سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
3 اتجاهات سياسية تتنافس في الانتخابات التشريعية ... والحملة تنطلق اليوم . المغرب : الائتلاف الحاكم يراهن على فوز جديد والأمازيغ يتوقعون "مفاجأة" والإسلاميون تقدماً
تبدأ في الساعات الأولى اليوم السبت الحملات الانتخابية لاقتراع 7 أيلول سبتمبر المقبل لانتخاب 325 نائباً في البرلمان المغربي لولاية تدوم خمس سنوات جديدة. ويخوض أكثر من 30 حزباً منافسات حادة تطاول البرامج والرؤى ورزنامات تنفيذ الوعود في آجال محددة. وهذه الانتخابات الأولى منذ اقرار قانون الأحزاب الذي يحظر تشكيلها بدوافع دينية أو عرقية أو قبلية، إلا أن ذلك لم يحل دون تزايد أعداد الأحزاب السياسية ذات المرجعية الدينية البارزة مثل العدالة والتنمية والنهضة والفضيلة المنشق عنها والبديل الحضاري، إضافة إلى أحزاب صغيرة ذات توجهات دينية وإصلاحية إلا أنها ترفع شعار"الحزب السياسي"وليس"الحزب الديني"لتجاوز الاشكاليات المناقضة للقانون. وتتجه الأنظار في غضون ذلك إلى ما يمكن أن تحققه هذه الأحزاب الإسلامية التي توصف عادة بالاعتدال والوسطية ونبذ العنف، فيما نأت جماعة العدل والإحسان بنفسها عن خوض غمار هذه الاستحقاقات، كونها لم تتقدم بطلب الترخيص كحزب سياسي. وفي مقابل ذلك، انفتحت آفاق المشاركة أمام فاعليات يسارية تتبنى توجهات علمانية وليبرالية، فيما توزعت مكونات الخريطة السياسية على الأحزاب ذات النفوذ التقليدي وتلك التي تطمح إلى اقتسام الكعكة. ومن بين 33 حزباً، تنحصر أشد المنافسات وأكثرها دلالة على الصعيد السياسي بين ثلاثة اتجاهات، في مقدمها"الكتلة الديموقراطية"التي تضم الأحزاب الرئيسية في الائتلاف الحكومي الحالي، بخاصة الاتحاد الاشتراكي والاستقلال، كونها تتوق إلى معاودة حيازة ثقة الناخبين لتحمل المسؤولية في ولاية جديدة. ولا يبدو أنها ستواجه منافسة شديدة من شركائها في ذلك الائتلاف مثل كتلة الحركات الشعبية ذات التوجه الأمازيغي التي تشترك معها في تحمل المسؤوليات الحكومة الراهنة، أو تجمع الأحرار الذي سيخوض أول انتخابات في غياب زعيمه المؤسس أحمد عصمان رئيس الوزراء السابق. غير أن ذلك لا يعني، برأي أكثر من مراقب، أن هذه الفاعليات ستُخلى لها الأجواء، فالراجح أن كتلة الحركات الشعبية التي تراهن على الأرياف والولاء القبلي والهوية الأمازيغية في إمكانها أن تخلق المفاجأة في حال احتساب مقاعد أحزابها الثلاثة - الحركة الشعبية والحركة الوطنية الشعبية والمؤتمر الوطني في ضوء تشكيل اتحاد بين الفصائل الثلاثة - ما قد يعني أنها قد تطرح نفسها بقوة كقطب ثان في المنافسات الانتخابية. وكان لافتاً أن زعيم الحركة الشعبية محند العنصر انضم الى الاستقلال والاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية في إبرام ميثاق شرف في مواجهة الإرهاب وتحديد معالم التحديات الرئيسية التي تواجهها البلاد. لكن ذلك التنسيق ظل محدوداً لا يتجاوز نطاق الالتزامات المعنوية في إطار الائتلاف الحكومي. وقد تكون الكتلة الديموقراطية استبقت أي خلط في الأوراق في تحالفات ما قبل تشكيل الحكومة الجديدة حين أكدت التزامها التنسيق الكامل بين أطرافها الثلاثة، ما يستبعد في الوقت الراهن فرضية انفراط العقد السياسي بسبب قيام تحالفات تقوّض ذلك التنسيق. ويذكر في هذا السياق أنه على إثر انتخابات 2003 بادر حزب الاستقلال إلى التحالف مع حزب العدالة والتنمية، إلى جانب فصائل في الحركات الشعبية، من أجل الفوز بمنصب رئيس الوزراء، فيما اختار الاتحاد الاشتراكي التحالف مع تجمع الأحرار، ما حدا بالعاهل المغربي الملك محمد السادس إلى تعيين رئيس للوزراء من خارج الفاعليات السياسية الحزبية هو رئيس الحكومة الحالية التكنوقراطي ادريس جطو. وقد تكون رسالة الكتلة الديموقراطية عشية بدء الحملات الانتخابية أن مثل هذا الأمر لن يتكرر في ضوء توقع تعيين رئيس الوزراء المقبل من حزب سياسي. ويشكّل حزب العدالة والتنمية الاتجاه الثالث من بين المتنافسين. وهو استبق التطورات بإعداد الأجواء النفسية لتقبّل حيازته وضعاً مريحاً بإبرام تحالف مع حزب المواطنة، ذلك انه على رغم أن هذا الأخير لا يملك حظوظ المنافسة التي يمكن أن تؤهله إلى حيازة أعداد من المقاعد، فإن مجرد انتساب زعيمه عبدالرحيم الحجوجي الى عالم رجال الأعمال والمال يدفع الى الاعتقاد أن العدالة والتنمية أراد من خلال تحالف كهذا توجيه رسالة تطمين الى الفاعلين الاقتصاديين ومن خلالهم الى المستثمرين وأصحاب المصالح الداخلية والخارجية. غير أن وضع الحزب ليس بالقوة التي كان عليها في استحقاقات 2002، فقد انشق عنه نواب بسبب خلافات حول قوائم الترشيح وطبيعة التحالفات، لكنه مع ذلك حافظ على طابع الاعتدال وحقق انفتاحاً على العواصم الأوروبية، خصوصاً اسبانيا وفرنسا وكندا والولايات المتحدة لتبديد أي مخاوف في حال انتقاله من المعارضة الى الواجهة الحكومية. ويقر قياديو الحزب أنهم مهتمون بتأمين حضور أكبر، لكنهم يضعون في الاعتبار صعوبات حيازة وضع مريح بالنظر الى تأثير نظام الاقتراع عبر القوائم واستحالة حيازة أي حزب سياسي غالبية نيابية، إضافة الى تنافس أكثر من ثلاثين حزباً في الاقتراع، ما يُضعف حظوظ كثير من الفاعليات السياسية. غير أنها المرة الأولى التي سيخوض فيها منتسبون الى تيارات يسارية راديكالية كانت تقاطع الاستحقاقات السابقة منافسات السابع من الشهر المقبل ما يربك الحسابات في دوائر انتخابية محددة كانت الى وقت قريب حكراً على مناطق النفوذ التقليدية لأحزاب بعينها. ويبدو، في غضون ذلك، أن نسبة عشرة في المئة من المقاعد المخصصة للنساء ضمن قوائم أهلية ستجعل هذه النسبة موزعة بقدر دقيق في مقابل نساء أخريات في غالبية الأحزاب السياسية يخضن منافسات في دوائر خارج القوائم المخصصة للنساء، ما قد يرفع حضورهن الى أكثر من عشرة في المئة، في مقابل وجود هيئة ناخبة تشكل النساء ضمنها عنصراً مؤثراً الى جانب الشباب وسكان الأرياف والأحياء الهامشية. كما أن انتخابات السابع من أيلول سبتمبر تعتبر الأولى لناحية أعداد الأحزاب المتنافسة وإن كان بعضها يتوق إلى تأمين حضور معنوي للبقاء. ويقول مراقبون إن حيازة غالبية حكومية سيحتاج إلى ما لا يقل عن سبعة أحزاب، إلا ان ذلك سيكون رهن نتائج الاقتراع، وإن كان المتوقع ان تستمر صيغة تحالفات ما قبل الاستحقاق مع تغييرات غير جوهرية في فترة ما بعد الاعلان عن نتائج الاقتراع.