في ضوء خبرتنا الميدانية، نحن الجنود المشاة وضباط الصف في الفرقة ال82 المجوقلة الموشكين على العودة الى الوطن والمضطلعين بمسؤولية قيادية، نشكك في التغطية الإعلامية التي تسبغ على النزاع، في الأيام الأخيرة، ألواناً تجعله مقبولاً. ويتراءى لنا ان هذه التغطية تغفل الاضطرابات المدنية والسياسية والأمنية المتفاقمة، وهي ما نختبره يومياً. فيقال أن سيطرتنا على ميادين القتال في العراق تتعاظم. وهذا الرأي هو ثمرة تناول يدور على التجربة الأميركية وحدها، ويخطئ غرضه. فنحن نتمتع، من غير شك، بتفوق عسكري لا ينكر. ولكن مسرح العمليات يعج بمقاتلين من العسير تعريفهم، من المتطرفين السنّة وارهابيي"القاعدة"الى مسلحي الميليشيات الشيعية والمجرمين والقبائل المسلحة. ويزيد الحال تعقيداً وارباكاً ضعف ولاء الشرطة والجيش العراقيين، وانتقال افرادهما من دور الى دور من غير انذار. ويروي شهود عيان حوادث تولى فيها شرطيون وجنود محليون مواكبة مفخخي الأرصفة والطرق بالمتفجرات المضادة للدروع، ومساعدتهم على نصب أفخاخهم القاتلة. ولا يتمتع قادة السرايا العراقيون بدالة على الآلاف من مأموريهم، فهؤلاء يأتمرون بأمر منظماتهم المذهبية المسلحة أولاً. ولا شك في أن بعض القبائل السنية تقاتل في صفنا قتالاً فاعلاً. ولكن ولاءها في غيابنا لا يزال موضع تساؤل، ونحن، في الأحوال كلها، نقاتل في وسطٍ مشكل وغامض، بين أعداء مصممين وحلفاء غير موثوقين، بينما ميزان القوى المتحاربة يخبط خبط عشواء، ويعصى التوقع. والوقائع الميدانية تدعو الى اجراء لا يسعنا قبوله وهو اعمال القوة الهائلة والفظة والمدمرة من غير تردد. والى هذا، ينبغي احتساب ما يبتلى به المواطنون العراقيون والاعتبار به. والحال هذه، ينبغي الإقرار بأن معظمهم يستشعر الخطر الداهم، ويحملنا على قوة احتلال عجزت، طوال 4 أعوام، عن استتباب حال مستقرة وعادية. ونبدو في أعينهم أكثر عجزاً من ذي قبل. ودليلهم أننا نسلح الأطراف المتقاتلة كلها. ويفاقم تخبط الحكومة شعور الناس بالتخبط والاضطراب والفوضى. ولا شك في أن حلاً سياسياً مستقراً مستحيل ما دام الوضع العسكري الميداني على اضطرابه وترجحه. ويدير الحكومة العراقية حلف شيعي - كردي. ويرى الشيعة أننا نعود عليهم بالفائدة. ولكن الأرجح أن هذه المرحلة على وشك أن تنتهي. فهم حصلوا بواسطتنا ما يرونه حقاً لا يجادل فيه، وهو السلطة، وغايتهم في المرحلة الآتية هي تثبيت ما حصلوه. فالمصالحة التي ندعوهم اليها مع السنّة، اذا لم يسبقها تثبيت مكاسبهم، لا تحول دون خسارتهم هذه المكاسب. والمصالحة السياسية في العراق آتية لا شك فيها. ويقتضي ذلك مطابقة الوقائع الميدانية العسكرية الوقائع السياسية. ولا مناص من احراز بعض القوى النصر، ومن خسارة بعضها الآخر. وعلينا أن نختار معسكرنا وحلفاءنا. وسعينا في إرضاء الأطراف كلها، على ما نصنع، يعود علينا بكراهيتها كلها لنا، وبضغينتها علينا الى وقت مديد. وأخفقنا اخفاقاً مدوياً على الجبهة الاجتماعية والاقتصادية. فثمة مليونا عراقي لجأوا الى بلدان الجوار. وثمة مليونان آخران نزحوا من بيوتهم ومناطقهم، وخدمات الكهرباء والهاتف وتحميل النفايات متقطعة. وتعرض أبسط الحركات اليومية العراقيين للموت، ونحن استبدلنا طغيان حزب البعث بعنف الإسلاميين ومسلحي الميليشيات والمجرمين القتلة. ويطالبنا العراقيون بالأمن قبل الغذاء، عندما نوزع عليهم المؤونة. ولن يتأخر العراقيون في ادراكهم أن خير وسيلة الى استعادتهم كرامتهم هي حملنا على ما نحن، أي قوة احتلال، وطلب رحيلنا، وفي الأثناء، يجدر بنا تركهم يضطلعون بدور مركزي في المجالات كلها، ويصوغون بأنفسهم استراتيجية مرنة، ونساعدهم، من بعيد، على صوغها، على أن نخلي لهم فرص حل منازعاتهم على ما يرتأون. عن بودهيتا جماياها تقني عسكري، ويسلي دي سميث وجيريمي راوبوك وعمر مورا وادوارد ساندميير عرفاء، يانس تي غراي وجيريمي أي مورفي محاسبي تجهيزات "نيويورك تايمز" الأميركية، 27/8/2007