اتّهمت الولاياتالمتحدة امس ايران بالعمل على"تقويض"و"عرقلة"الاتفاق الذي شارفت بغدادوواشنطن على ابرامه حول الوجود العسكري الاميركي في العراق بعد العام 2008. وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الاميركية جيف موريل الاربعاء في مؤتمر صحافي ان"التدخل الايراني في العراق يتخذ كل الاشكال"بما في ذلك"محاولة الايرانيين تقويض وعرقلة اتفاق وضع القوات". وكان البيت الابيض أعلن استعداده لإجراء"تعديلات طفيفة للغاية"على مسودة الاتفاق الحالية في خطوة تشير الى تراجع عن الضغط على العراق لتوقيعه. وكانت الحكومة العراقية عبرت عن قلقها واستنكارها للتحذيرات الأميركية، فيما اعلن مسؤول حكومي ان توقيع الاتفاق قبل نهاية هذا العام في حاجة الى معجزة. واعتبر رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني، الذي يزور طهران، ان"لا صيغة افضل من الصيغة الحالية للاتفاق"، فيما نصح وزير الخارجية الايراني منوشهر متقي بغداد بأخذ رأي مرجعية النجف، مشدداً على ضرورة خروج العراق من الفصل السابع لميثاق الأممالمتحدة. وفي غضون ذلك، قدم أول سفير كويتي لدى العراق منذ قطع العلاقات الديبلوماسية بين البلدين قبل 18 عاماً أوراق اعتماده أمس الى الرئيس جلال طالباني. وصرحت الناطقة باسم البيت الأبيض دانا بيرينو ان الاتفاق الأمني مع العراق"على وشك ان يصبح جاهزاً". وان"أي تعديلات قد تجرى عليه ستكون طفيفة للغاية"، مضيفة ان وزير الدفاع روبرت غيتس"عبّر عن هذا الامر بشكل جيد عندما قال ان الباب لم يغلق تماما، الا انه قارب على الاغلاق بالنسبة إلينا". وتابعت انه في حال رغب المفاوضون في اجراء تغييرات في هذه المرحلة فسيكون عليهم"ازالة حاجز مرتفع جداً امامهم". وكانت الحكومة العراقية عبرت أمس عن"قلقها البالغ"من تصريحات رئيس أركان القوات الأميركية الأميرال مايكل مولن، التي اعتبرها سياسيون عراقيون تهديدات مبطنة بردود فعل اميركية في حال فشلت المفاوضات حول الاتفاق. واستنكر الناطق باسم الحكومة علي الدباغ تصريحات مولن، وقال انها"ليست موضع ترحيب". وأضاف:"يجب ألا يفرض الاتفاق على العراقيين بطريقة قسرية، كما أنه من غير المناسب التخاطب معهم بهذه الطريقة". وكان غيتس جدد تحذيره من مخاطر أمنية إذا لم توقع بغداد الاتفاق، وأبدى تشاؤماً وقال"إن الباب أغلق تقريبا أمام إمكان إعادة التفاوض". ويقول سياسيون عراقيون إن الولاياتالمتحدة تملك خيارات واسعة للضغط على الحكومة العراقية، تبدأ بالتلويح برفع الحماية عن نحو 50 بليون دولار لصالحها في المصارف الأميركية ولا تنتهي برفع اليد عن الوضع الأمني داخلياً، او دعم حركة تمرد ضد الحكومة. ولفت القيادي في"حزب الدعوة"وليد الحلي المقرب من رئيس الحكومة في اتصال مع"الحياة"الى ان"واشنطن تلوح باستخدام الضغط لتمرير الاتفاق من خلال وقف الدعم في مجالات محددة مثل استخدام الفيتو لتجميد المرافعات الدولية التي تطلب تعويضات من العراق"، مؤكداً ان"هذا لن يؤثر في مواقف الكتل السياسية". وبعكس كتلة التحالف الكردستاني التي أعربت عن حماستها المطلقة للاتفاق، وتيار الصدر الذي أبدى رفضاً قاطعاً فإن معظم الكتل الاخرى لم تعلن مواقف محددة ونهائية. وبرز التباين مجدداً في مواقف الأطراف العراقية أمس، إذ أعلن وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري كردي الأربعاء ان بغداد تطالب بتغييرات في الصياغة وليس في جوهر الاتفاق، فيما كشف النائب عن"الائتلاف العراقي الموحد"الشيعي عباس البياتي وجود"5 نقاط في حاجة الى إعادة النظر فيها ولا يمكن قبول الاتفاق من دون تعديلها". واوضح ان"أولى هذه النقاط ضرورة الدقة في جدول الانسحاب، وثانيها تتعلق بالحصانة القضائية فهي لا تلبي مطالبنا وتضعنا في هواجس، وثالثها تفتيش البريد الداخل والخارج، ورابعها التردد على المنشآت والمعسكرات الاميركية، والنقطة الخامسة ضرورة تطابق النسخة العربية للاتفاق مع الانكليزية". واتهم البياتي الأميركيين ب"ممارسة ضغوط على الجانب العراقي الذي لن يرضخ. فالملاحظات التي لدينا تتعلق بالسيادة والمصلحة الوطنية". وكشفت مصادر ان اطرافاً مؤيدة للاتفاق نقلت خلال اجتماعات المجلس السياسي للأمن الوطني والحكومة تحذيرات من ردود فعل اميركية عنيفة، واستعرضت سيناريوات تتراوح بين تحريك قوات"الصحوة"التي انشأتها القوات الاميركية ولم يعلن قادتها، ومنهم زعيم صحوة الانبار الشيخ احمد ابو ريشة، دعمهم الاتفاق واحتمال انقلاب عسكري. في غضون ذلك، أكد وزير الخارجية الايراني ضرورة خروج العراق من الفصل السابع لميثاق الاممالمتحدة، وطالب واشنطن، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع بارزاني، ب"عدم استغلال هذه القضية لتحقيق اهدافها وتجعلها رهينة لديها"، ودعا الأطراف العراقية الى"الأخذ بوجهات نظر المراجع الدينية في الاتفاق". واعتبر بارزاني ان"الصيغة الحالية للاتفاق ليست مثالية لكنها لا تنتهك السيادة الوطنية العراقية". الى ذلك، أعلن الرئيس جلال طالباني، خلال تسلمه أوراق اعتماد سفير الكويت لدى العراق علي المؤمن، رغبة بغداد في إقامة علاقات نموذجية بين البلدين، مشيراً الى عمق روابط الإخوة بين الشعبين الشقيقين.