تجددت العمليات العسكرية بين الحكومة السودانية ومتمردي دارفور قبل يوم من اجتماع ترعاه الأممالمتحدة والاتحاد الافريقي من أجل الإعداد لمحادثات بين أطراف النزاع وتحديد موعدها. ونفى الجيش السوداني ادعاء زعيم"حركة العدل والمساواة"باستيلاء حركته على منطقة عديلة في جنوب الإقليم، فيما طلبت المقررة الدولية الخاصة لحقوق الانسان في السودان سيما سمر من الخرطوم بذل جهود مضاعفة لتحسين الأوضاع في دارفور وحماية المدنيين، وأعربت عن قلقها لاستمرار الاعتقالات السياسية. وأعلن زعيم"حركة العدل والمساواة"الرافضة لاتفاق ابوجا للسلام خليل إبراهيم أن حركته بالتعاون مع"حركة تحرير السودان"سيطرت عصر أول من أمس على منطقة عديلة في ولاية جنوب دارفور على الحدود مع إقليم كردفان، مؤكداً أنه موجود في مقر عاصمة المحافظة. وتوعد بشن مزيد من الهجمات على مدن أخرى في المنطقة. وقال إن قواته استطاعت أن تهزم ثلاثة ألوية كبيرة من الجيش وتستولي على أسلحة ومعدات وسيارات، موضحاً أن حركته غيرت استراتيجيتها من الحرب في المناطق النائية إلى الزحف نحو المدن الكبرى والاستيلاء على كل عواصم ولايات دارفور الثلاث. وأضاف:"نريد أن نأخذ إقليمنا بأيدينا، وليس عبر التفاوض أو نسأل الحكومة أن تمنحنا أو أن تتنازل لنا عن حكم الإقليم... نريده أن يكون أمراً واقعاً". وأضاف إبراهيم أنه لا يوجد اتفاق لوقف إطلاق النار بين حركته والحكومة السودانية، مؤكداً أنها لن توقف النار حتى توقع اتفاق سلام عادلا وشاملا مع الخرطوم. غير أنه أشار إلى أن"العدل والمساواة"ستشارك في اجتماعات ينتظر أن تعقد في أروشا التنزانية اليوم، لتحديد موعد المحادثات بين المتمردين والحكومة. وقال:"سنرفض أن يكون اتفاق أبوجا أساساً للمفاوضات المرتقبة لأنه غير موجود، وبسببه استأنفنا القتال". لكن الناطق باسم الجيش العميد عثمان الأغبش نفى استيلاء"العدل والمساواة"على مدينة عديلة، مؤكداً أن الجيش ليس له وجود في المنطقة. وقال إن مجموعات مسلحة كانت تنفذ عمليات نهب وحاولت أن تهدد خطوط السكك الحديد في مدن بابنوسة والضعين وأبو جابرة، مستهدفة حقول النفط، وان القوات الحكومية كلفت قوة لملاحقتهم ومتابعتهم واشتبكت معهم في منطقة مزروب واستولت على سيارتين ومدفع هاون. لكنه أكد أن الاشتباكات بين الطرفين جرت على بعد ثلاثة كيلومترات من عديلة، وليس في قلب المدينة. وفي غضون ذلك، حض مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي أعضاء الاتحاد على إرسال قوات إضافية إلى القوة الأممية والأفريقية التي ستنتشر في دارفور، طبقاً لقرار مجلس الأمن الذي صادق عليه الثلثاء. وناقش المجلس خلال اجتماع عقد في مقر الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا أمس وحضره قائد القوات المشتركة الجنرال النيجيري مارتن لوثر، ترتيبات نشر القوة. وطلب من الدول الأفريقية تحديد مساهماتها قبل نهاية الشهر الجاري. وقال سفير السودان لدى إثيوبيا محيي الدين سالم ل"الحياة"إن رئيس وفد حكومته إلى الاجتماع وكيل وزارة الخارجية مطرف صديق طلب من الدول الافريقية توفير قوات كافية للمشاركة فى القوة المشتركة، حتى تحافظ على الصبغة الافريقية للقوة ولا تبدو عاجزة عن الوفاء بوعودها. وأشار إلى أن ممثلي الدول الأفريقية تعهدوا مشاركة دولهم بفعالية في القوة المشتركة، ولكنهم طلبوا الرجوع إلى عواصمهم لتحديد عدد القوات التي ستساهم بها. من جهة أخرى، رويترز أكد زعيم متمرد في دارفور أن قياديين في فصيل كبير لن يحضروا اجتماع أروشا، ما لم يحضره القيادي الكبير سليمان جاموس منسق الاغاثة الانسانية في"جيش تحرير السودان"الذي يعالج في مستشفى تابع للامم المتحدة في كردفان، وتهدد الخرطوم باعتقاله إذا غادر. وقال عبدالله يحيى، وهو زعيم"جيش تحرير السودان - قيادة الوحدة"، إن قادة الحركة في الميدان يقولون إنهم لن يذهبوا إلى أروشا ما لم يذهب جاموس، مشدداً على أن حضور الأخير"مهم للغاية". وأشار إلى أنه ابلغ الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي بموقف الحركة، لكنهم قالوا إن الأمر صعب. وفي سياق متصل، طالبت المقررة الدولية الخاصة لحقوق الانسان في السودان الخرطوم ببذل جهود مضاعفة لتحسين أوضاع حقوق الانسان وحماية المدنيين في دارفور. وأعربت عن قلقها لاستمرار الاعتقالات وسط السياسيين، والتضييق على حرية التعبير ومنع الانشطة السياسية للأحزاب على رغم اقتراب موعد الانتخابات. وقالت في مؤتمر صحافي عقدته في مقر الاممالمتحدة في الخرطوم أمس، إن الحكومة السودانية مسؤولة بمفردها عن حماية المدنيين في أي مكان في البلاد. واتهمت قوات"حركة تحرير السودان"بقيادة كبير مساعدي الرئيس مني اركو مناوي بارتكاب انتهاكات جسيمة في شمال دارفور وممارسة التعذيب والزج بمدنيين في معتقلات موازية لسجون الحكومة من دون إعمال مبدأ المحاسبة. واعتبرت أن تنفيذ بنود التحول الديموقراطي في اتفاق السلام في جنوب البلاد"يتسم بالبطء"، مشيرة إلى اعتقال رئيس"حزب الامة - الاصلاح والتجديد"مبارك الفاضل المهدي والأمين العام للحزب عبدالجليل الباشا بتهمة تدبير محاولة لاطاحة نظام الحكم. وقالت إن"العوائق أمام حرية التعبير لا تزال موجودة عبر إصدار الحكومة مراسيم بحظر النشر، كما تستمر ملاحقة واعتقال الصحافيين".