لا يملك العراق ساحلاً بحرياً كبيراً على الخليج العربي، ولعل ال75 كلم التي تشكل المساحة المتاحة له على البحر جعلت البريطانيين يفكرون بأهمية استغلال شط العرب حين انشأوا عام 1916 ميناء المعقل العسكري 10 كلم عن مركز المدينة، وصار يستخدم لنقل البضائع حتى بداية الحرب العراقية - الإيرانية عام 1980. وكان الجدل السياسي ثار أخيراً حول معاهدة الجزائر التي تنازل العراق بموجبها عن السيادة على الضفة الشرقية للشط، مقابل تعهد شاه ايران حينها بعدم تقديم الدعم للحركات الكردية المناوئة لبغداد. وبعيداً عن الخلافات السياسية والحدودية مع ايران، يتناقل سكان البصرة قصة تقول إن وفدا يابانيا زار المدينة منتصف التسعينات من القرن الماضي، وطرح فكرة تنظيف شط العرب مجاناً مقابل نقل الطمي إلى بلاده لاستخدامه طبقة ترابية في مدينة هورشيما، نظراً الى خصوبته. ويلقي الكثيرون باللوم على الرئيس الراحل صدام حسين الذي رفض تلك الفكرة. ويقول الكابتن حامد الجابري، مدير الشؤون البحرية في الشركة العامة للموانئ العراقية، ان"الحروب والغياب الكامل لحركة الملاحة والإهمال أدت كلها إلى تآكل البنية الملاحية لشط العرب. فالسفن كانت إما متوقفة في الموانئ والقنوات أو غائرة في الأعماق أو معطوبة. ويجب انتشالها لتأهيل الميناء". ويضيف الجابري أنه في عام 2005 باشرت إدارة الموانئ بانتشال"الغوارق التي تعيق عمل الأرصفة، وجرت عمليات حفر في أماكن الانتشال ما أعاد إلى ميناء خور الزبير نشاطه الكامل. كما رفعت الغوارق من القناة الملاحية لميناء أم قصر". وأوضح ان شركة"دريجتك انترنشنال"البلجيكية،"تعاقدت مع مكتب الأممالمتحدة الإنمائي ورفعت عام 2005 أكثر من 12 مليون متر مكعب من الطمي من أعماق القناة الملاحية التي يبلغ عمق مقطعها الأول 11 متراً والثاني أكثر من 13 متراً، ما مكن السفن ذات الغواطس العالية من الوصول إلى الميناء". ويقدر الكابتن البحري كاظم فنجان الحمامي عدد الغوارق في نهر شط العرب وخور عبدالله وخور الزبير بأكثر من 100 سفينة وزورق، ويؤكد أن"توقف عمليات الحفر والتنظيف في السنوات السابقة تسبب في تراكم كميات هائلة من الطمي، على رغم استمرار عمليات الحفر التي جعلتها العوامل البيئية بطيئة". ولفت الحمامي إلى أن"تجفيف الاهوار ساهم في تنامي الترسبات، إذ تطرح الاهوار والمسطحات المائية في شط العرب نحو 30 مليون طن من الطمي سنوياً". وعن عمليات التآكل في شط العرب قال مدير الموارد المائية علاء الدين طاهر نجم إن"مجرى شط العرب في منطقة سيحان 60 كلم عن البصرة يأخذ انحداراً شديداً باتجاه الأراضي العراقية بفعل التيارات الناتجة عن المد والجزر وحركة الزوارق الكبيرة، وهذا ما سبب تآكل ضفاف الشط في الجانب العراقي، حيث أن خط التالوك القعر في هذه المنطقة يشكل الحد الفاصل بين حدود العراق، فهو منتصف شط العرب، بحسب اتفاقية الجزائر عام 1975". وأضاف ان"تآكل الضفة وانحراف مجرى النهر داخل الأراضي العراقية يتسببان بخسارة واضحة للأراضي في الجانب العراقي. وبعد سقوط النظام السابق عام 2003 تم تدارك القضية بتنفيذ مشروع حماية ضفاف شط العرب من خلال دق صفائح حديد مسنودة بركائز لمسافة 500 متر". وعن رفع الغوارق من شط العرب، قال عبد الهادي محمود، وهو احد العاملين في شركة محلية تضطلع بتنظيف الشط:"بدأت الشركات بانتشال الغوارق الصغيرة كالزوارق منتصف التسعينات من القرن الماضي. ولم يكن بإمكاننا انتشال الغوارق الكبيرة لأن معداتنا بسيطة وبدائية، فنحن مجرد مجموعة من الغواصين". ويبلغ طول شط العرب من نقطة تكوينه في القرنة وحتى مصبه في الخليج العربي 200 كلم، ويتراوح عرضه بين 300 متر قرب ميناء المعقل و450 متراً عند نهر العشار و800 متر عند قرية السيبة بعد التقائه بنهر الكارون و1600 متر قرب الفاو. وبين مشكلة الغوارق الكثيرة التي تعرقل سير السفن وتآكل جانبه العراقي عند ناحية السيبة يبقى شط العرب نقطة خلافية بين العراقوايران يمكن ان تترك أثرها في مستقبل العلاقة بين البلدين.