خرج المرشحون في انتخابات الرئاسة الأميركية المقررة السنة المقبلة عن قاعدة "الزواج الصالح"، كمدخل الى قلوب الناخبين والبيت الأبيض. وفرضوا، كل على طريقته، معادلة جديدة تغطي وعود ملاحقة أسامة بن لادن أو الانسحاب من العراق، وتعيد ماضيا مليئا بالمتاعب الزوجية والفوضى العائلية التي لم يعتد عليها الناخب الاميركي في السابق. فبين تغاضي المرشحة الأقوى للديموقراطيين هيلاري كلينتون عن فضائح زوجها الرئيس السابق بيل كلينتون وغرق المرشحين الجمهوريين في الروايات المتتالية عن حالات الطلاق أو ارتباطهم بعلاقات خارج الزواج، يقف الأميركيون أمام واقع استثنائي قد يغير في مفاهيم هذه القيم وأولويتها في الحملة. وألقت فضيحة السناتور الجمهوري لاري كريغ الذي حاول مطلع الاسبوع استمالة شرطي متخف بلباس مدني في مرحاض أحد المطارات بثقلها على حملة المرشحين الجمهوريين، خصوصا أن كريغ هو من أبرز داعمي حاكم ولاية مساتشوستس السابق ميت رومني. ولما كانت فضيحة كريغ لتؤثر في الحزب وتطرح أسئلة عن قيم مرشحيه لولا تخبط هؤلاء في فضائح عائلية تثير استياء القاعدة المحافظة. وتلعب القيم العائلية دورا مهما في قرار الناخب الأميركي الذي يحرص عادة على انتخاب المرشح الأقل تقلبا في حياته الشخصية، باستثناء الرئيس الراحل رونالد ريغان الذي تزوج ثانية قبل 33 عاما من ترشحه العام 1980، وفوزه ليكون الرئيس الوحيد الذي تزوج مرتين بين الرؤساء ال43 للولايات المتحدة. ويضع المحافظون اليوم الكثير من علامات التعجب على رصيد عمدة نيويورك السابق رودي جولياني وزواجه ثلاث مرات، آخرها من جوديث جولياني بعد طلاق مثير للجدل خلق شرخا مع أولاده الذين يقاطعون حملته الرئاسية. وغالبا ما تلتقط صحف"التابلويد"في نيويورك صورا لجولياني وزوجته، فيها من الاثارة والاغراء ما يجعله"أكثر حظا للفوز بسباق الدراجات في فرنسا منه بأصوات الجمهوريين"، على حد تعبير الخبير الانتخابي تشارلي كوك. وكان طلاق السناتور الديموقراطي جون كيري وزواجه من تيريزا هاينز أحد أسباب خسارته المعركة الرئاسية ضد جورج بوش العام 2004. وهذا ما يمكن أن يتكرر مع السناتور جون ماكاين الذي اقترن في زواج ثان من الثرية سندي هينزلي. اما فرد تومبسون الذي يحل ثانيا في الاستطلاعات، فيؤخذ عليه زواجه الثاني من فتاة تصغره ب24 عاما ولتعدد علاقاته العاطفية خلال وجوده في مجلس الشيوخ. وتحسن هذه الوقائع من صورة المرشح ميت رومني الذي ينتمي الى طائفة المورمن التي ما زالت تمارس أقلية فيها تعدد الزوجات في ولاية يوتاه، على رغم تجريم القانون الأميركي لهذا التقليد. غير أن رومني، المتزوج مرة واحدة فقط وعلى رغم رفضه علنا لتقاليد طائفته، يثير تساؤلات بين الأميركيين خصوصا أن كبير أجداده كان له خمس زوجات في 1897، ولأن الكنيسة المورمنية تعتبر من أسخى المتبرعين لحملته. أما عن الجانب الديموقراطي، فتقتصر عناصر الدراما الزوجية على رصيد السناتور هيلاري كلينتون وتجربتها الطويلة مع الخيانة الزوجية حين كانت السيدة الأولى في البيت الأبيض 1992 - 2000، واقامة زوجها"علاقة غير لائقة"مع المتدربة مونيكا لوينسكي. وتحولت هذه النقطة عرضة للانتقادات من منافسيها الديموقراطيين الذين فضلوا أن تأتي على لسان زوجاتهم وتجنبا من الوقوع في اطار التمييز الذكوري. وغمزت ميشال أوباما زوجة المرشح الديموقراطي السناتور باراك من قناة كلينتون أخيرا، عندما اعتبرت أن"من يفتقد القدرة في ادارة بيته فلن يجدها في ادارة البيت الأبيض"، ومضت للتحدث عن تفاني زوجها باراك لعائلته وابنتيه ناتاشا وماري آن. الا أن صورة جولياني وكلينتون المتميزة عن باقي المرشحين في مواضيع الأمن القومي والحرب على الارهاب، قد تخلق استثناء اليوم لتصدر مواضيع الخبرة والسياسة الخارجية هموم الناخب. انما يحذر الخبراء من أن أي"خطوة طائشة"من بيل كلينتون أو صورة"كثيرة الاثارة"من عقيلة جولياني قد تسلب هؤلاء اللقب لمصلحة مرشحين أكثر انسجاما مع التركيبة المحافظة للمجتمع الأميركي.