يبدأ الأمر بتلقّيك دعوةً على عنوانك الالكتروني أو بالتواتر من الأصدقاء عن دورةٍ تدريبية بعنوان Become a TV presenter. فكرة التحوّل إلى مذيعة تلفزيونية مثيرة، وهي حلم يراود كثيرات. وقبل الجزم في أمر الخضوع للدورة التدريبية أم لا، لا بدّ من إجراء بعض الاستعلامات: اتّصال هنا، استفهام هناك... قبل ان تكتمل الصورة وتبدأ الدورة التي تستغرق ثلاثة أيام فقط!. اليوم الأوّل الجلوس في قاعة صغيرة مع حوالى 15 طالباً. بعضهم يعمل في مجال التلفزيون فجاء حضوره تلك الدروس تعزيزاً لأدائه التلفزيوني، وبعضهم الآخر هاوٍ وحالم يبحث عن منفذٍ لأحلامه. الطاولات مرتفعة كما الكراسي. وسيتبيّن لاحقاً أنّها أكثر مهنية في العمل التلفزيوني، ما يسمح بإخفاء يدي المذيع بالكامل وإبراز الضروري منهما وهما الراحتان والأصابع، أي قبضة اليد. المحاضر الأوّل كان مسؤولاً سنوات طويلة عن المذيعات ومقدّمات البرامج في إحدى أهم المحطات التلفزيونية اللبنانية. يقدّم سيلاً من التعليمات حول طريقة الوقوف والتصرّف أمام الكاميرا: الأكتاف مستقيمة من غير أن تكون مشدودة ومتصلّبة. اليدان مرتاحتان من دون أن تظهِرا المذيع مهمِلاً وقليل الاهتمام... وغيره من النصائح المهمّة للعمل التلفزيوني. أمّا المحاضر الثاني في الشق النظري، فيقبل عليك بسطوته الفذّة. يتحدّث عن كلّ شيء: مقدّمة عامّة ومتشعّبة عن التلفزيون والسينما والفارق بينهما، وعن أهمية المقدّم والمسؤولية الكبرى الملقاة على عاتقه. ثمّ كلام كثير عن تمارين لتقوية عضلات الظهر والوجه، للسيطرة على الخوف أمام الكاميرا، وحمل الميكروفون... والوقفة الفضلى مع ارتكاز الجسد على الرجلين. بعدها تنتقلين إلى كيفية قراءة النص. صفحة أولى تحتوي على مقطع بسيط يُذاع تلفزيونياً تتعلّمين قراءته والتنوين والتحكّم بالصوت واللهجة والموسيقى التي يُتلى بها المقطع. صفحة أخرى محتواها أكبر حجماً، يتناوب الجميع على قراءتها بالأسلوب المطلوب تلفزيونياً، مع تطبيق كلّ القواعد التي لقنها الأساتذة سابقاً. بذلك ينتهي اليوم الأوّل بساعاته الثلاث. اليوم الثاني تُستأنف دروس اليوم الثاني مع أستاذ سيملأ الساعات الثلاث كلّها في هذا اليوم. يتابع شرحه الّذي كان بدأه في اليوم الأوّل عن تمارين التنفّس. وينتقل إلى تمرين جديد للسيطرة على الجسد كلياً، فالتلفزيون يقوم على السيطرة الكلّية، سرّ نجاح العاملين في هذا المجال. ولأنّ لغّة الجسد بالغة الأهمية، فلا بدّ من تمارين لتطويرها مع رفع منسوب لغّة العينين بواسطة بضعة تمارين. أمّا الذاكرة فقواعد وقوانين التعامل معها ستحضر أيضاً. والعواطف تلعب دوراً في ما تحفظه الذاكرة. ثم تنتهي تعليمات هذا اليوم بتلقين الجميع الأشكال التي يمكن لليدين أن تتخّذاها بين التكتيف والإغلاق أو الوضع خلف الظهر... بعدها، يحين وقت الامتحان. الأستاذ سينادي الجميع، الواحدة تلو الأخرى. وحين يحين دورك، ما عليكِ سوى تلاوة المقطع الّذي حفظتِه عن ظهر قلب، ملتزمةً كلّ قواعد التحدّث أمام كاميرا التلفزيون من دون تردّد أو تلكّؤ. كاميرا الفيديو ستكون حاضرة، وموصولة بجهاز التلفزيون على مرأى من الجميع. يُعجب الأستاذ بالقليلين، ينتقد الغالبية، وتغادرين المكان محبطة العزيمة من أدائك الذي قد لا ينال إعجاب المدرّس البتة. اليوم الثالث إنّه نهار السبت. وكأنّه يوم الحصاد. المطلوب تطبيق كلّ القواعد والنصائح التي تعلّمتها في حسن التعامل مع الكاميرا وأمامها. الصبايا يجئن مصفّفات الشعر هندامهن أنيق يليق بشاشة التلفزيون، كما الشباب. اختصاصية التبرّج حاضرة أيضاً، للقيام بما يلزم والتخفيف من اصفرار الوجه ونتوءاته قبل الظهور أمام الكاميرا. الأستاذ لن يكون حاضراً. إذ قام بمهمّاته التعليمية في اليومين الأوّلين وغاب. الشباب المشرفون يتولّون القيادة والتنبيه والإخراج في الاستديو، ويُسدون النصائح عند الحاجة. يدخل الجميع، كلّ في دوره. يعرّف الواحد عن نفسه، ثمّ يتلو النصّ الّذي تدرّب عليه وحفظه... لإظهار أدائه أمام الكاميرا والقيام ببروفا ما يُعرف بال Casting. أمّا نتيجة الدورة التدريبية، فتكمن في حصول المشاركين فيها على قرص"دي في دي"DVD يحتوي على ال Casting التجريبي فقط لا غير. للكاميرا رهبةٌ لا محالة. فهي السيّدة التي من أجلها تتابعين تلك الدورة بدروسها وتعليماتها... ثمّ تتبرجين وتتأنّقين وتتقنين التحدّث والتصرّف. هكذا، وكأنّ ذلك الجهاز الصغير يأخذك إلى هناك، ويتابع قيادته لك إلى حين وصولك، في المحطّة الأخيرة، إليه.