توقع صندوق النقد الدولي أن تتراجع معدلات النمو في دول المغرب العربي الثلاث، الجزائر والمغرب وتونس، بنحو نقطة مئوية إلى 5,5 في المئة العام المقبل، من اصل اكثر من 6 في المئة حالياً, متأثرة بالأوضاع المالية الدولية وانعكاسها على تدفق الاستثمارات ورؤوس الأموال نحو المنطقة. وأعلن الصندوق، في تقرير أصدره قبل أيام، أن النمو في الجزائر سيتراجع إلى 4.9 في المئة, وفي المغرب إلى 5,5 في المئة وفي تونس إلى 5 في المئة عام 2009. وظلت المنطقة تحقق نمواً في الناتج القومي الإجمالي، من6 إلى 7 في المئة طيلة السنوات الأخيرة نتيجة ارتفاع عائدات النفط والغاز, وتحسن الدخل السياحي وتحويلات المهاجرين والاستثمارات الأجنبية والتوسع الزراعي. وعلى رغم التراجع، ستظل معدلات النمو عالية في بلدان شمال أفريقيا، مقارنةً بجيرانها في الاتحاد الأوروبي، التي ستقل عن 2 في المئة. وأفاد الصندوق بأن انخفاض أسعار الطاقة سيُلحق أضراراً في الدخل لدى بلدان شمال أفريقيا النفطية مثل الجزائر وليبيا، التي قد تتأثر برامجها التنموية. لكن الأزمة ستطال الدول الصناعية والمتقدمة في الأساس، بينما ستعرف الدول النامية تراجعاً نسبياً. وخفضت الحكومة المغربية توقعات النمو في الموازنة الجديدة 0.2 في المئة إلى 5,8 في المئة من 6 كانت معتمدة في النسخة الأولى. وقال وزير المال والاقتصاد المغربي صلاح الدين مزوار:" إننا أمام أزمة مال عميقة تحولت إلى أزمة اقتصادية تنعكس على اقتصادات العالم في تفاوت". وتوقع أن يتراجع النمو ربع نقطة مئوية, معتبراً أن التقويمات التي أعلنها صندوق النقد الدولي"تعكس قدرة المغرب على مواجهة الأزمة والحفاظ على معدلات النمو والقدرة الشرائية للمواطنين". واستبعد تراجع الاستثمارات الخارجية، لأنها في مجملها، ذات طابع استراتيجي وطويلة الأمد. الاستثمارات المسطرة تزيد على 30 بليون دولار. وتتطلع الرباط إلى الحفاظ على إيراداتها من عائدات السياحة وتحويلات مهاجريها في أوروبا واستقرار التدفقات المالية, المصدر الرئيس للعملة الصعبة بعد الفوسفات. وتتخوف الجزائر من استمرار انخفاض أسعار الطاقة ارتباطاً بالأزمة المالية وتدني الطلب العالمي. وكانت حصلت على عائدات تجاوزت 100 بليون دولار وأطلقت برامج استثمارية ضخمة تقودها الدولة في مجالات البنية التحتية والتعمير والأشغال الكبرى. ويتوقع خبراء أن تعتمد الجزائر على احتياطها النقدي للإبقاء على حجم المشاريع في العام المقبل على رغم تراجع الدخل. أما في تونس فإن تراجع النمو سيقدر بنحو نصف نقطة، قد لا يكون لها تأثير كبير بسبب التحسن الاجتماعي الذي طال المجتمع التونسي في السنوات الأخيرة وظهور طبقة وسطى مستقرة الدخل, لكن قطاع السياحة قد يتأثر بتدني دخل الأفراد وتباطؤ النمو في دول الاتحاد الأوروبي التي تمثل الشريك التجاري الأول لتونس ومجموع المنطقة بنحو 65 في المئة. ويعتقد البنك الدولي من جهته أن دول شمال أفريقيا تُضيّع على نفسها معدلات نمو إضافية قد تصل إلى 3 في المئة من الناتج الإجمالي، يمكن تحصيلها من إطلاق العمل في اتحاد المغرب العربي، وفتح الحدود وتحرير التجارة البينية وتنقل رؤوس الأموال, وتنفيذ مشاريع وتجمعات اقتصادية ومالية مشتركة على غرار ما يجري في الضفة الأخرى للبحر المتوسط.