محافظ بيش يطلق برنامج "انتماء ونماء" الدعوي بالتزامن مع اليوم الوطني ال94    البنك الدولي يعزز تمويلاته المخصصة لتخفيف آثار التغير المناخي    محافظ الزلفي يلتقي مدير إدارة كهرباء منطقة الرياض    الأمم المتحدة تؤكد أنها نفذت خطط الاستجابة الإنسانية ل 245 مليون شخص    الأخدود يتعادل سلبياً مع القادسية في دوري روشن للمحترفين    محافظ حفرالباطن يرأس المجلس المحلي    أمطار متوسطة على منطقة المدينة المنورة    أبها تستضيف منافسات المجموعة الرابعة لتصفيات كأس آسيا تحت 20 عاماً    «الجيولوجيا»: 2,300 رخصة تعدينية.. ومضاعفة الإنفاق على الاستكشاف    «المجنون» و«الحكومة» .. مين قدها    5 محاذير عند استخدام العلم السعودي    محمد القشعمي: أنا لستُ مقاول كتابة.. ويوم الأحد لا أردّ على أحد    وظيفةُ النَّقد السُّعودي    جمعية النشر.. بين تنظيم المهنة والمخالفات النظامية المحتملة    حصّن نفسك..ارتفاع ضغط الدم يهدد بالعمى    احمِ قلبك ب 3 أكوب من القهوة    احذر «النرجسي».. يؤذيك وقد يدمر حياتك    هدف متأخر من خيمينيز يمنح أتليتيكو مدريد على لايبزيغ    جوشوا ودوبوا يطلقان تصريحات التحدي    مصادرة صوت المدرجات    النصر وسكّة التائهين!    قراءة في الخطاب الملكي    ماكرون: الحرب في لبنان «ليست حتمية».. وفرنسا تقف إلى جانب اللبنانيين    قصيدة بعصيدة    شرطة الرياض: القبض على مواطن لمساسه بالقيم الإسلامية    حروب بلا ضربة قاضية!    دراسات على تأثير غطاء الوجه على صحة الإناث..!    سوق المجلس التراثي بشقراء يواصل استعداداته للاحتفاء باليوم الوطني 94    أدب تختتم ورشة عمل ترجمة الكتاب الأول بجدة    التزامات المقاولين    الذكاء الاصطناعي يقودني إلى قلب المملكة    ديفيد رايا ينقذ أرسنال من الخسارة أمام أتلانتا    أمانة الطائف تكمل استعداداتها للإحتفاء باليوم الوطني 94    جازان: إحباط تهريب (210) كيلوجرامات من نبات القات المخدر    صحة جازان تدشن فعاليات "اليوم العالمي لسلامة المرضى"    الاستثمار الإنساني    سَقَوْهُ حبًّا فألبسهم عزًّا    هيئة الأفلام تطلق النسخة الثانية من "منتدى الأفلام السعودي" أكتوبر المقبل    نائب أمير جازان يطلق البرنامج الدعوي "انتماء ونماء" المصاحب لليوم الوطني ال 94    محافظ الأحساء: الخطاب الملكي يحمل حرصا شديدا على حماية هويتنا وقيمنا    أكثر من 5 ملايين مصلٍ يؤدون الصلوات في المسجد النبوي خلال الأسبوع الماضي    الكويت ترحب بتبني الأمم المتحدة قرارًا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المحتلة    فريق طبي بمستشفى الملك فهد بجازان ينجح في إعادة السمع لطفل    برعاية خادم الحرمين.. «الإسلامية» تنظم جائزة الملك سلمان لحفظ القرآن    فريق بحثي سعودي يطور تكنولوجيا تكشف الأمراض بمستشعرات دقيقة    أمطار متوسطة إلى غزيرة مصحوبة بالبرد وتؤدي لجريان السيول على 5 مناطق    المواطن عماد رؤية 2030    اليابان تحطم الأرقام القياسية ل"المعمرين"    تعزيز التحول الرقمي وتجربة المسافرين في مطارات دول "التعاون"    الأمير سعود بن مشعل يشهد اجتماع الوكلاء المساعدين للحقوق    إلى جنَّات الخلود أيُّها الوالد العطوف الحنون    برعاية وزير الداخلية.. تخريج 7,922 رجل أمن من مدن التدريب بمناطق المملكة    وفد من الخطوط السعودية يطمئن على صحة غانم    المهندس الغامدي مديرا للصيانة في "الصحة"    سلامة المرضى    كلام للبيع    كسر الخواطر    هيئتا الأمر بالمعروف في بلجرشي والمخواة تفعّلان برنامج "جهود المملكة العربية السعودية في محاربة التطرف والإرهاب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بينظير بوتو دمشق أقنعت لحود قبل يومين من انتهاء ولايته بعدم تشكيل حكومة ثانية ... والعاهل الأردني اقترح العماد سليمان . رواية دمشق لتوافقاتها مع باريس فيپ"إدارة" أزمة لبنان حتى "نضوج" رأي واشنطن
نشر في الحياة يوم 01 - 01 - 2008

بحسب المعلومات المتوافرة، وعد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الرئيس السوري بشار الأسد بالكثير من"الحوافز"السياسية والاقتصادية، بينها قيامه بزيارة دمشق لإعلانه رسمياً انتهاء العزلة، في حال انتخب العماد ميشال سليمان رئيساً توافقياً في الجلسة التي كانت مقررة للمجلس النيابي اللبناني في 22 كانون الأول ديسمبر.
ويتساءل مسؤول سوري:"هل يمكن ان تعمل دمشق ضد مصالحها الوطنية وترفض هذه الحوافز؟"، قبل ان يقول لپ"الحياة":"بالطبع لا. لكن هذا يتوقف على طبيعة الدور المتوقع من دمشق. اذا كان المقصود بالدور البنّاء ان تسهل دمشق للأكثرية احتكار السلطة وتنصيبها غالباً على المعارضة، فهذا وهم. اما اذا كان المتوقع لعب دور المسهل للوصول الى حل توافقي على أساس: لا غالب ولا مغلوب، فهذا هو الذي يجرى العمل عليه".
على هذا الاساس، رفضت دمشق فرض تسوية على المعارضة التي تطالب بتشكيل حكومة وحدة وطنية تتضمن"الثلث الضامن"، اي الحصول على 11 حقيبة مقابل 14 للأكثرية و5 لرئيس الجمهورية.
كان الاتصال الهاتفي الأخير من ساركوزي بالأسد، الثالث الذي بادر به الرئيس الفرنسي في الأسابيع الأخيرة، إضافة الى إيفاده الأمين العام للرئاسة كلود غيان والمستشار الديبلوماسي دافيد ليفيت مرتين الى دمشق. قيل بعد هذا الاتصال ان ساركوزي قال ان جلسة مجلس النواب اللبناني تلك هي"الفرصة الأخيرة"وجرى تسريب ان الاتصالات السورية - الفرنسية توقفت، غير ان المصادر السورية تفيد ان الاتصالات الهاتفية بين غيان ووزير الخارجية السوري وليد المعلم لا تزال قائمة.
وتعود الاتصالات السورية - الفرنسية الى بداية عهد ساركوزي الذي أعلن"القطيعة"مع ارث الرئيس السابق جاك شيراك، وقرر ان يختبر الأمور بنفسه من دون الاعتماد على"الإرث الشخصي"لسلفه. ومن الأمور الأخرى التي ساهمت في فتح صفحة جديدة، تنامي الاعتقاد بفشل سياسة عزل سورية وتغير الأولويات في الشرق الأوسط. تضاف الى ذلك،"نصائح"قدمها زعماء عرب وأصدقاء شخصيون لساركوزي واستمرار التعاون الأمني بين باريس ودمشق في احلك مراحل التوتر واستخدام ذلك كقناة خلفية لتبادل الرسائل.
انخراط حذر
قام الأسلوب الجديد بين البلدين على قاعدة الانخراط الحذر لبناء الثقة بحيث يقوم كل طرف بخطوة ليراقب رد فعل الآخر قبل الإقدام على خطوة جديدة: برقية تهنئة من الأسد الى ساركوزي بانتخابه رئيساً قابلها الرئيس الفرنسي ببرقية تهنئة للأسد بانتخابه رئيساً في تموز يوليو الماضي. تسهيل دمشق ذهاب المعارضة الى اجتماعات سان كلو في الصيف، قابلته باريس بإيفاد جان كلود كوسران مبعوث وزير الخارجية برنارد كوشنير الى دمشق في نهاية تموز الماضي لإطلاع المعلم على مسيرة هذه الحوارات.
وكانت مسيرة الانخراط تتعثر بين فينة وأخرى لدى حصول اي تطور مفاجئ في لبنان. اذ بعد اغتيال النائب انطوان غانم، اعلن كوشنير انه ألغى لقاء كان ينوي عقده مع المعلم على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في ايلول سبتمبر الماضي. لكن التواصل بقي مستمراً بحيث زار كوسران دمشق في نهاية تشرين الاول اكتوبر الماضي. وقالت مصادر ديبلوماسية غربية ان هذه الزيارة استهدفت ثلاثة أهداف:"الأول، تقديم إيجاز الى المسؤولين السوريين في شأن نتائج زيارة كوشنير ونظيريه الإسباني ميغيل انخيل موارتينوس والايطالي ماسيمو داليما. الثاني، استئناف الحوار السوري - الفرنسي. الثالث، التمهيد للقاء المعلم وكوشنير"، على هامش مؤتمر وزراء خارجية دول جوار الموسع في اسطنبول في بداية تشرين الثاني نوفمبر الماضي.
كان"الرهان"السوري - الفرنسي هو التوافق الثنائي على صيغة وفرضها على الجانب الاميركي. وكان الديبلوماسيون الفرنسيون يلاحظون ان استضافة ادارة الرئيس جورج بوش المؤتمر الدولي للسلام في انابوليس تشكل"فرصة ذهبية"تساعد في اقناع واشنطن بقبول التوافق لأنها معنية بنجاح المؤتمر الدولي، وهذا يوسع هامش التحرك الفرنسي لأن إدارة بوش مشغولة بأنابوليس، في المقابل كانت دمشق تلاحظ استمرار واشنطن في دعمها خيار انتخاب رئيس بالنصف زائداً واحداً.
بدا هذا واضحاً لدى"تحذير"وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس من"اي خطوة ديبلوماسية من شأنها ان تقدم تنازلات للمعارضة اللبنانية الموالية لسورية من اجل حل الازمة السياسية في لبنان"، اذ ابلغت بعض محاوريها عشية اللقاء الذي كان متوقعاً بين المعلم وكوشنير في الثاني من تشرين الثاني:"هناك الكثير من الكلام الجاري عن امكان التوصل الى اتفاق، وهذا امر جيد. الا ان اي مرشح للرئاسة او اي رئيس يجب ان يلتزم استقلال لبنان وسيادته والقرارات الدولية التي وافقت عليها بيروت، كما عليه ان يلتزم موضوع المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة رئيس الحكومة اللبناني السابق رفيق الحريري".
وقبل ان يدخل كوشنير الى اللقاء مع المعلم، تبلغ عبر سفيره في انقرة برنارد ايميه ان ساركوزي قرر ايفاد غيان وليفيت الى دمشق. وكان ذلك اول لقاء بين وزيري الخارجية السوري والفرنسي منذ اغتيال الحريري في بداية 2005.
وبحسب المعلومات، فإن لقاء كوشنير والمعلم الذي تضمن جلسة مغلقة، كان متوتراً في بعض الأحيان، اذ قال الأول:"اننا نعرف ما تفعلون في لبنان وبضرورة وقف الاغتيالات"، مقابل حزم المعلم بپ"وجوب عدم توجيه اي اتهام من دون دليل"وانه"في حال توافر دليل يمكن تقديمه عبر الاقنية الأمنية القائمة".
وباعتبار ان صورة كوشنير ليست وردية في دمشق، حرص المعلم على التعامل بمنتهى الدقة في الاجتماع الرسمي مع تفضيل للاتصالات المباشرة مع الاليزيه. ويقول أحد المسؤولين ان المعلم بدأ بسرد النقاط التوافقية بين الطرفين في وقت كان مدير المكاتب الخاصة بسام الصباغ يكتبها وراءه بعد تدقيق من كوسران. وبحسب دمشق، اتفق الوزيران على النقاط الآتية:"أولاً، مرشح توافقي يجرى انتخابه في موعده ووفق الأصول الدستورية. ثانياً، عدم قبول اي فيتو من الأقلية يمنع التوافق. ثالثاً، لا سورية ولا فرنسا لديها أسماء لمرشحين للرئاسة. رابعاً، الحل يجب ان يكون لبنانياً من دون تدخل خارجي. خامساً، اي طرف في لبنان او خارجه يقف في مواجهة اي مرشح توافقي يعني انه ضد وحدة لبنان ولا يريد الاستقرار والأمن فيه. سادساً، الرئيس الجديد الذي سيتم انتخابه بالأغلبية وبموافقة معظم الأطراف، سيتم دعمه من سورية وفرنسا".
وعلى رغم الحرص السوري، فوجئ المعلم بتصريحات كوشنير بعد اللقاء التي"تختلف جوهرياً عما اتفق عليه". وأبلغت مصادر فرنسية وقتذاك"الحياة"ان كوشنير كان"حازماً إزاء لبنان وضرورة عدم عرقلة سورية لأي توافق"وأن استمرار الحوار مرتبط بالهدوء ووقف الاغتيالات. وشرحت رأيها في النقاط التوافقية التي تم التوصل اليها، من انها تتضمن"انتخاب رئيس بأغلبية واسعة وإجراء الانتخابات في موعدها ووفق الأصول الدستورية ووجوب حصول الانتخابات وعدم حصول اي فراغ او حكومة ثانية"باعتبار ان ذلك"ليس من مصلحة سورية وفرنسا".
وتتضمن أيضاً ان يكون"انتخاب الرئيس بأغلبية واسعة، وأن الفيتو ليس الطريقة الجيدة لحل القضية اللبنانية"وپ"ان لا لسورية ولا لفرنسا اسماء او مرشحون للرئاسة". وأشارت المصادر الفرنسية الى ان كوشنير"لم يوافق"على فكرة سورية تفيد ان"اي طرف داخلي او خارجي، يقف ضد مرشح توافقي يعني انه ضد وحدة لبنان ولا يريد استقراره وأمنه"، ذلك في رغبة لعدم الإشارة الى واشنطن. واقترح الجانب السوري ان"الرئيس الجديد الذي سيتم انتخابه بأغلبية وبموافقة معظم الأطراف، سيتم دعمه من سورية وفرنسا".
تشدد اميركي
تعزز الاعتقاد لدى المسؤولين السوريين، سواء من خلال اللقاء السباعي فرنسا، اميركا، الأمين العام للجامعة العربية والرباعية العربية في اسطنبول او لقاء المعلم ورايس في الثالث من تشرين الثاني في اسطنبول، بأن الفجوة واسعة بين الموقفين السوري والأميركي إزاء حل الأزمة اللبنانية، مع مساع متعددة الأطراف لربط الانتخابات الرئاسية اللبنانية بمؤتمر انابوليس.
ارادت رايس، بحسب المعلومات، من تنظيمها"الاجتماع السباعي"ان توجه"رسالة قوية وجماعية الى سورية بأن تتعاون في الموضوع اللبناني، وانه اذا لم تتعاون ستكون مشكلة مع المجتمع الدولي". وأجريت خمس محاولات لدعوة المعلم الى هذا الاجتماع وقطع طريقه الى المطار والعودة الى اللقاء. لكنه قال:"انا لا ادعى الى لقاء في اللحظة الأخيرة. هذا موضوع لبناني يقرره اللبنانيون. هذا هو الاحترام الحقيقي لسيادة لبنان واستقلاله".
وعن لقاء المعلم ورايس، كان مستشار وزيرة الخارجية ديفيد ساترفيلد ابلغ"الحياة"ان رايس"قالت بوضوح ان اختيار الرئيس اللبناني هو خيار لبناني من دون تدخل او تهديد خارجيين. رئيس لبنان يجب ان يكون ملتزماً سيادة لبنان واستقلاله والتزامات لبنان والقرارات الدولية 1559 و1701 والمحكمة الدولية"وانها قالت:"هناك فرصة لسورية كي تتخذ القرارات المناسبة والجميع يراقب تصرفاتها".
في المقابل قالت مصادر سورية ان المعلم شدد على وجوب"الا يكون لسورية ولا لأميركا مرشح رئاسي"، مؤكداً ان"من لا يريد التوافق لا يريد مصلحة لبنان واستقراره". وأضاف المعلم:"هي قالت لي: نحن مع الأكثرية ونعترف بشرعية حكومة فؤاد السنيورة وان تنتخب الأغلبية رئيساً ينفذ القرارات الدولية. وهكذا نرى الديموقراطية: الأكثرية تحكم الأقلية"، في حين شدد المعلم على ان"النظام اللبناني يقوم على التوافق"وأن في لبنان"ديموقراطية توافقية"وأن"من يريد الحل يجب ان يقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف".
جسر بين دمشق وواشنطن
أمام هذه الفجوة في موقفي واشنطن ودمشق من جهة وبروز الرابط السري بين انابوليس والرئاسة اللبنانية، كانت زيارة غيان وليفيت الى دمشق في الرابع من تشرين الثاني حاسمة في رسم"خريطة الطريق"نحو المستقبل وادارة الأزمة اللبنانية بأقل الخسائر. ومن اكثر الذين لعبوا دوراً في هذا الربط، هو العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الذي حملت زيارته دمشق في تشرين الثاني الكثير من المعاني. وقيل انه كان بين اوائل من اقترحوا ترشيح العماد سليمان رئيساً مقبولاً من دمشق مقابل المشاركة في انابوليس، بحيث لم تكن صدفة ان الوفد اللبناني سمع خلال وجوده في انابوليس بترشيح سليمان.
وبحسب المعلومات السورية، كان مضمون رسالة ساركوزي الى الأسد التي نقلها غيان وليفيت"يتحدث عن رغبة فرنسا بالتعاون مع سورية لتسهيل التوافق اللبناني والحوار بين اللبنانيين، إضافة الى آفاق تطور العلاقات الثنائية بين سورية وفرنسا وبين دمشق وبقية الدول الأوروبية والمجتمعين الدولي والعربي". وقال المعلم ان جواب الأسد كان ان دمشق"لا تنوي عمل شيء لأن ليست لديها اتصالات مع كل الأطراف اللبنانيين"، مشيراً الى ان غيان وليفيت"أكدا ان لفرنسا اتصالات مع كل الأطراف وأن قرار باريس هو الوقوف على مسافة واحدة من كل الأطراف".
بحسب دمشق، أسفرت الزيارة عن الاتفاق على ثلاثة اطر عامة:"أولاً، العلاقات السورية - الفرنسية ليست مرتبطة بطرف ثالث مهما يكن. الثاني، سورية تتعاون مع فرنسا اذا تأكدنا من ان أميركا لن تتدخل وتعرقل الحل المنشود. الثالث، ان سورية في تعاونها تهدف الى تشجيع اللبنانيين على الحوار في ما بينهم لأن الحل يجب ان يكون لبنانياً وينطلق من قاعدة التوافق". بل يذهب بعض المصادر الى ان الجانب السوري أشار الى انه"بمجرد دخول أميركا على الخط، فإن دمشق ستنسحب لأن التدخل الأميركي يستهدف فرض تسوية غير توافقية او تخريب التسوية".
وفهم ان الآلية انطلقت من انه باعتبار ان دمشق لا تقيم علاقات مع جميع الأطراف على عكس فرنسا وانه يجب ان يتوافق المسيحيون اولاً على مرشحيهم، على باريس ان تقنع البطريرك بطرس صفير بتقديم قائمة من المرشحين، ثم يأتي دور سورية بالعمل لإنجاز توافق لدى حلفائها في المعارضة، اي"حزب الله"وپ"أمل"والآخرين، عدا تكتل"الإصلاح والتغيير"بزعامة ميشال عون لأن"لا اتصال مباشراً بيننا وبينه".
حمل ساركوزي هذه"الآلية"وپ"المبادئ"الى الرئيس الاميركي جورج بوش في لقائهما بعد يومين من زيارة مبعوثيه دمشق، للحصول على مباركة للجهود الفرنسية - السورية لحل الازمة. وبحسب المعلومات أجريت ترجمة"المباركة"الأميركية في الحياد وعدم التدخل بعدم ايفاد مبعوثين الى بيروت والإدلاء بتصريحات قد يستغلها فرقاء لبنانيون لقطع الطريق على التسوية.
وبينما كان يجرى تصعيد خطابي من الاكثرية باحتمال اللجوء الى خيار انتخاب الرئيس بالنصف زائداً واحداً ومن المعارضة باللجوء الى تشكيل الرئيس السابق اميل لحود حكومة ثانية، عملت كل من دمشق وباريس على"تسويات صغيرة"بحيث يسقط كل طرف خياره التصعيدي ويتفق على"الفراغ البارد"او"المنظم"في انتظار الوصول الى مرشح توافقي.
إقناع لحود
وعلم ان دمشق أقنعت الرئيس اميل لحود قبل يومين من انتهاء ولايته في 23 تشرين الثاني الماضي بضرورة عدم اتخاذ خطوات تصعيدية وعدم تشكيل حكومة ثانية كما كان وعد قبل اشهر. ووضع هذا في خانة الجهود السورية للوصول الى توافق والحفاظ على أمن لبنان واستقراره وتسهيل حصول توافقات.
وكانت الاتصالات بين غيان والمعلم تجرى يومياً، بحيث يطلع الاول الثاني على اتصالاته مع الدول العربية مثل السعودية ومصر والفرقاء اللبنانيين مقابل اطلاع المعلم لغيان على اتصالاته مع مبعوثي رئيس البرلمان نبيه بري وپ"حزب الله"لتجاوز العقبات وپ"تسهيل الحل وليس فرضه".
ويروى ان مسؤولاً فرنسياً علق لدى وصوله نبأ ان العماد سليمان سيكون مرشحاً توافقياً ان"سورية انتصرت". ثم كان"الخبر الجيد"للطرفين لدى توصل كوشنير خلال لقائه بري ورئيس كتلة"المستقبل"سعد الحريري الى ورقة المبادئ. ويقول المعلم انها تضمنت"أولاً، انتخاب رئيس توافقي هو العماد سليمان من خلال تعديل الدستور. ثانياً، تشكيل حكومة وحدة وطنية بحسب التمثيل في الكتل البرلمانية. ثالثاً، تعديل قانون الانتخابات في شكل عادل ومنصف"، الأمر الذي عبر عنه كوشنير بالقول في ختام زيارته الخامسة انه حقق"نصف انتصار".
واصطدم تنفيذ المبادئ - بحسب المعلم - بعقبتين تمثلتا بآلية تعديل الدستور وتركيبة الحكومة وپ"بدا واضحاً ان الخلاف ليس قانونياً بل ان عوامل سياسية تقف وراءه، ذلك ان هناك رأيين: رأي يعترف بحكومة فؤاد السنيورة، ورأي لا يعترف بها ولا بوزرائها ويعتبر انها حكومة غير شرعية لأنها حكومة تستبعد طائفة كاملة من تركيبتها".
ونتيجة استمرار الاتصالات جرى حل عقبة آلية تعديل الدستور بفضل اقتراح من المحامي النائب بهيج طبارة، غير ان تركيبة الحكومة بقيت عقبة.
وبحسب اعتقاد المسؤول السوري، فإن"الأزمة في لبنان تعود الى اكثر من عام والاعتصامات موجودة في الساحات. ونرى ان الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة بين الأطراف اللبنانيين مهم كأهمية انتخاب رئيس جديد، لأنه سيؤدي الى تفعيل كل المؤسسات الدستورية وينهي الاعتصامات ويمهد الطريق أمام حوار وطني لبناني شامل"، ما يعني ترجمة ذلك بحكومة تضمن للمعارضة الثلث الضامن. وأوضح المعلم:"اذا أخذنا نسبة نواب المعارضة، فهي 45 في المئة ونسبة الاكثرية هي 55 في المئة. هذا يعني حسابياً: 17 وزيراً للأكثرية و13 وزيراً للمعارضة مع مراعاة حصة رئيس الجمهورية التي تؤخذ من الطرفين بحسب هذه النسبة".
بوش يلتقي معارضين
وبحسب دمشق، بينما كان التواصل مع باريس بالغاً"لحظة حاسمة"ومتجاوزاً الكثير من المطبات، تدخلت واشنطن بإيفاد مساعد وزيرة الخارجية ديفيد ولش ومساعد مسؤول الأمن القومي إليوت ابرامز، مع بروز تزامن بين تصريحات الرئيس بوش من ان"صبره نفد"من الأسد وتسريبات صحافية من ساركوزي انه وجّه"انذاراً"للرئيس السوري.
اللافت ايضاً، ان بوش استقبل في بداية كانون الأول ثلاثة معارضين سوريين لنحو ساعة بحضور كبار مساعديه، بالتزامن مع إعلان دعمه"إعلان دمشق"المعارض الذي كان تشكل بين قوى معارضة في تشرين الأول اكتوبر العام 2005، عندما كان هناك كلام أميركي وأوروبي عن"تغيير النظام"في دمشق، إضافة الى عقبات امام وضع الجولان على مؤتمر المتابعة المقرر في موسكو، وفق ما اقترح في أنابوليس.
كشف تراكم هذه التطورات، ميل الميزان في واشنطن مجدداً الى معارضي الانخراط مع دمشق بعدما كانت كفة مؤيدي الحوار برزت على خلفية مشاركة سورية في انابوليس. كما ساهمت التصريحات العلنية في ترسيخ الاعتقاد بأن عقد"صفقة"في شأن لبنان لم يحن بعد وأن هذا الأمر معقد جداً، على الأقل مع إدارة الرئيس بوش. علماً ان واشنطن شجعت وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري على زيارة دمشق للتعبير عن تقدير جهود سورية الامنية والسياسية.
وجاءت تصريحات نائب الرئيس فاروق الشرع خلال مؤتمر فروع"الجبهة الوطنية التقدمية"، وعلم ان مسؤولين فرنسيين سألوا نظراءهم السوريين عن تفسيرهم لقوله ان حلفاء سورية اقوى من اي وقت مضى مع ذكر العماد عون في رأس قائمة"الحلفاء"، ما اعتبرته باريس تناقضاً مع قول المعلم ان لا اتصالات مع عون. غير ان الجواب، بحسب مسؤول سوري، كان ان رئيس الجمهورية هو من يرسم السياسة الخارجية السورية وان وزير الخارجية هو من ينفذها.
في ظروف التصعيد الخطابي الأميركي وبعد زيارة ولش وابرامز وتسريبات فرنسية تصعيدية، عقد المعلم مؤتمراً صحافياً شرح خلفيات الاتصالات السورية - الفرنسية. وتساءل:"ماذا يريد ولش في زيارته بيروت؟ ماذا يريد من إعلانه وقوف أميركا مع الأكثرية في اي قرار تتخذه ثم يطالب بإجراء انتخابات بالسرعة الممكنة؟". التفسير السوري هو ان ادارة بوش"ليست مع التوافق بين اللبنانيين وتريد ان تحتكر الاكثرية القرار السياسي في لبنان".
وباعتبار ان المسؤولين السوريين يتذكرون انهم اتفقوا مع ساركوزي على"تحييد الموقف الاميركي المعطل للوفاق"،"فوجئوا"باستضافة باريس اجتماعاً بين رايس وكوشنير والامين العام للامم المتحدة بان كي مون ووزراء عرب، خصوصاً وسط تجاهله"دعم التوافق والقول ان الدول تقف على مسافة واحدة من اللبنانيين".
وصلت الامور الى حافة التصعيد وقطع الجهود وكأنها بدأت بالعودة الى سابق عهدها، اذ ذكّر مسؤولون سوريون بالسنوات الماضية التي شهدت محاولات لفرض عزلة على سورية، فقالوا:"ان سورية تعرضت الى موجة ضغوط هائلة من شيراك والغرب وبعض العرب، لكنها صبرت لأن المراد من تلك الضغوط لم يكن يعكس قناعات سورية ومصالحها"... وفق تعريف دمشق الذي يعطي الأولوية للمسألة اللبنانية.
هذا كان قبل سنوات، فكيف الآن، حيث الوضع السوري الإقليمي احسن ووضع إدارة بوش اعقد، وفي الاليزيه ساركوزي وليس شيراك. وزاد المسؤول:"ان الاعتقاد بأن الدور السوري البنّاء يعني ان نقوم بالضغط على المعارضة لتلبية موقف الأكثرية ويسهل لها احتكار السلطة، هو وهم. فسورية، أولاً، لن تضغط بل تشجع وتسهل. ثانياً، ان موقف المعارضة هو موقف مشروع إذ لا يطالبون بأكثر مما يمثلون في مجلس النواب".
وأرفق ذلك بمساعي دمشق لاستمرار التواصل من أجل الوصول الى استمرار تحييد الدور الأميركي.
وعلم ان غيان اتصل أمس مرتين بالمعلم، وذلك بعد تصريحات ساركوزي في القاهرة وتلويحه بالمحكمة الدولية وقطع الاتصالات، ما هدد بپ"إغلاق الأبواب"بين دمشق وباريس. ولا شك ان بقاء التصعيد الأميركي في الخطابات الإعلامية، خصوصاً في حال زار بوش بيروت بعد أيام، يترك حل الأزمة اللبنانية رهناً بپ"نضوج"الظروف في الشرق الأوسط وبين واشنطن ودمشق لتسوية تنعكس في لبنان. التي راقصت الموت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.