في متحف بلدة شفيردستاون، ولاية غرب فيرجينا، والتي تبعد 160 كلم عن العاصمة الأميركية، نسخ أصلية لعقود اتجار بالعبيد من القرن التاسع عشر، موقعة من"أسيادهم"البيض وسبقت تعديل الدستور أواخر ذلك القرن وإنجازات أبراهام لينكولن لتحرير الرقيق، وصولاً الى الاعتراف بالحقوق المدنية للسود ومنعطفات المسيرة الصعبة التي قادها مناضلون مثل مارتن لوثر كينغ أو روزا باركس. الا أن وقوف باراك أوباما، المرشح الأفريقي - الأميركي الأول في الانتخابات الرئاسية، على عتبة ستة أيام من فرص دخول البيت الأبيض، يضيف لحظات استثنائية على التاريخ الأميركي وموقع الأفارقة الأميركيين فالمصالحة المتأخرة داخل المجتمع الأميركي. عقود الاتجار بمبالغ 326 دولاراً للعبد في 1838 والمعلقة على جدران متاحف ولاية كانت محطة تماس في الحرب الأهلية الأميركية بين الشمال والجنوب، لم يلحظ موقعوها يوماً اقتراب شخص بخلفية أوباما العرقية الى الكرسي الرئاسية. وتجارب مرشحين افريقيين أميركيين سابقين مثل جيسي جاكسون أو آل شاربتون، كان عنوانها الفشل لأسباب تعدت الورقة العرقية، فيما كان الاغتيال مصير مناضلين حقوقيين للأقلية 12.3 في المئة من الأميركيين مثل القس مارتن لوثر كينغ جونيور أو مالكولم أكس في منتصف الستينات. في غضون ذلك، برز تعريف"اثر برادلي"أو العامل العنصري في الانتخابات الرئاسية من السباق الانتخابي على منصب حاكم كاليفورنيا عام 1982، حين أعطت الاستطلاعات المرشح الأفريقي - الأميركي وعمدة مدينة لوس انجليس توم برادلي تفوقاً بنسب عشرة في المئة على منافسه جورج دوكمجيان في استطلاعات الرأي، لكن المرشح الأبيض فاز في النهاية بفارق أقل من 2 في المئة. التجربة لم تتوقف في الثمانينات، بل تتابعت في تسعينات القرن الماضي، وصولاً الى انتخابات الكونغرس وحاكميات الولايات أخيرا. وبرز كن بلاكويل في أوهايو، ومايكل ستيل في ماريلاند، وديفال باتريك في ماساشوستس، وهارولد فورد في تينيسي، كلهم مرشحون افريقيون أميركيون خذلتهم أرقام الاستطلاعات في انتخابات ال2006 نتيجة"اثر برادلي". وباستثناء ديفال باتريك الذي فاز بهامش أقل من الاستطلاعات في حاكمية الولاية، أحبط الناخبون آمال المتبقين وصوتوا للمرشح"الأبيض". مهندسو الحملة الجمهورية للمرشح جون ماكين يتهامسون حول"اثر برادلي"، ويرون فيه الخيار الوحيد المتبقي لإنقاذ مرشحهم بتحول الشريحة المترددة من الناخبين والتي لا تتعدى السبعة في المئة اليوم في اتجاه ماكين الثلثاء المقبل. الدليل برأي هؤلاء مثل باغي نونان وبيل غرينر وهما وجهان معروفان في الحزب الجمهوري، هو عدم نجاح أوباما في حصد الولايات الكبيرة في الانتخابات التمهيدية أمام منافسته هيلاري كلينتون وبسبب تحفظات شريحة من الناخبين على خلفية المرشح العرقية. ويضع هذا الواقع الحزب الديموقراطي بين هاجسين، الأول هو خطأ الاستطلاعات وتكرار"اثر برادلي"والثاني هو القيام باغتيال أوباما. الأجواء المشاعة في أوساط اليمين المتطرف وآخرها إحباط السلطات الأمنية مخطط"لنازيين جدد"لاغتيال أوباما،الى جانب الصيحات في التجمعات الانتخابية الجمهورية وهتافات"اقتلوه"أو"ارهابي"أو"عربي"أو خائن"، تذكر بحسب المحلل الديموقراطي بوب شرام بأجواء الستينات وتصفية الرئيس جون كينيدي في شوارع دالاس تكساس في 1963، وتترك علامة استفهام حول نتائج الانتخابات، وتحقيق أوباما انجازاً تاريخياً آخر بوصوله للبيت الأبيض ، بعدما كان خامس سناتور افريقي - أميركي يصل لمجلس الشيوخ في ال2006.