لا تغيير جذرياً في الغالبية النيابية التي كانت تدعم حكومة رئيس الوزراء المغربي إدريس جطو، ولا تقدم كبيراً في مواقع المعارضة التي يشكل حزب"العدالة والتنمية"الإسلامي أبرز فصائلها، هذه أهم خلاصة في اقتراع السابع من أيلول سبتمبر الجاري الذي لم يتضمن مفاجآت غير تراجع"الاتحاد الاشتراكي"إلى المرتبة الخامسة بعدما كان في مقدم المنتصرين في انتخابات العام 2002، وهو تراجع عزاه كثيرون إلى توزع أصوات الناخبين اليساريين بين فصائل عدة مثل"اليسار الموحد"و"الطليعة الاشتراكي"و"العمالي المغربي". غير أن"حزب الاستقلال"، وهو الحليف الرئيسي في الائتلاف الحكومي المنقضية ولايته، حقق اختراقاً أهّله لتبوؤ المرتبة الأولى، بعد حصوله على 52 مقعداً في مقابل 34 للاتحاد الاشتراكي. وأبقت نسبة التصويت التي تدنت إلى مستويات قياسية 37 في المئة على صدارة الأحزاب التقليدية، وهي الاستقلال والحركة الشعبية وتجمع الأحرار. وكان لافتاً أن أي حزب معارض لم يفز بأي مقعد في المحافظات الصحراوية. ولم يفلح"العدالة والتنمية"في تحقيق الاختراق الذي كان يعد به. ولم يؤهله تقديم مرشحين في كل الدوائر ال95 في الوصول إلى 70 مقعداً، واكتفى ب47 فقط، مقارنة ب42 حققها في انتخابات العام 2002 التي خاضها في نصف عدد الدوائر. ولا يستبعد أن يكون خصمه العنيد"الاتحاد الاشتراكي"دفع وحيداً ثمن مواجهته المفتوحة مع أنصار"العدالة والتنمية". وأفاد"الاستقلال"صاحب المرجعية الإسلامية من ابتعاده عن تلك المواجهة. ولم تكن أحزب الحركات الشعبية ذات الهوية الأمازيغية أوفر حظاً، إذ كان يُتوقع أن تحصل على المرتبة الأولى، نظراً إلى حصولها متفرقة على 66 مقعداً في الانتخابات الماضية. لكنها لم تفلح في انتزاع أكثر من 43 مقعداً، لتأتي في المرتبة الثالثة. وعلى رغم تأكيد قيادة"الاستقلال"التزامها بتحالف"الكتلة الديموقراطية"مع"الاتحاد الاشتراكي"و"التقدم والاشتراكية"17 مقعداً، فإن الأحزاب تريثت في تشكيل تحالفاتها، سعياً إلى الحفاظ على منصب رئيس الوزراء لشخصية حزبية بعدما شغله التكنوقراطي جطو في العام 2002، نتيجة تباين التحالفات عقب الانتخابات آنذاك، إذ اختار"الاستقلال"التحالف مع"العدالة والتنمية"والحركات الشعبية، في مقابل تفضيل"الاتحاد الاشتراكي"التحالف مع تجمع الأحرار وفصائل يسارية. غير أن المعالم الأولى للتحالفات ستظهر فور تعيين العاهل المغربي الملك محمد السادس رئيس الوزراء الجديد، سواء أكان من الأحزاب المرشحة للائتلاف الحكومي أم شخصية تكنوقراطية. وربطت مصادر حزبية تبلور معالم التحالفات بنهاية ولاية البرلمان الحالي في الجمعة الثاني من تشرين الأول اكتوبر المقبل، ثم انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب، خصوصاً أن التقاليد السياسية جرت أن يكون الرئيس المنتخب منتسباً إلى الغالبية الحكومة والنيابية. وأكد المراقبون الأجانب الذين تابعوا الانتخابات أنها كانت منظمة وأجريت بمهنية، لكن شابتها تجاوزات فردية. وقال"المعهد الوطني الديموقراطي"الأميركي في بيان نقلته وكالة"رويترز":"بوجه عام أجريت الانتخابات في شكل منظم، على رغم أن أعضاء في الوفد شهدوا أو أبلغوا عن وقوع حالات منعزلة من التجاوزات يوم الانتخابات"التي اتسمت"بالشفافية والمهنية البالغة"، لكن فتور الاقبال على المشاركة أظهر ضرورة زيادة العمل على ترسيخ ديموقراطية تمثيلية.