في كانون الثاني يناير 2005 قدمت هيئات بريطانية مهتمة بحرية الحصول على المعلومات مذكرة الى رئيس مجلس العموم مايكل مارتن تطالبه بكشف اسماء"الموظفين"الذين يعينهم النواب باحثين ومساعدين من دون ان يسألهم أحد عن كفاءاتهم أو أحقيتهم أو رواتبهم. وتجاهل مارتن الطلب، ليعلن بعد 18 شهراً انه يمنع"كشف هذه الاسرار"حفاظاً على الحريات الشخصية. والحال في بريطانيا ليس أحسن حالاً من مجالس النواب في لبنان والكويت ومصر حيث يمكن تلمس حشود من الأقرباء والأنصار وأبناء المناطق الانتخابية. وبعد استقالة وزير شؤون البيئة العمالي بيتير هين الاسبوع الماضي لقبوله تبرعات بقيمة مئة ألف استرليني، من دون الاعلان عنها، كشفت لجنة القواعد والمزايا البرلمانية ان النائب المحافظ هنري كونواي خرق الأعراف بتوظيف ابنه الثاني مساعداً له بمرتب 45 الف جنيه استرليني، على مدى ثلاث سنوات، رغم انه لم يحضر ابداً الى البرلمان، الا للاحتفال بعيد ميلاده، بل كان يدرس في الجامعة بعيداً عن هموم السياسة. واصدرت اللجنة توصية بتعليق عضوية"النائب الامين"10 أيام، في حين اصدر زعيم الحزب دايفيد كاميرون قرارا بسحب عضويته. وفي الوقت الذي كشفت فيه صحيفة"دايلي ميل"اليمينية المحافظة ان كونواي، الذي كان قد وظف ايضاً ابنه البكر وهو يدرس في جامعة كمبريدج كما وظف زوجته ايضاً، ما كلف الخزينة 1.535 مليون استرليني منذ انتخاب النائب في العام 2001 تمثلت بمرتبات ومكافآت وأجور ساعات اضافية لأفراد العائلة. وذكرت صحيفة"ذي تايمز"ان ما يصل الى 75 نائباً يوظفون زوجاتهم وابناءهم وافراداً من عائلاتهم لتقاضي مرتبات عن عمل في دهاليز السياسة البريطانية. وكانت اللجنة التي يرأسها النائب المحافظ جورج يونغ، اكتشفت قبل فترة ان زوجة رئيس المجلس ماري مارتن وابنته ماري ايضاً على جدول الرواتب، وان ماري الزوجة قدمت كشفاً لتقاضي إجرة سيارات التاكسي من دون حساب بحجة انها ترتب الحفلات لزوجها. وتبين ان رئيس اللجنة وظف زوجته كاميلا بصفة سكرتيرة وان باتريك ماكلافلين، مفوض حزب المحافظين في البرلمان المسؤول عن انضباط النواب، وظف زوجته أمينة لسره في البرلمان والمنزل. ولا يقتصر توظيف الاقرباء على المحافظين فقط، اذ ان وزيرة الخارجية السابقة مرغريت بيكيت عينت زوجها ليو سكرتيراً لها منذ انتخابها، ولم تستغن عن خدماته حتى اليوم. وكان زعيم حزب الليبراليين الأحرار السابق منزيس كامبل اعترف أمام اللجنة بأن زوجته اليزابيث تساعده في اتصالاته وتحضر بريده من المنزل. ولا يتحرج الوزراء عن"المشاركة في نهب الخزانة"، كما الحال مع وزيرة الاسكان كارولين فلينت التي وظفت زوجها فيل لإدارة مكتبها الانتخابي في دائرتها الريفية او وزير النقل ستيفن لاندل الذي عين زوجته جانيت مديرة لمكتبه. ومنذ العام 2001 حدد مجلس العموم راتب الباحث المساعد بنحو 13 الف جنيه استرليني سنوياً يمكن ان ترتفع الى 38.6 الف جنيه لذوي الخبرة مقابل 37 ساعة عمل اسبوعياً. ويمكن ان يمنح النائب كلاً من مساعديه علاوة تصل الى 15 في المئة من الراتب. ويحق لكل نائب ان يوظف ثلاثة مساعدين على حساب الخزينة مقابل ما يراوح بين 90 و100 ألف جنيه استرليني سنوياً. وجرت العادة ان يستفيد النائب من هذا المبلغ الذي يوازي تقريباً مرتبهم من دون علاوات السكن ونفقات التنقل المعفية من الفواتير. وفي العام الماضي، تبين ان النواب 646 عضواً قدموا فواتير مصاريف بقيمة 85 مليون جنيه استرليني بين نيسان ابريل 2006 وآذار مارس 2007 ارتفاعاً من 80.8 مليون استرليني قبل عام. وتمثل هذه النفقات ما معدله 122.677 الف استرليني لكل عضو. يُشار الى ان مجلس العموم شهد فضائح عدة في السابق من بينها فضيحة"نواب للبيع او الايجار"عندما استعان رجال الاعمال، ومن بينهم محمد الفايد صاحب محلات"هارودز"، بعدد من النواب للدفاع عن مصالحه ولدعم مساعيه للحصول على الجنسية البريطانية. ويتقاضى عدد من النواب مرتبات من النقابات العمالية، وحتى من دول اجنبية، للدفاع عن استثماراتها في بريطانيا. ويُشار الى ان ليبيا كانت وظفت شركة علاقات عامة لتأمين صلات في مجلس العموم للدفاع عن مصالحها قبيل حل مشكلة لوكربي ومنعاً لتجميد نشاطات"الشركة العربية الليبية للاستثمارات الخارجية"لافيكو.