في الأشهر الستة الاخيرة، تسلمت تشيخيا رئاسة الاتحاد الاوروبي الدورية، ولكنها بددت فرصة إظهار قدرتها على الحكم. والمقارنة بين الرئاسة التشيخية للاتحاد الاوروبي والرئاسة الفرنسية تظهر فضائل فن الترويج والتسويق في اخراج صورة الانجازات والنجاحات والاخفاقات. وقيل أن التشيخيين بقوا أسرى صورة التفوق الفرنسي في رئاسة الاتحاد الاوروبي الدورية. والحق أننا شأن الفرنسيين تسلمنا رئاسة الاتحاد الاوروبي في مرحلة صعبة استهلت باجتياح اسرائيلي، غزة، وباندلاع النزاع «الغازي» بين موسكو وكييف. ولم تثمر الجهود التشيخية في معالجة الأزمة الاسرائيلية – الفلسطينية، وصادر الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، دورها. ولكنها رعت مفاوضات ديبلوماسية متعثرة ومعقدة بين بوتين وتيموشينكو، وأسهمت في تذليل النزاع. وحاول ساركوزي املاء خططه على تشيخيا، ودعاها الى انتهاج الحمائية الاقتصادية في قطاع صناعة السيارات. فامتنعت تشيخيا عن مجاراته، ودافعت عن اقتصاد السوق الحرة، على رغم أنها عجزت من مواجهة الموجة الاوروبية الكاسحة التي كافأت التبديد بالقروض والجوائز. ونجحت تشيخيا في ابرام اتفاق خط أنابيب الغاز نابوكو. وأفلحت في خفض قيمة الضرائب في قطاع الخدمات والمطاعم والمقاهي في أوروبا. ولكن الصحافة الاوروبية أهملت اعتبار هذه الانجازات، في نهاية الرئاسة التشيخية الاوروبية، وألقت الضوء على هفوات تشيخيا ومكامن ضعفها. فالمعارضة التشيخية، وعلى رأسها فاكلاف كلاوس، اطاحت رئيس الوزراء توبولانك. وأبرزت الصحافة الاوروبية ميل كلاوس الى الابتعاد عن الاتحاد الاوروبي، ونشرت صوراً تظهر رئيس الوزراء توبولانك عارياً في فيلا سيلفيو برلوسكوني في سردينيا. واختزلت ثمرات الرئاسة الاوروبية بالمجسم الفني، «أنتروبا» التشيخي. وكان من المفترض أن يظهر هذا المجسم غنى الدول الاوروبية وتنوع تراثها. ولكنه قدم صوراً مبسطة ومبتذلة عن الدول الاوروبية. ففرنسا هي صنو الإضرابات، ورمز ألمانيا هو الصليب المعقوف، وبلغاريا الحمامات التركية، الخ. واضطررنا الى الاعتذار عن صلافة الحس الفكاهي التشيخي. وليس الفائز في عالم الاعمال صاحب الانجازات، بل من يلمّع صورة براقة عن نفسه، ويحسن تسويقها. وبعد عشرين عاماً من استعادة الحرية السياسية، لم تلحق المؤسسات التشيخية بركاب نظيرتها الغربية في الفن والسياسة. وأسهمنا من حيث لا ندري في نسج أسطورتين اوروبيتين غريبتين، أسطورة التفوق الفرنسي والارتباك البراغي (نسبة الى عاصمة تشيخيا براغ). * صحافية، عن «هوسبودارسكي نوفيني» التشيخية، 1/7/2009، إعداد م. ن.