الذين لم يتمكنوا، لسبب أو لآخر، من مشاهدة آخر أفلام "أكبر مخرج أميركي حي" مارتن سكورسيزي، يمكنهم هذا المساء أن يوجهوا أجهزتهم التلفزيونية صوب محطة"تي في ماكس"، حيث يعرض هذا الفيلم مرة كل ثلاث ساعات، بدءاً من اليوم وحتى الحادي عشر من هذا الشهر. الفيلم هو، بالطبع،"المرحلون"الذي كان أثار منذ عروضه الأولى ضجة كبيرة واعتبره كثر من النقاد والجمهور واحداً من أفضل الأفلام التي حققها سكورسيزي، خلال السنوات الأخيرة، رابطين بينه وبين النهضة التي يعيشها هذا المخرج الكبير منذ تحفته"عصابات نيويورك". ومع هذا لفت الأنظار أن"المرحلون"- الذي منح عليه سكورسيزي جائزة اوسكار أفضل اخراج بين جوائز أخرى عدة -، لا يدور، أحداثاً، في نيويورك حيث اعتاد المخرج أن يموضع أفلامه الأساسية والكبرى، ولكن في بوسطن. كما لفت الأنظار أن الفيلم مقتبس عن فيلم"آكشن"و"تشويق بوليسي"من هونغ كونغ... ومع هذا تمكن سكورسيزي من أن يستحوذ تماماً على موضع يتحدث أصلاً عن تسلل مزدوج: تسلل رجل عصابات الى أجهزة الشرطة في المدينة الأميركية، وتسلل شرطي الى عالم العصابات. والفيلم كله يدور من حول ازدواجية التسلل هذه، والتي تصبح، لدى سكورسيزي، ازدواجية هوية، ما يعيدنا الى عالمه الخاص، الذي تشتغل فيه الهوية والجريمة والمدينة معاً. ولما كان هذا النوع من الأفلام يحتاج أداء درامياً قوياً، كان من الطبيعي لسكورسيزي أن يستعين هنا بثلاثة من أفضل الممثلين في هوليوود لأداء الأدوار: ليوناردو دي كابريو الذي يعمل معه للمرة الثالثة في فيلم كبير ومات دامون، الجديد في التعامل معه، ثم بخاصة جاك نيكلسون، الذي تساءل كثر ? للمناسبة ? كيف حدث لهذا الممثل الكبير ان غاب عن سينما سكورسيزي على رغم الكثير من القواسم المشتركة بينهما. المهم حدث هذا اللقاء... وتمكن سكورسيزي من أن يحول موضوعاً بسيطاً الى فيلم شديد العمق يزينه أداء في القمة لثلاثة من نجوم هوليوود، أداء لو لم يكن ثمة سواه في"المرحلون"لكان الفيلم جديراً بأن يشاهد على الشاشة الصغيرة، ان لم تتوفر الكبيرة.