هل يسع تشيخيا، في يوم من الأيام، مضاهاة روسيا؟ قبل 20 عاماً، مجرد طرح السؤال غريباً، والسؤال عن مضاهاة روسيا، هو شاغل كانون الثاني يناير 2009. ففي الشهر هذا يتولى التشيخيون رئاسة الاتحاد الأوروبي الدورية. وللمرة الأولى في تاريخهم يتوجهون الى روسيا توجه الند الى الند. فهل هم جاهزون؟ ولا شك في أن العواصم الأوروبية كلها تنتظر الجواب. والحق أن في وسع التشيخيين الإسهام في معالجة مسألة تقدم العالم أو تأخره، في ضوء اختبارهم الفريد. فهم كانوا مثال الدولة العاجزة والقاصرة. وإبان اتفاقيات ميونيخ، في أيلول سبتمبر 1938، لم يدعوا الى طاولة المفاوضات التي قضت بسلخ ربع مساحة أرضهم الاقليمية السوديت. والجمهورية التشيخية اليوم، دولة مدعوة، طوال ستة أشهر الى تصدر الاتحاد الأوروبي وقيادة سياساته. وقد يبعث هذا ثقة التشيخيين في أنفسهم. ورئاستهم الاتحاد الأوروبي تصادف المفاوضة على انسحاب روسيا من جورجيا، والى المفاوضة هذه ادارة مجمل العلاقة المعقدة بين الاتحاد الأوروبي وبين حكومة بوتين. وثمة"اللا"الايرلندية للمعاهدة الدستورية، والأزمة المالية، وتسريع مد خط أنابيب الغاز الاستراتيجي نابوكو بين آسيا الوسطى وأوروبا. فعلى التشيخيين المبادرة الى استنباط الحلول، والتقرير على وجه السرعة، وابتكار الأفكار، ومقاومة الاستسلام للشعور بالنقص. ويخلف رئيس الوزراء التشيخي، ميريك تيويولانيك، نيكولا ساركوزي. وهو، بديهة، لا يملك خبرة سلفه. وعلى رئيس الوزراء استئناف المفاوضة التي ابتدأها الرئيس الفرنسي من موقع دولة كبيرة وراجحة المكانة بين دول الاتحاد. والفرق بين الدولتين، وثقليهما، يثير حذر الدول الأوروبية الكبيرة. ولكن لا بأس بالملاحظة أن ثقل فرنسا لم يمكن ساركوزي من الخروج من المفاوضة بنتائج باهرة. وعلى الجانب الروسي من مسألة العلاقة الاوروبية - الروسية، يصدر ازدراء روسيا عن شعور بالخصومة والمنافسة، بل عن الخشية من تهديد. ويحدوها هذا الى تفضيل مفاوضات ثنائة مع دول الاتحاد الأوروبي، دولة دولة. وحين ترأس دولة صغيرة، شأن تشيخيا، الاتحاد فالأرجح أن يتعاظم نازع روسيا هذا. وليس التخوف من ضعف تشيخيا في محله. فتجربة التشيخيين التاريخية تخولهم فهم الروس فوق ما يفهمهم الفرنسيون أو الألمان، على رغم حسبان هؤلاء خلاف هذا الرأي. والتشيخيون يدركون فوق ادراك الأوروبيين، قاع روسيا الاستبدادي. وهم يشاركون البولنديين وسكان دول البلطيق السؤال البسيط والمنطقي عما اذا كانت أوكرانيا، بعد جورجيا، هي ضحية روسيا القادمة، وتشيخيا نفسها الضحية بعد أوكرانيا. فالمخاوف والحدوس التشيخية قد تكون، والحال هذه، نافعة. فعلى رغم الحاح الاتحاد الأوروبي، ترفض روسيا الانسحاب التام من جورجيا، وتتعمد استفزاز واشنطن، فترسل سفناً حربية الى سواحل البحر الكاريبي. فالوقت في اختصار، ليس وقت أوهام. والحكومة التشيخية، على ما هو جلي لا تنقاد للأوهام. والمسألة الثابتة هي: أي سياسة يحسن بالاتحاد انتهاجها؟ وكيف الجواب عن عرض الروس عضلاتهم؟ ولعل ضعف تشيخيا متأت من هزال مناقشة النهج السياسي الذي يحسن بالأوروبيين انتهاجه. والسبب في الهزال هذا الخلافات العميقة بين الحكومة والمعارضة ورئيس الجمهورية في هذا الشأن. ولا ريب في أن اغفال المناقشة مرده، بدوره، الى الخلاف على الدرع المضادة للصواريخ. فالمعارضة تميل الى الموقف الروسي، بينما يتمنى الرئيس، لعلة يعرفها وحده، روسيا قوية نظير أوروبا ضعيفة. فعلى الحكومة التشيخية، على وجه السرعة، اذا شاءت التقدم على طريق معالجة العلاقات الأوروبية - الروسية، تبديد الالتباسات التي تخيم على نهجها ونياتها. عن ماريك زفيهلا ، "ريسبيكت" التشيخية ، 16/10/2008