أطلقت مؤسسة "سيتي" المالية "سيتي غروب" سابقاً وتضم حسابات مالية ل 200 مليون زبون، وتمارس نشاطات تجارية في 100 دولة، برنامجاً طموحاً وصعباً لتوجيه 50 بليون دولار خلال العقد المقبل، نحو الاستثمارات"الخضراء"أو الصديقة للبيئة، ومشروعات الطاقة البديلة، والأساليب التكنولوجية الحديثة. وأكد الرئيس التنفيذي للمؤسسة أن هذا البرنامج ليس مجرد أمنيات، إنما خطة واقعية قابلة للتحقيق، بحيث تلبي حاجة أساسية وضرورية للعالم، وتستجيب فرصة استثمار سانحة". وتعتبر المبادرات والبرامج المماثلة لبرنامج"سيتي"من المكونات المهمة في علاقة الشراكة بين الحكومات والقطاع الخاص والمنظمات التطوعية والمجتمعات المحلية، لخفض انبعاث الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري. وسيكون هذا التحدي الموضوع الذي يركز عليه مؤتمر"لقاء الاقتصادات الرئيسة حول أمن الطاقة وتغيرات المناخ". ويستضيف المؤتمر الرئيس الأميركي جورج بوش في واشنطن يومي 27 و 28 أيلول سبتمبر. وتسعى المؤسسة إلى خفض انبعاث الغازات المسببة لارتفاع درجة الحرارة على الأرض، من خلال مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات، التي تحرص للحفاظ على البيئة، ويطلق عليها اسم"الاستراتيجيات الخضراء". وتسخِّر تلك الاستراتيجيات القوى القائمة على أساس السوق، واستثمارات الزبائن التي يمكن أن تحقق ربحاً، وتساهم في الوقت نفسه في حل أهم الموضوعات المحتملة المتعلقة بالبيئة بالنسبة الى الجيل الحالي. وقالت رئيسة مركز"بيو"المستقل المهتم بتغيرات المناخ في العالم إلين كلاوسين،"إن مؤسسة"سيتي"تبتكر الفرص لأسواق رأس المال لتتمكن من مواجهة تحديات المناخ" يستغرق برنامج"سيتي"10 سنوات، ويخصص 10 بلايين دولار لإزالة الآثار التي خلفتها المؤسسة نفسها في البيئة والمناخ، باتخاذ إجراءات لخفض انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري من العقارات الكثيرة التي تمتلكها، بنحو 10 في المئة عن المعدلات السائدة العام 2005، في حلول العام 2011. وتشمل الإجراءات 14500 مكتب ومرفق تابع لها في جميع أرجاء العالم. ففي مدينة فرانكفورت الألمانية، تبني"سيتي"مركزاً لتخزين المعلومات، أول من نوعه بالكفاءة والفعالية في استخدام الطاقة والموارد، ومن المقرر افتتاحه في آذار مارس 2008. وإذا قورن استهلاك المركز من الكهرباء باستهلاك أي مبنى مساو له في الحجم، فإننا نجد استهلاكه يقل 25 في المئة، وهذه النسبة تساوي استهلاك 3 آلاف منزل في السنة، ما يخفض انبعاث 11 ألف طن من ثاني أوكسيد الكربون، ويوفر 40 مليون ليتراً من المياه سنوياً. الاستثمار في الطاقة تعتزم المؤسسة خلال العقد المقبل استثمار 30 بليون دولار في مصادر الطاقة البديلة والنظيفة، بواسطة شركات أو هيئات فرعية لها، كشركة استثمارات التنمية المستدامة، وشركة سيتي للاستثمارات البديلة. وتتنوع هذه البرامج بين مصادر الطاقة المتجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية والطاقة المستخرجة من حرارة طبقات الأرض، إلى الأساليب التكنولوجية الحديثة، مثل استخدام محركات الاحتراق ذات الكفاءة العالية وخلايا وقود الهيدروجين. ومنها شركة"سوزيون"لتصنيع توربينات الهواء في الهند. وهي مثال آخر في منطقة لوريتا باي، موقع خمسة آلاف منزل في مدينة باها المكسيكية. وتعاونت شركة سيتي للقروض العقارية، مع شركة شارب اليابانية للصناعات الإلكترونية، أكبر شركة لصناعة خلايا الطاقة الشمسية، لتقديم قروض وتسهيلات ائتمانية لمالكي المنازل يحوزون بواسطتها أجهزة لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية. كما عرضت تقديم قروض عقارية ميسرة للمنازل، التي تتبع أساليب ترشيد استهلاك الطاقة، وتسهل تمويل شراء السيارات التي تستخدم الطاقة النظيفة. وتنشط مؤسسة"سيتي"في اتباع الآليات الخاصة بالأسواق العالمية للكربون، أو ما يعرف باسم التبادل التجاري للغازات المنبعثة. وتتلخص الفكرة الأساسية في وضع حد أقصى لانبعاث بعض الغازات، وتسمح للشركات وغيرها من الجهات التي تنبعث منها الغازات، يبيع وحدات من الغازات المنبعثة وشرائها في ما بينها، وتحافظ في الوقت نفسه على الحد الأقصى الكلي لانبعاثها أو تخفيضه بالتدريج. وتحقق أسواق الغازات المنبعثة نجاحاً، بالفعل في الوقت الراهن في الولاياتالمتحدة، في تخفيض المواد الحمضية الملوثة لمياه الأمطار، مثل أوكسيد النتروجين وثاني أكسيد الكبريت. كما يجرى حالياً استخدام أسلوب التبادل التجاري للغازات المنبعثة لتخفيض انبعاث غاز الميثان القوي، وهو من الغازات المسببة للاحتباس الحراري. وعقد مكتب المؤسسة في لندن اتفاقاً بين شركة الخطوط الجوية البريطانية"إيزي جيت"، وشركة منتجة للطاقة من مساقط المياه في الإكوادور، يسمح لركاب"إيزي جيت"بتعويضهم عن الغازات المنبعثة خلال رحلاتهم. وبدأت أسواق الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري في النمو، بصورة ملحوظة في أوروبا، متوقعة ظهور سوق مماثلة قريباً في ولاية كاليفورنيا. ونتيجة ذلك، فإن سوق الكربون في العالم نمت، من 337 مليون دولار عام 2004 إلى 12 بليون دولار عام 2005، وما يقرب من 30 بليون دولار في أوائل السنة الحالية. وتعتقد المؤسسة أن استمرار نمو سوق الكربون ستكون له فائدة مزدوجة، فهو سيوفر أرباحاً للمستثمرين، كما سيؤدي إلى تخفيض كبير في الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وهو ما يستفيد منه العالم كله.