تتواصل الجهود الصينية لتأمين موارد جديدة للطاقة من أجل المحافظة على معدل نموّ اقتصادي بلغ 10 في المئة في السنوات العشرين الماضية. في هذا الإطار، تطرق الرئيس الصيني هو جينتاو في قمة لتنظيم التعاون في شنغهاي، جمعته بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، إلى مشاكل البطء في تسليم الغاز والبترول. وسعى إلى إقناع جاره الروسي بحسن نياته. وعلى رغم المواجهات السياسية والعسكرية التي حصلت بين الدولتين عام 1969، فهما تتقاسمان وجهات نظر معادية لسياسة الولاياتالمتحدة، ما ساهم في ترطيب العلاقات منذ 1990. وبما أن الصين في المركز الثاني عالمياً من حيث استيراد مواد الطاقة، حاول الرئيس الصيني إقناع بوتين بضرورة فتح المخزون الروسي الكبير للغاز والبترول أمام طلب بلاده. فالصادرات الروسية للصين تقتصر على طرق نقل مكلفة ومعقدة عبر السكك الحديد. ولم يدخل الحدود الصينية سوى 10 ملايين طن من البترول الخام من أصل 15 مليوناً اتفق عليها العام الماضي، تشكل 15 في المئة فقط من الطلب الصيني. لذا تضغط بكين على موسكو لتضع في متناولها خط الأنابيب المستقبلي العملاق الذي يربط شرق سيبيريا بمرفأ"ناخودكا"على المحيط الهادئ. لكن معارضة السلطات اليابانية التي موّلت هذا المشروع وهيأت لأسسه لا تزال تعرقل الجهود الصينية. وتعمل الصين على تسهيل حصولها على البترول والفحم الحجري 75 في المئة من إنتاج الكهرباء وبدأت منذ بضعة أعوام العمل على مشروعي أنابيب الغاز الطبيعي من روسيا يربطانها بحقول بترول في سيبيريا الشرقية وباحتياط سيبيريا الغربية. لكن المشكلة تكمن في أسعار الغاز الطبيعي، حيث تحدد الصين أسعارها المحليّة لكنها ترفض دفع مستحقاتها إلى روسيا بسعر السوق العالمية وتطالبها بخفوضات. من جهة ثانية، ترتاح موسكو الى التقارب الحاصل مع بكين والتبادل التجاري الثنائي القائم بينهما والذي سيصل إلى 80 بليون دولار سنة 2010، لكنها لا تثق حتى الآن بشريكها الصيني الطموح. وتخاف روسيا من التفوق الديموغرافي الصيني عليها، بخاصة بعد الصعوبات التي واجهتها في جعل سيبيريا الشرقية منطقة قابلة للسكن. هناك، يواجه 7.5 مليون روسيّ ما يقارب 130 مليون صيني يعيشون وراء حدودهم. كذلك، ترسل الصين عملاءها إلى كازاخستان، رابع مصدر للذهب الأسود في العالم في 2015. ودفعت الشركة النفطية الأولى في السوق الصينية 4.18 بليون دولار لشراء"بترو كازاخستان"الغنية باحتياط النفط. وافتتحت الصين في أواخر 2005 خط أنابيب أتاسو - ألاشانكو، الأول من نوعه خارج حدودها والذي كلفها 700 مليون دولار في مقابل 10 ملايين طن بترول ينقلها سنوياً، أي ما يعادل الكمية التي ترسلها روسيا إلى داخل الحدود الصينية !