استطاع رسام الكاريكاتور الفلسطيني الشاب، محمد سباعنة، في معرض تجول في مدن فلسطينية، كان آخرها رام الله، وحمل اسم"حالة شغب"، أن يستدعي"حنظلة"، ويشعر جمهور مركز خليل السكاكيني الثقافي بأن روح ناجي العلي تطغى على المكان. "حنظلة"لم يغب عن إحدى رسومات سباعنة، كما لم يغب"الاقتتال الداخلي"بين حركتي"فتح"و"حماس"، كما لم يغفل الرسام جرائم الاحتلال الإسرائيلي وسياساته العنصرية، كذلك معاناة الفلسطيني اليومية، والأوضاع العربية المتردية والفساد وأزمة الرواتب التي طاردت الفلسطينيين عاماً ونصف العام. ومن الرسومات اللافتة تلك التي تصور امرأة حامل بتوأمين تحمل سكيناً وتنوي بقر بطنها في إشارة إلى"اقتتال الأخوة الأعداء"في الأراضي الفلسطينية. وهناك أيضاً كلمات الغزل التي يتبادلها عشاق فلسطين وتدور حول ال"خطف"، وال"تفجير"، وال"نيران". سباعنة الذي يهدي معرضه لروح رسام كاريكاتور ناجي العلي، الذي يرقد جثمانة في لندن حيث اغتيل، ول"وطن"ابن أخيه البكر الذي ولده وأباه خلف قضبان سجون الاحتلال الإسرائيلي، ينتقد"غياب البوصلة الفلسطينية"، و"عدم وضوح الرؤية"،"وطغيان المصلحة الفردية على العامة"، و"تغاضي المسؤول عن مشاكل العامة"، وغيرها من المواضيع بسخرية لاذعة لا تخلو من مرارة وألم كبيرين. سباعنة، الذي يقترب من الولوج إلى العقد الثالث من عمره، يؤكد أن ناجي العلي، هو"الأب الروحي لكل فنان كاريكاتور فلسطيني وعربي. من يتمكن من السير على منواله، فإنه بالضرورة فنان ذو موهبة فذة. أحاول أن أسير على خطه، وأتمنى أن أوفق". ويطالب سباعنة عبر"حالة شغب"، غير المتحزبين أو الحياديين، إلى اتخاذ موقف من الاقتتال الداخلي في الأراضي الفلسطينية، والعمل على وضع حد له، ليس عبر تشكيل جديد، بل عبر تحرك ما للآلاف المغيبة، أو الغائبة. ويرفض سباعنة أن يكون رسام الكاريكاتور"محايداً"، بل"عليه أن يكون صاحب موقف واضح من القضايا المصيرية التي تعصف بفلسطين، والمنطقة. على المبدع بالإجمال ألا يكون حيادياً على الإطلاق"يقول. وشخصية"أبو فايق"هي الطاغية في العديد من رسومات سباعنة الكاريكاتورية، وعنها يقول:"هو قروي يعبر بجرأة ومن دون مواربة عما يريد، ولا ينتمي لهذا الحزب أو ذاك، ففلسطين هي كل انتماءاته"، متمنياً أن يكون قد تمكن من التعبير عن نبض الشارع من خلاله. ويرى سباعنة أن فنان الكاريكاتور الفلسطيني يعاني الكثير، بسبب قلة عدد الصحف اليومية، التي هي المنابر الأساسية بالنسبة اليه، مفيداً:"لدينا 3 صحف يومية فقط، وبالتالي تبدو الفرص محدودة لفناني الكاريكاتور في الأراضي الفلسطينية". والمعرض، الذي سبق له أن تجول في مدينتي نابلس وجنين، من المقرر أن ينتقل إلى مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، في لبنان، من دون صاحبه، لأن القائمين على تنظيم المعرض في المخيم محدودو الإمكانات. إلا أن سباعنة يؤكد"ما يهمني أن يصل صوتي إلى العالم كله، من خلال رسوماتي"، مشدداً على أن"الإنسان الفلسطيني يحتاج الى حالة شغب أو تمرد تنطلق من الذات وعليها، قبل حاجته الى التمرد أو الثورة ضد الاحتلال، على رغم أهميتها وضرورتها".