في المنطقة وخصوصاً في الشرق الأوسط عبر إنهاء الأنظمة المركزية التي وحدت ما لا يوحد وهو الطوائف والعشائر والقبائل والأديان... وكل التظاهرات ما قبل القومية وبالتالي وعبر تدمير هذه الأنظمة بشعارات أخلاقوية كإزالة الطغاة يمكن العودة بها إلى وضعها الأساس أي إلى التشظي الماقبل قومي: الديني، الطائفي، العشائري، القبائلي، المناطقي، الحاراتي... أي إلى العماه Chaos الذي ليس هو الفوضى كما يترجم خطأً فهم يرون هذه المنطقة كعماه غير قابل للتنظيم، ويعتبرونها ساحة عميات للانتقال إلى النظام العالمي الذي يرونه أحادي القطب يسجل ميزان القوى النوعي الذي تأسس بعد انتصار الولاياتالمتحدة الأميركية على الاتحاد السوفياتي منفردة!!، وهي طريقة الأميركيين في ضرب المناطق الضعيفة والغنية لإرهاب الكبار من ناحية والإمساك بصنبور وشريان حياتهم أعني النفط ودفعهم إلى حافة المأزق برفع سعره إلى الحد الذي فلت منهم وأغرق العالم في تجويع وإفقار متتالٍ لا يتوقف. فالطغيان والتوتاليتارية، كلاهما عند شتراوس نتاج لنمو ترافق مع رفض القيم الأخلاقية والفضيلة. وهذا نتاج كما أسلفنا للتاريخية الفلسفية عند ماركس وهيغل والتي أنتجت رفضاً لأي قيمة عليا، ولليبرالية النسبوية التي اعتبرت أن كل المواقف الأخلاقية نسبية في المآل الأخير، مما أفقد المجتمعات الصناعية والمعصرنة في كل من الاتحاد السوفياتي وحتى الولاياتالمتحدة أهمية الاعتراف بمرجعية عُليا أخلاقية تكون مقياساً للخير دون الشر. وعلى هذا فإن الاتحاد السوفياتي والولاياتالمتحدة الأميركية يتساويان عند شتراوس خُلقياً الأمر الذي يستدعي لديه ولدى من سيأتي بعده ثورة على السياسة، التي تحرّم القيمة الأخلاقية التي تعتبرها مضافة إلى العمل السياسي، وهنا يضفي شتراوس كغيره من الفلاسفة مجموعة من الحمولات الأخلاقية على السياسة، في وقت تصّر السياسة على أن تكون فناً للممكن بينما يبقى تعريف الأخلاق ما يجب أن يكون، وهذا ما لا يريد أن يفهمه شتراوس. ومن هنا شرعن الشتراوسيون استخدام القوة، إذ يرى شتراوس أنه لا يجوز للسياسة أن تحرّم استصدار أحكام بالقيم الخيّرة، وأن من واجب الأنظمة الخيرة أن تدافع عن نفسها في مواجهة الأنظمة الفاسدة. وهذه الرؤية ستحكم عقلية اليمين الجديد التي ترى في نظامها السياسي ذروة الخير وأنظمة الآخرين ذروة الشر، وفق مانوية في أبلغ تجلياتها الاستبدادية الصرف تنهى عن خلق وتأتي أبشع منه، على رغم أن شتراوس نفسه لم يكن يعتبر النظام السياسي في الولاياتالمتحدة كأكثر من أقل الأنظمة سوءاً، إلا أن تلامذته من أمثال ألان بلوم وبول وولفونيتز ووليام كريستول قد فرّخوا من يعتبر بأن نظام الولاياتالمتحدة الأميركية هو مثال الخير الذي يجب أن يستعمل كل وسائل القوة لفعل ذلك الخير إلى الآخرين! ومن أمثال هؤلاء ريتشارد بيرل ودوغلاس فيث واليوت ابراهامز… الذين استطاعوا أن يستثمروا لحظة"الغباء في التاريخ"، أعني الخطأ القاتل الذي ارتكبته منظمة"القاعدة"، كي يستولوا على القرار السياسي للحرب وعلى جزء مهم من القرار والممارسة الديبلوماسية بتغييبها لصالح استعمال"القوة". وهؤلاء الذين يشرعنون استعمال القوة ينهلون أيضاً من تلامذة شتراوس من أمثال والتر بيرنز وهارفي مانسفيلد وهاري جافا الذين اعتبروا أن مؤسسات الولاياتالمتحدة الديمقراطية هي المرجعية التي يجب اعتمادها في العالم كمثال… للخير!. هذا هو البعد الإيديولوجي المفرط في تداول نظرية القوة لأجل أو القوة لغاية، وهي التي على أساسها يتم نقد الأممالمتحدة ومجلس الأمن لعدم قدرتهما على ردع الخطر الاحتمالي وهو ما أسس لفكرة الحرب الاستباقية، تماماً كما فعلت عصبة الأممالمتحدة مع ألمانيا، عندما اعتمدت المسايرة والاحتواء والحوار مع نظام قمعي نازي خطير على الديموقراطية، وهذا ما نظَّّر له ريتشارد بيرل أمير الظلام كثيراً قبل الحرب على العراق التي حولت النظام الطاغية حسبما روجوا إلى عماه خلاق. ومن هنا يسير ريتشارد بيرل وصحبه على قاعدة أن طبيعة الأنظمة هي الأهم في التعاملات الدولية، فإذا لم تكن ديموقراطية فإن ليس لأحد من الأنظمة الديموقراطية أن تتعامل معها، بل يجب أن تقوضّها وتحرص على ألا تقوم المنظمات الدولية تحت عنوان وذريعة"حفظ السلام الدولي"بتهيئة الظروف لاستمرارها، وهنا بالذات إذا فعلت تلك المنظمات ذلك، فإن الضغط يجب أن يكون عليها أيضاً ولا مانع من إضعافها… وتخطيّها، وهذا ما يقف وراء فكرة ضرورة تغيير النظام الدولي بالتخلي عن الأممالمتحدة واستبدالها بنظام دولي لا يستخدم أحد فيه الفيتو إلا الولاياتالمتحدة ونظريته تقوم على الحرب الاستباقية على كل احتمالات الإرهاب أو التسلح النووي أو الكيميائي والبيولوجي مروراً بإلغاء مبدأ السيادة واستبداله بمفهوم براق:"مبدأ التدخل الإنساني"والتعويض عن مفهوم المقاومة المتأتي من مقاومة الفرنسيين للاحتلال النازي بمفهوم حل المشكلات بالطرق التفاوضية. كالعادة، تصنع سياسات الدول الصغيرة بالتماهي مع المتسلط الذي استلم زمام أمور العالم إثر تغير ميزان القوى، فإذا كانت الهوية العالمية الموحدة بالإكراه العالمي قد أسست لنظام عالمي الدولة رائزه ومرجعه، فأسست كاريكاتيرات دول دون سياقها الحداثي الذي أنتجها في الغرب، فإن هذه الهوية العالمية المتجددة اليوم في نظام عالمي تحاول إنتاج الهوية الملحقة الجديدة :الديموقراطية. * كاتب سوري.