سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الرائد وسام عيد كان مسؤولاً في فرع المعلومات ينسق مع اللجنة الدولية المكلفة التحقيق في اغتيال الحريري ... ونجا من محاولتين لبنان : مقتل ضابط في قوى الأمن بانفجار سيارة مفخخة أوقع 4 قتلى و 41 جريحاً
أعادت قوة دوي الانفجار الذي استهدف أمس، الشهيد الرائد في قوى الامن الداخلي اللبناني وسام محمود عيد الى اذهان سامعيه، الانفجار الذي هز لبنان قبل ثلاث سنوات وأودى برئيس الحكومة السابق الشهيد رفيق الحريري... ومعه خوف يتعاظم على مصير البلد مع كل انفجار جديد يستهدف شخصية سياسية او عسكرية او موكباً ديبلوماسياً. في العاشرة والدقيقة الخامسة صباحاً هز انفجار عنيف منطقة الشفروليه في ضاحية بيروتالشرقية ترددت اصداؤه بقوة في مختلف الضواحي وفي بيروت، ليكشف دخان الحرائق المندلعة عن ضحايا تحولت اجسادهم الى اشلاء تناثرت على مسافات بعيدة وصبغت دماؤها اعمدة الجسرين اللذين يربطان بيروت بضواحيها وجبلها، وتأكد بعد نحو نصف ساعة ان المستهدف هو الرائد عيد من شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي، الذي كان انطلق من منزله في الدكوانة في سيارته غير المصفحة ومعه مرافقه المعاون أسامة مشهور مرعب، متجهين الى المديرية العامة لقوى الامن الداخلي سالكين الطريق التي تربط منطقة الشيفروليه بالحازمية للتحول منها عبر الجسر الى الاوتوستراد الذي يؤدي الى الاشرفية. فسقط الاثنان ومعهم آخرون كانوا يعبرون الطريق نفسه ضحايا الجريمة الجديدة. وتبين بحسب التحقيقات الاولية ان الانفجار ناجم عن سيارة مفخخة بما يزيد عن 50 كيلوغراماً من المواد المتفجرة - وتردد ان زنة العبوة ربما تراوحت بين 70 ومئة كلغ - وكانت مركونة الى جانب الطريق التي سلكها الرائد عيد، وهدف واضعوها الى القضاء تماماً على ضحيتهم حتى لو كان احتاط للامر واستخدم سيارة مصفحة. وكان الرائد عيد استهدف في شباط فبراير من عام 2006 حينما قرع مجهولون باب منزله السابق في حي الأميركان على اطراف ضاحية بيروت الجنوبية بعيد منتصف الليل ورموا قنبلة في اتجاهه ظناً منهم انه سيفتح الباب فلم يفعل، ونجا في حينه من الموت وفر الجناة الى جهة مجهولة. هذه المرة لم يبق من سيارة الرائد عيد الا اطار واحد اذ تمزق هيكلها بحامليها، واستعان الجيش اللبناني بالكلاب البوليسية لتعقب الأشلاء في المساحات الممتدة في محيط الطريق المكشوف في الاتجاهات الاربعة بعدما ادى عصف الانفجار الى احتراق عشرات السيارات العابرة والمتوقفة في موقف بناية شركة"مياتل"للاتصالات، ومقتل مدنيين اثنين أحدهما ألان صندوق، والثاني مجهول الهوية بسبب التشوهات، واصابة 41 شخصاً بجروح تراوحت اصاباتهم بين الطفيفة والبليغة. دور محوري وبدا ان استهداف سلك قوى الامن الداخلي وتحديداً شعبة المعلومات فيه والرائد عيد تحديداً له اكثر من معنى وهدف، خصوصاً ان الشهيد كان يشغل منصب رئيس المكتب الفني في مصلحة الاتصالات وشعبة المعلومات، ويعمل في مجال تحليل الاتصالات، وكان له دور اساسي في الاتصالات مع لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الرئيس الحريري، وتردد انه التقى قبل يومين رئيس اللجنة الجديد القاضي دانيال بلمار. ولعب الشهيد دوراً محورياً في كشف جريمة متفجرتي عين علق بداية العام الماضي، وكان على رأس قوة امنية عند ملاحقة السوري"ابو يزن"من"فتح الاسلام" في أحد احياء طرابلس العام الماضي، وأصيب النقيب عيد يومها اصابات بالغة حين اُستهدف بقنبلة رميت في اتجاهه وبقي يتلقى العلاج طويلاً من جروح في خاصرته وفخذه وقدمه. مسرح الجريمة الذي تحول الى منطقة مغلقة من الاجهزة الامنية من جيش وقوى امن وأجريت عملية مسحه بدقة من قبل المتخصصين، كان مقصد عشرات الأهالي الباحثين عن مصير ابناء لهم صودف مرورهم في المكان خصوصاً ان المنطقة تعج بالمؤسسات التجارية والشركات وتقع قريباً منها جامعة الحكمة. وما استدعى تساؤل الكثر ممن واكبوا جرائم مماثلة ان المكان الذي اختير لوضع السيارة المفخخة، وهي من نوع"بي ام دبليو- 320"، كان منطقة مفتوحة، فلم يضعوها تحت الجسر الذي سلكته سيارة الضحية لحصر الانفجار بالمستهدف فيه، وانما بعده بأمتار قليلة، ربما ليتمكن منفذ التفجير لاسلكياً من مشاهدة مسار ضحيته وهو ما يحجبه الجسران في المحلة، علماً ان الابنية المحيطة بعيدة نسبياً وثمة أبنية تطل على الموقع من جهة الطريق المؤدي الى الحازمية. وتمكن المحققون من العثور على موتور السيارة المفخخة وعلى ناقل السرعة فيها، فيما تبين ان الأجزاء الأخرى تفتتت ويجرى العمل على جمع ما امكن منها، علماً ان السيارة المركونة أمام السيارة المفخخة قذفها الانفجار الى بعد 60 متراً، واحدثت في مكان انفجارها حفرة كبيرة. وذكر عدد من الشبان ممن يعملون في ابنية تشرف على موقع الجريمة ل"الحياة"انهم شاهدوا من مكاتبهم المشرفة دخاناً بني اللون تحول الى اسود تصاعد كالعمود من يمين الطريق المؤدي صعوداً الى الحازمية ثم سمعوا دوي الانفجار ثم شاهدوا بعد لحظات اعمدة دخان اخرى تصاعدت من مكانين قريبين وهي ناجمة عن احتراق سيارات. واشاروا الى ان تلك المنطقة كانت تشهد زحمة سير مقبولة وان النقطة التي فجرت فيها السيارة المفخخة تفترض من السيارات العابرة التباطؤ نسبياً لأن هناك مسارب جسور. وقال شاهد عيان آخر يدعى غندور مشلب انه كان يعبر المكان ولم يسمع الانفجار بداية انما شاهد الدخان يتصاعد من المكان الذي اصبح خلفه فعاد ادراجه للمساعدة في اخماد الحرائق وقال انه شاهد الكثير من الأشلاء وثمة جثة قذفها الانفجار الى فوق الجسر وهي ممزقة، ووصف ما شاهده ب"المرعب جداً"، واشار الى انه لم يتمكن من طمأنة اهله"لأن الاتصالات انقطعت"، وهو لا يزال يعاني"الصدمة". الضحايا وذكرت نقابة المستشفيات في لبنان ان مجموع الاصابات التي تم استقبالها في المستشفيات الخاصة من جراء الانفجار بلغ 41 اصابة، 33 منها عولجت في اقسام الطوارىء و7 حالات استشفاء وشهيد. وكان سارع الى المكان مسعفو الصليب الاحمر اللبناني الى جانب عناصر الجيش والدفاع المدني وشاركوا في اخماد الحريق وانتشال الضحايا والمصابين. وعرف من الجرحى: محمد علي ماجد، سيدة الياس نجم، علي احمد صالح، محمد خليل سلوم، لينا خليل ارزوني، ماري تريز ابو عون، اليانا بشارة نجيم ، ماريا عمون فارس، ديالا شديد حلو، لينا ميلان الياس، زينة سليمان نعمة، غابي سعيد الهندي، عفيف خليل داغر، ربيع عبود، رنا نجم، بيار ابو ضرغم، رجا مغربي، جميل سليم طرزي، فيكتور غطاس، سعيد عازار، جورج ابو حرب، وديع صقر، زينة خوري، ليليان سركيس، انطوان فرحات، جويل حجار، ربيع رعد، خالد خير، غسان ديب، روني شكر الله، روجيه خوري، شارل عمار، ووليد كنعان. وغادر الجميع المستشفى باستثناء اثنين. الرسالة وصلت وسارع الى موقع الانفجار كل من المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، وقاضي التحقيق العسكري الأول رشيد مزهر ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي جان فهد. وأكد اللواء ريفي بعد تفقده المكان ان"بعد استهداف العميد فرانسوا الحاج في الجيش، استهدف اليوم ضابط مهم جداً في قوى الأمن الداخلي، ونحن مستمرون في مهمتنا بحماية هذا البلد، ولن تردعنا أو تخيفنا أي عملية استهداف". وأوضح أن"الانفجار ناجم عن سيارة مفخخة وبدأ الخبراء بتحديد حجم الحفرة لتحديد كمية المتفجرات"، مؤكداً أن"الرسالة وصلت، إنها رسالة إرهابية لنا عبر استهداف النقيب المهندس الشهيد عيد الذي كان يعمل على كل الملفات التي لها علاقة بالتفجيرات الإرهابية وله دور تقني فيها". مرسوم ترقية ولاحقا نعى وزير الداخلية حسن السبع"الرائد الشهيد عيد ومرافقه المعاون مرعب والمواطنين الأبرياء الذين سقطوا في التفجير الاجرامي". ومنح السبع ميدالية وزارة الداخلية للشهيدين و"التي سبق للشهيد عيد ان نالها سابقا تقديراً لتضحياته وبطولاته وعمله والدور الذي بذله في كل المراكز التي شغلها وتحديداً تلك المتعلقة بالتحقيقات في الجرائم الارهابية". ووقع السبع ايضاً مرسوماً"قضى بترقية الشهيد عيد الى رتبة رائد، فيما رقي الشهيد مرعب الى رتبة معاون بعد الاستشهاد". واعتبر السبع، في تصريح"ان الحملة التي تستهدف قوى الأمن الداخلي، خصوصاً فرع المعلومات هي نتيجة العطاء والنتائج التي حققها هذا الفرع، والنقلة النوعية لقوى الامن من العام 2005 حتى الآن، وليست المرة الاولى التي تستهدف المؤسسة الأمنية بهذه الطريقة، وهذا لن يؤثر في معنوياتنا، ولا يدفعنا الى تغيير الاتجاه، والعمل للوصول بالبلد الى شاطئ الامان". وقال:"النقيب عيد هو من اهم الضباط في فرع المعلومات، وسبق ان استهدف بقنبلة على منزله، كما استهدف عند مداهمة شارع المئتين، وهذه ثالث محاولة يستهدف بها، وباستشهاد اللواء فرانسوا الحاج، واستشهاد النقيب عيد مع المرافقين والمواطنين، يحاولون ضرب العمود الفقري للدولة اللبنانية الذي هو الأمن، والمتمثل بالجيش وقوى الامن الداخلي، وبقية الاجهزة الأمنية، لكن هناك تصميماً وإرادة للعمل نحو الهدف الذي هو الاستقلال والحرية". تعزية قائد الجيش واتصل قائد الجيش العماد ميشال سليمان بالوزير السبع واللواء ريفي معزياً بالرائد عيد والشهداء"الذين سقطوا بفعل العمل الاجرامي الذي استهدفهم، متمنياً الشفاء للجرحى". وأعلن وقوف المؤسسة العسكرية الى جانب قوى الامن الداخلي والتضامن معها بكل عزم، مؤكداً ان"هذه الاعمال الاجرامية لن تثني القوى الامنية مجتمعة عن متابعة مسيرة السلم الأهلي ولن تجعلها تذعن للارهاب في كل اشكاله وان ضريبة الدم التي يدفعها المواطنون الابرياء تزيد من الاصرار على مواجهة العابثين بأمن لبنان واستقراره". أهالي دير عمار الغاضبون قطعوا الطريق الدولية عم الحزن بلدة دير عمار قضاء المنية - الضنية في الشمال فور شيوع نبأ اغتيال ابنها النقيب وسام عيد. وخرج عدد من الأهالي الى الطريق الدولية التي تربط شمال لبنان بسورية وقطعوها في الاتجاهين بإطارات مشتعلة استنكاراً وتعبيراً عن غضبهم, وذلك مدة ثلاث ساعات. وأشاد الأهالي بالضابط الشهيد مطالبين بمحاسبة قتلته داعين رجال السياسة الى تحمّل المسؤولية في هذه الجريمة. وبعد اتصالات مع وزير الشباب والرياضة احمد فتفت والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء اشرف ريفي، أعادت قوى الأمن فتح الطريق أمام السيارات مستخدمة جرافات لإزالة الإطارات المشتعلة مما سهل عملية المرور. وعادت الطريق لتشهد زحمة سير خانقة. نبذة عن الشهيدين نعت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي شعبة العلاقات العامة شهيديها ووزعت نبذة عن حياتهما. الرائد عيد مواليد عام 1976، دير عمار عازب. دخل السلك بتاريخ 18/4/2001 برتبة ملازم مهندس مع أقدمية سنتين في الرتبة والراتب وتدرج في الرتب حتى رتبة نقيب مهندس. ورقي إلى رتبة رائد مهندس بعد الإستشهاد ونال: وسامي الحرب والجرحى ميدالية الأمن الداخلي وميدالية الجدارة. وخدم في مراكز عدة هي: معهد قوى الأمن الداخلي، شعبة المعلوماتية، مكتب مكافحة جرائم السرقات الدولية، رئيس المكتب الفني في مصلحة الاتصالات وشعبة المعلومات. حائز ميدالية وزارة الداخلية وتهنئة وزير الداخلية، وعلى تنويهات من اللواء المدير العام والعميد قائد المعهد". اما الشهيد مرعب فهو من مواليد عام 1977 البيرة عكار، متأهل، وله ولدان. دخل السلك بتاريخ 1/9/1997 برتبة دركي متمرن وتدرج في الرتب حتى رتبة رقيب أول. ورقي إلى رتبة معاون بعد الاستشهاد ونال وسامي الحرب والجرحى، ميدالية الأمن الداخلي، ميدالية الجدارة، الميدالية العسكرية وميدالية وزارة الداخلية والبلديات. وخدم في مراكز هي: معهد قوى الأمن الداخلي، وحدة القوى السيارة، فوج التدخل السريع، السرية الخاصة، وحدة الشرطة القضائية، مكتب مكافحة الجرائم المالية، مفرزة طرابلس القضائية، وحدة جهاز أمن السفارات، فوج الإدارات العامة مجموعة قصر عدل بعبدا، ووحدة الإدارة المركزية، مصلحة الاتصالات مكتب المشاغل المركزية وشعبة المعلومات، حائز الميدالية التذكارية وتهنئة وزير الداخلية مرتين وتهنئة العماد قائد الجيش، وعلى تنويهات من اللواء المدير العام والعميد قائد الشرطة القضائية والعميد قائد القوى السيارة.