حشدت الحكومة العراقية قوة كبيرة، مدعومة بالدبابات والمروحيات، استعداداً لخوض اختبار للقوة في الموصل التي تحولت الى معقل أخير ل"القاعدة"التي تراجع نفوذها في مناطق أخرى مثل الأنبار، حيث سيطرت"مجالس الصحوة"العشائرية، فيما تحول خلافات بين أطراف محلية في المدينة دون تأسيس"مجالس صحوة"فاعلة. وقال وزير الدفاع العراقي عبدالقادر العبيدي امس إن"الوضع في الموصل أكثر سوءاً مما يعتقد"، وان"المعركة التي ستندلع ستكون الأخيرة والنهائية"في مواجهة"القاعدة". وأعلن الناطق باسم الوزارة اللواء محمد العسكري"توجه قوات الى الموصل ترافقها دبابات وطائرات، لتطهيرها من التنظيم الارهابي". وتأتي العملية بعد اعلان رئيس الوزراء نوري المالكي الجمعة عزمه خوض ما وصفه بالمعركة"النهائية والحاسمة". وكانت الموصل التي تعد ثاني أكبر مدن العراق من حيث عدد السكان، وتضم النسبة الأكبر من ضباط الجيش السابق، تعرضت خلال الايام الماضية لواحدة من أكبر الهجمات في منطقة الزنجيلي، أدت الى مقتل نحو 40 شخصاً وجرح 220 وتدمير نحو 100 منزل طالب سكانها في تظاهرة أمس بتوفير المأوى لهم. وكثر الجدل خلال اليومين الماضيين حول المسؤولية عن هذه العملية، ففيما اتهمت أطراف سياسية وحكومية تنظيم"القاعدة"بتنفيذ الهجوم، لم يعلن الأخير مسؤوليته حتى وقت متأخر مساء امس، في تزامن مع اتهام"هيئة علماء المسلمين"القوات الاميركية بنقل"أطنان من المتفجرات الى المنزل الذي حدث فيه التفجير"، وتوجيه جماعات مسلحة مختلفة تنشط في الموصل اتهامات الى أطراف من بينها قوات"البيشمركة"الكردية، على ما جاء في بيان جماعة تطلق على نفسها اسم"جيش المصطفى". وتعدّ الموصل من المراكز الحضرية الأولى في العراق، على رغم انها تمتد باتجاهات مختلفة لتشمل مناطق زراعية وبوادي تزرعها موسميا قبائل رحل. وطالب محافظ المدينة دريد كشمولة في اتصال مع"الحياة"الحكومة بمساعدة"القوى الأمنية على ضبط حدودها الغربية مع سورية"، حيث تقع منطقة ربيعة التي تقطنها قبائل شمر العربية ويتحدر منها رئيس الجمهورية السابق غازي عجيل الياور. وقال كشمولة ان عناصر"القاعدة"يتسللون الى الموصل"عبر منطقة ربيعة وصحراء الجزيرة التي تتصل جنوبا مع محافظتي صلاح الدين والانبار"، معتبراً ان حملة"عسكرية واسعة هي الحل الأمثل للتدهور الامني". لكن زعيم عشائر شمر عزيز نزهان الصديد الذي تقطن قبيلته على طول الشريط الحدودي بين سورية والعراق في مساحات واسعة داخل البلدين قال ل"الحياة"امس ان"الاتهامات التي توجه الى ربيعة غرضها التغطية على العجز الحكومي في الداخل"، مؤكداً ان عشائر شمر رفضت التعامل مع تنظيم"القاعدة"منذ الأيام الاولى للاحتلال"ولن تضع يدها بيد من يقتل العراقيين". وتحدى"من يتحدث عن تسرب للارهابيين عبر تلك المنطقة التي يضبطها الجانب السوري بالكامل أن يثبت أقواله"، مضيفاً أن العشائر تتولى ضبطها في جانب الحدود العراقية". ويعتقد مسؤولون أمنيون عراقيون ان وجود عناصر"القاعدة"في الموصل يعود الى سنوات مضت، على رغم انها لم تكن منطقة عمليات للتنظيم الذي اعتبرها حديثاً منطقة رخوة أمنياً وقصدها اتباعه من مناطق طردتهم منها مجالس العشائر، وبينها الانبار وبغداد وبعقوبة. ويعتبر اخفاق المحاولات الاميركية لدعم تشكيل"مجالس صحوة عشائرية"لمواجهة"القاعدة"أمراً لافتاً في الموصل التي يعارض محافظها ومدير شرطتها تشكيل مثل هذه المجالس، فيما يؤكد زعماء عشائر ان مسؤولين اكراداً أيضاً ضد تشكيل"صحوات"في المنطقة التي يقطنها أكراد ومسيحيون وازيديون، خصوصاً في جانبها الشرقي، فيما يعتبر المسلمون العرب غالبية في الجانب الغربي او المدينة القديمة.