كأنه كان ينقص حملة المرشح الجمهوري جون ماكين المزيد من الأنباء السيئة كي تتدنى نقاطه أكثر في استطلاعات الرأي، اذ صدر تقرير رسمي أمس يتهم المرشحة الجمهورية لمنصب نائب الرئيس سارة بايلن بإساءة استغلال السلطة خلال حاكميتها لولاية ألاسكا وطردها المتعمد لموظفين في الشرطة بسبب قضية عائلية. وجاء التقرير في ظل انزلاق الجمهوريين في استطلاعات الرأي ومشاعر غضب وكره في القاعدة اليمينية حيال المرشح الديموقراطي باراك أوباما شبيهة بالأجواء التي سبقت انتخاب جون كينيدي في 1963 ومن ثم اغتياله. وقبل 23 يوماً من الاقتراع، اعترضت حملة ماكين"تروبرغيت"فضيحة شرطي الولاية بعد صدور تقرير للمجلس التشريعي لولاية ألاسكا يفيد بأن حاكمة الولاية سارة بايلن"أساءت استعمال سلطتها كحاكمة للولاية"، وأقدمت على"انتهاك القواعد الأخلاقية للمسؤولين الرسميين"بطردها الشرطي مايكل ووتن، طليق شقيقتها، ومن ثم عزل رئيس لجنة الأمن العام في الولاية وولت مونيغان لرفضه طرد ووتن. وقال التقرير الواقع في 263 صفحة أن بايلن تركت لزوجها تود بالين استعمال موارد مكتب الحاكم للضغط على موظفين رسميين والتآمر على طرد صهرها السابق، لأسباب تعدت الأطر المهنية وتداخلت فيها شؤون عائلية. واضاف أنه كان بإمكان الحاكمة أن تطلب من زوجها التوقف عن ذلك لكنها لم تفعل، وبالتالي هي متورطة"في تحرك رسمي". وردت حملة ماكين بشكل عنيف على التقرير معتبرة أن اللجنة التي أعدته عملت بدوافع سياسية وهي"مؤلفة من أنصار لأوباما"مؤكدة ان بايلن"تصرفت كما يجب وطبقا للقانون". وفيما استبعد المراقبون اقدام ماكين على استبدال بايلن اذا جرت ملاحقات قانونية في القضية، تأتي فضيحة"تروبرغيت"في مرحلة حرجة للحملة وفي تناقض تام مع شعارات الاصلاح ومكافحة الفساد التي قال ماكين انها وراء اختيارها لمنصب نائب الرئيس. كما ان توقيتها لا يتناسب مع استراتيجية ماكين ومحاولته تركيز الهجوم على شخص أوباما وجعل هذه الانتخابات استفتاء على مدى قبول الأميركيين مرشحاً افريقياً أميركياً وليبرالياً الى هذا الحد. إلا أن ردود الفعل السلبية على استراتيجية ماكين، جعلته يعيد النظر في فائدتها، لا سيما بعد ان ولد الهجوم الشخصي على أوباما واتهامه ب"مصادقة الارهابيين"مشاعر احتقان وكره لدى القاعدة الجمهورية، واطلق صيحات خلال التجمعات الانتخابية لماكين وبايلن تعتبر المرشح الديموقراطي"خائناً"و"عربياً"تجمع في مينيسوتا و"اقتلوه"في فلوريدا، وهو ما دفع جهاز الاستخبارات الأميركية الى فتح تحقيق في التهديد. وحاول ماكين احتواء هذه النزعة أول من أمس في رد على امرأة جمهورية اعتبرت أوباما"عربياً وليس أميركياً"وهو ما شجبه المرشح الجمهوري، داعياً الى وقف الإساءة إلى أوباما، ومؤكداً انه يحترم منافسه الديموقراطي ومعجب به. وقال:"نريد معركة وسنحارب، لكننا سنحافظ على الاحترام لأننا نخوض السياسة في اميركا بهذه الطريقة". إلا أن الاعلانات السلبية والمتعرضة لشخص المرشح الديموقراطي لم تتوقف، ما دفع البعض الى الاعتقاد بوجود انقسام بين ماكين وحملته حول أسلوب الهجوم والاعلانات. وأكد المرشح الجمهوري السابق بات بوكانان أن هدف الاعلانات وهذا النوع من الهجوم"التأكيد أن أوباما ليس واحداً منا"، ولمح الى ارتباطاته بشخصيات محرضة على السياسات الحالية مثل القس جيراميا رايت واليساري المتطرف ويليام آيرز كما أشار يوكانان لمحطة"أن. بي. سي"الى تلقي أوباما تبرعات من"فلسطينيين وعرب". وتخوف الديموقراطيون، وبينهم الاستراتيجي المخضرم روبرت شرام، من اشاعة أجواء شبيهة بأجواء العام 1961 عندما انتخب جون كينيدي رئيساً واتهامه ب"الخيانة"من قبل مجموعات يمينية متطرفة، قبل اغتياله في دالاس تكساس في 1963.