في موازاة الخلاف بين النقابات العمالية وأرباب العمل في ألمانيا، حول حجم الزيادات المطلوبة على الأجور أو آلية ربط تطور الأجور بارتفاع التضخم في البلاد، يتفاعل بين الطرفين، خلاف آخر حول تحديد الحد الأدنى للأجور. ويرفض أرباب العمل وحزبا الاتحاد المسيحي في الحكومة المطلب الأخير بعناد شديد، فيما يدعم شريكهما في الحكم الحزب الاشتراكي الديموقراطي مطلب اعتماد حد أدنى رسمي للأجور مثل غالبية الدول الأوروبية. وأظهرت دراسة أجراها أخيراً معهد العلوم الاجتماعية القريب من النقابات العمالية، عممتها النشرة الاقتصادية الدورية الصادرة عن غرفة التجارة والصناعة العربية - الألمانية الغرفة، أن 20 دولة أوروبية من 27 في الاتحاد الأوروبي، تعتمد منذ سنوات، قانوناً ينص على حد أدنى للأجور فيها. ولجأت 71 منها إلى رفعه خلال السنة الجارية، على خلفية التضخم الحاصل، كما أن 12 منها رفعت الحد الأدنى للأجور ابتداء من أول السنة الحالية، فيما رفعته بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ مرتين بسبب التضخم المالي. وبحسب الدراسة بلغ الحد الأدنى الوسطي للأجور في الدول الأوروبية الغربية 8.30 يورو للساعة وسجل 9.30 يورو في لوكسمبورغ. وقال خبير المعهد في تعريفات الأجور تورستن شولتن، إن الحد الأدنى في بريطانيا يتحسن باستمرار وسيصبح 5.73 جنيه إسترليني ابتداء من مطلع الشهر الجاري. من هنا تبقى ألمانيا إحدى الدول الأوروبية السبع التي لا تعتمد قانوناً عاماً مماثلاً، وإنما قوانين جزئية مشابهة في قطاعات عمل محدودة حتى الآن، اتفق عليها في السنوات الماضية بعد نزاعات سياسية شاقة بين الاشتراكيين والمسيحيين. وبسبب الخلاف حول الموضوع داخل الحكومة، لا يتوقع أحد حلاً سريعاً للمسألة التي يبدو أنها ستلعب دوراً محورياً في حملة الانتخابات النيابية العامة في خريف العام المقبل، ما لمح إليه الحزب الاشتراكي أخيراً. والدول الست الأخرى التي لا تعتمد حداً أدنى للأجور هي الدنمارك والسويد وفنلندا والنمسا وإيطاليا وقبرص. لكنها تعتمد تدابير تضمن تعريفة جيدة للأجور أفضل مما في ألمانيا. ويطالب الاتحاد العام للنقابات العمالية في ألمانيا منذ سنوات، بإقرار قانون للحد الأدنى للأجور وأن يكون أجر الساعة 7.50 يورو. وهي تعريفة تضع ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، في المرتبة السادسة بعد لوكسمبورغ 9.30، وفرنسا 8.71، وايرلندا 8.65، وبلجيكا 8.41، وهولندا 8.30. لكن أرباب العمل الألمان، ومعهم معظم معاهد البحوث الاقتصادية في البلاد، يرفضون طلب الاتحاد العام للنقابات العمالية رفضاً قاطعاً ويحذرون من لجوء الشركات إلى صرف عددٍ غير قليل من موظفيها في حال إقرار القانون. وحذر معهد بحوث الاقتصاد في برلين، في دراسة، من أن إقرار مثل هذا القانون، سيهدد مصير 002 ألف عامل وموظف ويطاول بصورة خاصة غير المؤهلين منهم. ويتخوف معهد"بحوث الاقتصاد"في ميونيخ، ومعهد إسِّن للبحوث، من تعرض أكثر من مليون فرصة عمل للضياع في حال إقراره. انتقد المصرف المركزي الأوروبي أكثر من مرة ربط الأجور بتطور الأسعار أو التضخم كما في بلجيكا، قائلاً إنه يتخوف من نشوء"رد فعل متبادل بين الأسعار والأجور يدفعها نحو الأعلى باستمرار". وأضاف إن الربط يؤدي إلى تثبيت التضخم ومعدله 5،4 في المئة في بلجيكا خلال أيلول سبتمبر الفائت، وكان الأعلى في منطقة اليورو بعد سلوفينيا.