لم استطع أن أتجاوز ما قرأته في صفحة هموم الناس في صحيفة "الحياة" يوم السبت، على رغم أن فيها وفي غيرها من الهموم ما يفيض عن طاقة الاستيعاب، من هنا تركت ما أنا بصدد الكتابة عنه إلى حين، لأعيد التذكير بهذه الحادثة العجيبة، لعل وعسى. ولو كنت مسمراً أمام شاشة التلفزيون وطالعت مسلسلاً يصور المشهد الذي رواه الأخ خالد الوسيدي عما حصل لأخيه المريض، لقلت إن الكتّاب يبالغون وأن الممثلين زادوا"الكيلة"، وأن هذا لا يمكن أن يحصل، وفي واقعنا من الكوميديا السوداء ما يحثني كثيراً على كتابة القصة، وهي لون أحبه واستمتع به، إلا أن عجلة الكتابة اليومية دفعت به إلى الظل، خصوصاً ان الموقِّع أدناه يشعر"أحياناً"بأنه مثل خراش لا يدري ما يصيد، والطرائد"المتقامزة"أمامه ليست سوى هموم كبيرة، فلا ظباء فيها ولا"مفطحات". والأخ خالد الوسيدي روى باختصار ما حدث لأخيه المريض والمنوّم في احد المستشفيات الحكومية، شفاه الله، حيث يعاني من كسور في أنحاء متفرقة من جسمه، إذ دخل عليه طبيب استشاري سعودي يرافقه زميل له من جنسية عربية لم يحددها، وتوقع الأخ خالد أنهما جاءا ليطببا أخاه، إلا أن غرض الزيارة الجماعية كان أمراً آخر. إذ علم الطبيبان أن المريض المكسور العظام يعمل لدى جهة حكومية حساسة، كما ذكر الراوي، ولدى الاستشاري غير السعودي قضية فيها، فطلبا منه التدخل والتوسط عند زملائه في العمل لحلحلتها، ولم يكتفيا بالطلب، بل تناولا جهاز الهاتف وطلبا من المريض المكسور العظام الاتصال فوراً!... لأن خير البر عاجله، والمريض ما زال فيه رمق، أمد الله في عمره، وربما يؤثر صوته ووضعه في زملائه، وهذه استنتاجات الموقِّع أدناه، ويتساءل الأخ خالد الوسيدي عما يمكن أن يحصل لأخيه لو رفض أو اعتذر، ولست متأكداً، لكنني لن استغرب حصول أي شيء له. إلى هذا الحد وصلت أخلاقيات مهنة الطب الشريفة عند بعضهم، إذ تحول المريض المستأمن نفسه وصحته في المستشفى الحكومي إلى رهينة، وبالضغط وهو المحتاج لخدمات الأطباء لا يترددون في إجباره على الاتصال للتوسط، شعار جديد"تحدث ونحن مَن يطلب الرقم"، يكفينا قدرتك على الكلام! وإذا كان خالد الوسيدي كتب الموضوع ونشرته الصحيفة، فكم غيره لم يكتب وبلع العافية؟ تخيل عزيزي المشاهد، اقصد"القارئ"، لو قرأت هذا الخبر في الأخبار المضحكة المبكية التي تتناقلها وكالات الأنباء، ماذا ستقول؟ [email protected]