(صناع السعادة ) تكرم أكثر من 50 طالب وطالبه لتفوقهم    جامعة سليمان الراجحي تستضيف اللقاء 59 للجنة عمداء كليات الطب    55 ألف متضرر جراء فيضانات في السنغال    ثمن السياسات الخاطئة.. وغياب التخطيط ومراعاة التوازنات المطلوبة    العليان يودع حياة العزوبية    الاتفاق أمام مطب العروبة.. والفتح والخلود «صراع مؤخرة»    6 ميداليات ذهبية وفضية حصدها طلبة وطالبات السعودية في «أنوفا للاختراعات»    مسابقة خادم الحرمين لحفظ القرآن في موريتانيا تنظم حفلها الختامي    مشهورة «سوشال ميديا»: هكذا نجوت من السرطان!    أدلة طبية: الغذاء الصحي يقلل تحول سرطان البروستاتا    5 نصائح للتخلص من خجل الطفل    الاتحاد يتغلّب على القادسية بثلاثية في دوري روشن للمحترفين    الإعلامي البرتغالي «جواو» ل«البلاد»: دوري روشن السادس عالمياً قريباً.. وأداء الهلال ممتع    ما هكذا يكون الرد يا سالم!!    في أبرز المباريات الأوروبية.. ليفربول في اختبار تشلسي.. وبرشلونة يستقبل إشبيلية    تعزيز التعاون التعديني بين المملكة وإسبانيا    انطلاق معرض المدينة بيلدكس    غُصَّة حُزن وألم    نتنياهو رداً على محاولة اغتياله: لا شيء قادراً على ردعنا    الحضور السعودي الدولي    إحالة مسؤولين في إحدى القنوات التلفزيونية للتحقيق    وسط إشادة واسعة بالرسوم المتحركة والمؤثرات البصرية.. مانجا للإنتاج تحتفل بالعرض الأول للأنمي السعودي    شارك في مؤتمر اللغات بإسبانيا.. مجمع الملك سلمان العالمي يعزز هوية "العربية"    جامعة الملك خالد تحصل على المركز 11 عربيًّا والرابع وطنيًّا في تصنيف QS العربي للعام 2025    لص اقتحم منزلين.. نشر الغسيل ونظف الأرضيات    تحذير أممي من تداعيات مقتل 700 فلسطيني    ملتقي لتوطين قطاع الطاقة وتعزيز الريادة العالمية للمملكة    القدية للاستثمار تطلق برنامج صُنّاع الّلُعب التدريبية    دراسة: لا يشترط المشي لفترات طويلة يومياً    اقتراح لتسوية مديونيات المخالفات !    اللقافة مرة أخرى    ضبط نحو 22 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    القيادة تعزي ملك مملكة البحرين في وفاة الشيخ حمود بن عبدالله بن حمد بن عيسى آل خليفة    الوطن مجموعة من النعم    135 منشأة مخالفة لنظام المنافسة    ساعتان لإصدار تراخيص أنشطة النقل    التحول الرقمي يُعيد تشكيل الحدود    مبابي وفينيسيوس يقودان ريال مدريد لفوز صعب على سيلتا فيجو    لماذ أحب الهلال..؟    بلان: هناك مشاكل دفاعية.. وبنزيمة خارق    مدرب القادسية: قدرات الإتحاد سبب الخسارة    تأمين المركبة لحفظ المال وراحة البال    رأيُ سياسيٍّ أمريكيٍّ في سياسة بلاده ...؟!    وصول الطائرة الإغاثية السعودية السابعة لمساعدة الشعب اللبناني    خطيب المسجد الحرام: التأني يقي من الانحراف    القبض على (7) إثيوبيين في جازان لتهريبهم (330) كجم "قات"    أمين الطائف يقف على مشروعات ظلم والمويه    البدء بأعمال الصيانة والتأهيل لطريق الملك فهد (الدمام الخبر السريع) للمرحلة الرابعة    إمام المسجد النبوي: أحب القلوب إلى الله أرقّها وأصفاها    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على فرحان بن عبدالعزيز آل فرحان    مفتي موريتانيا: مسابقة خادم الحرمين لها أهمية بالغة في خدمة الدين    7 ميداليات سعودية في معرض أنوفا للاختراعات    إطلاق 15 ظبي ريم بمتنزه واحة بريدة    حرس الحدود في مكة ينقذ (3) مواطنين تعطلت واسطتهم البحرية    شارك مجمع طباعة المصحف بالمدينة المنورة في معرض "جسور"    أجواء طريف المعتدلة تحفز المواطنين والمقيمين على ممارسة رياضة المشي    برقية شكر للشريف على تهنئته باليوم الوطني ال94    السعودية إنسانية تتجلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقاطعة الجماعة الانتخابات البلدية مهدت للتوتر . تصعيد غير مسبوق بين السلطة و"الأخوان" في الأردن ... في انتظار الانتخابات التشريعية
نشر في الحياة يوم 10 - 08 - 2007

تسعى السلطات الأردنية وحركة الأخوان المسلمين، المتصارعتان ضمن مواجهة إعلامية وتنظيمية، إلى استمالة تعاطف "الغالبية الحائرة" من الناخبين بعد الانتخابات البلدية الأسبوع الماضي، وقبل ثلاثة أشهر من الانتخابات التشريعية.
وعلى خلفية مشهد الانتخابات"البلدية"صعّد كل من الفريقين حدّة المواجهة المتنامية منذ أشهر.
رئيس الوزراء الأردني معروف البخيت شكّل رأس حربة إعلامية في مواجهة"الأخوان"، ففي مقابلة مع وكالة الأنباء الرسمية، شنّ هجوماً غير مسبوق على الجماعة وعلى ذراعها السياسية حزب"جبهة العمل الإسلامي".
وبنبرة غير اعتيادية تنذر بتداعيات مستقبلية، قارن البخيت بين بعض قادة"الأخوان"وجماعة"فتح الإسلام"في مخيم نهر البارد في شمال لبنان وحركة المقاومة الإسلامية"حماس"، التي أقصت"فتح"العمود الفقري للسلطة الفلسطينية - من قطاع غزة في منتصف حزيران يونيو الماضي.
تحمل هذه التوصيفات في طيّاتها لهجة اتهامية وإقصائية لأول مرّة منذ تشكلّت الجماعة كجمعية خيرية عام 1946 وانبثاق"جبهة العمل الإسلامي"عنها عام 1992. كذلك تتناقض مع حالة التعايش وتبادل المصالح التي حكمت علاقة الإسلاميين بالنظام الأردني على مدى العقود الستة الماضية.
على أن الخطاب الرسمي الناري جاء رداً على مقال تهجمي، غير مسبوق أيضاً، ظهر على موقع الجماعة الإلكتروني بقلم"المحرر السياسي". كاتب المقال، تهكم على جهاز الاستخبارات العامة وقطع ? ضمناً - خطاً أحمر حين غمز من قناة رأس الدولة بأنه يتلقى أوامره من الرئيس الأميركي جورج بوش.
في اليوم الثالث، دخل الإسلاميون المعتدلون، من أمثال المراقب العام سالم الفلاحات - على خط المواجهة على أمل التخفيف من الاحتقان. ووصفت هذه الفئة مقابلة رئيس الوزراء بالانفعالية ودعت الحكومة الى فتح حوار والابتعاد عن لغة التهديد، فيما تحدّى الفلاحات أن تكون صدرت عن الإسلاميين أي"إساءة الى الجيش".
أمين عام"جبهة العمل الإسلامي"زكي بني ارشيد، الذي تنظر إليه المؤسسة الرسمية على أنه راديكالي اختطف الحركة الإسلامية نحو التشدد، عاد وأكد أن المؤسسة العسكرية خط أحمر لا يجوز الاقتراب منه. ومع ذلك يصر الإسلاميون على اعتذار حكومي وفتح تحقيق في مزاعم التجاوزات الانتخابية. أما الحكومة، فيبدو أنها عقدت النّية على المواجهة مع الإسلاميين.
في خلفية المشهد أسئلة كثيرة عما إذا ساهم انسحاب"الأخوان"من الانتخابات البلدية في تعزيز شعبية الحركة؟ وكذلك حول مستقبل عملية التنمية السياسية الموعودة؟ وتضاؤل احتمالات مشاركة"الإخوان"المسلمين في الانتخابات التشريعية، في ضوء غلبة تيار التشدد على الأصوات التي تنادي بالمقاطعة بينما تستعر لعبة شد الحبال منذ سنتين بين الإسلاميين والسلطات الأردنية وتسعى الأخيرة الى رفع الغطاء عن هذه الحركة الأوسع نفوذاً بعد ستة عقود من تحالف مصالح بينهما باعتبار أن الحركة، برأي الحكومة ومراكز القوى، أضحت موضع تجاذب واستقطاب مع دخول"حماس"على خط التأثير والنفوذ وبالتالي أخذت تتجه الى منافسة الدولة عبر محاولات الاستقواء على الحكومة تمهيداً لمحاولة انتزاع السلطة.
المؤشرات لا تدعو الى التفاؤل. فقد بلغ السيل الزبى هذه المرة، على لسان مسؤولين معنيين بهذا الملف كما في خطاب الإسلاميين المعلن الذي اختطفته على ما يبدو قيادات متشددة، على حد تعبير رئيس الحكومة. كل طرف يريد إلقاء اللوم على الآخر وتجيير نتيجة الانتخابات لمصلحته. وتستمر أجواء التوتر الداخلي إلى ما لا نهاية وسط حرائق تجتاح المنطقة من شرقي وغربي المملكة.
الدولة، بحسب مسؤولين، تدرس حالياً إمكان مقاضاة الإسلاميين على خلفية رسالة غير مسبوقة على موقع الجماعة الإلكتروني مسّت ضمناً استقلالية القرار السياسي لرأس الدولة ونسبت إلى"المحرر السياسي". سعت تلك الرسالة، بعد ساعات من الانسحاب من الانتخابات، الى شرح أسبابه بما في ذلك مزاعم بالتزوير وحشد أفراد القوات المسلحة للاقتراع ضد مرشحي الحركة في خمس بلديات ينظر إليها كعنوان نفوذ تقليدي للإخوان: وهي مأدبا، وإربد، والرصيفة، والزرقاء والكرك. كاتب الرسالة انتقد مباشرة وبنبرة حادّة دائرة الاستخبارات العامة معتبراً أنها أدارت العملية الانتخابية وأرغمت العسكريين على التصويت في مناطق لم يختاروها أصلاً ضمن"اقتراع موجّه"أثار انتقادات حتى داخل الدوائر الرسمية.
هذا التدبير حرّك أيضاً حساسيات عشائرية إذ اختطف أصوات عشائر داخل المؤسسة العسكرية وصبّها في مناطق أخرى، بعضها في مناطق منافسة. وفي المقابل لوّحت الجماعة بمقاضاة الحكومة خارج وداخل البلاد.
حدة المواجهة لن تخبو في المدى المنظور بل هي مرشحة للتصعيد. فالدولة، برأي مسؤولين، عازمة على الاستمرار في"قصقصة أجنحة التيار الإسلامي"، من خلال الاحتكام للقانون والدستور ضمن آلية بدأت قبل أكثر من عام حين أحالت ملف"جمعية المركز الإسلامي"إلى القضاء بشبهة رصد تجاوزات مالية. هذا المركز - الذي تفوق موجوداته وأصوله المليار دينار، يشكل عصب الجماعة المالي.
تمثّلت الإجراءات الحكومية أيضاً بقوننة وتقنين الإفتاء، وضبط منابر المساجد والضغط من أجل فك الارتباط بين إسلاميي الأردن وپ"حماس"الفلسطينية عبر عزل الرموز المتشددة المؤيدة للحركة الفلسطينية.
يرى أحد المسؤولين أن الانتخابات الأخيرة أظهرت بوضوح"أن الحركة الإسلامية في الأردن اصطبغت بأطياف من خارج الثوابت الوطنية التي حكمت العلاقة بيننا". ويضيف"أصبحت الحركة مثل"حماس"، تستعمل لغة التخوين والتكفير والاستقواء على الدولة وعلى رموزها وأجهزتها الأمنية. كذلك باتت تنطلق من قاعدة إما ان نفوز أو نقاطع ونتهم".
وشدّد المسؤول على ان الإسلاميين في البداية لم يقفوا ضد مشاركة القوات المسلحة لأنهم"كانوا يعتقدون أن بإمكانهم استمالة منتسبيها من المتدينين"وهم كثر بسبب طبيعة المجتمع المحافظ. إضافة الى ان الحكومة تصرفت بحدود القانون وشروط المنافسة الديموقراطية، كما يشير المسؤول، لافتاً إلى أن الاعتراضات والشكاوى أمام المحاكم في موضوع الانتخابات كانت محدودة وتمحورت غالبيتها حول تكرار الأسماء في منطقة الزرقاء أحد معاقل الإسلاميين بعد الانتهاء من تصويب آلاف الأسماء خلال فترة الاعتراض. ويذكر بأن الحكومة"كانت أول من كشف قضايا تلاعب في الأصوات في قضيتين الأولى في الرمثا والثانية في عمّان. وتمت إحالة المخالفين الى المحكمة".
ويتابع أن عدداً من مرشحي الحركة لرئاسة البلديات كان يردّد علناً ان الإخوان"يريدون أسلمة المجتمع"في عملية متدرجة للوصول الى ما يسمى في أدبياتهم بمرحلة"الاستعصاء على الدولة"على نحو ما فعلت"حماس"في غزة. وخلص الى الاستنتاج بأن الإخوان ارتكبوا"حماقة سياسية"سيدفعون ثمنها غالياً.
في المقابل، بات الإسلاميون على قناعة بأن السلطة تهدف الى تحييد نفوذهم. ويقول"المراقب العام"إن مشاركة الإسلاميين على رغم الاعتراضات والملاحظات تمت"لقناعتنا بأن الديموقراطية لن تصل الى الصورة المثلى التي نريد وسنتحمل المخالفات وإجراءات التزوير والتأثير في الانتخابات". لكنه استدرك قائلاً"ما جرى يوم الانتخابات فاق كل التوقعات". ويرفض الفلاحات الذي يمثل"خط الاعتدال"في الحركة، الاتهامات بأن الحركة الإسلامية"أساءت الى الوطن".
ومن السيناريوات المتداولة بين الإسلاميين لجوء الحركة إلى مقاطعة الانتخابات التشريعية المقبلة لكن من خلال تكتيك يضمن لهم الاستفادة من المدة الزمنية التي تستغرقها الحملات الانتخابية للاتصال بالمواطنين وترويج طروحاتهم الفكرية وحشد الأنصار للجماعة والحزب، قبل إعلان المقاطعة. وقد تعلن الحركة سحب مرشحيها قبل أيام من الانتخابات وتوجّه قواعدها الشعبية الى صب أصواتها في صناديق مستقلين مقربين منها، أو عشائريين ينافسون مرشحي الدولة المناهضين للإسلاميين. ثمّة سيناريو آخر يتضمن ترشيح عدد من الأعضاء خارج قوائم الأخوان في المحافظات كما حدث في الانتخابات البلدية الأخيرة حيث لم ينسحب مرشحو الحركة ممن خاضوا المعركة خارج القائمة الرسمية بعد انسحاب المدرجين على قوائم الأخوان. وفاز خمسة من أعضاء"جبهة العمل"بمقاعد في عدد من البلديات.
من الواضح أن الدولة لا ترغب في دفع التيار الإسلامي الى خارج اللعبة الديموقراطية والى أحضان التكفيريين. لكنها غير مستعدة لترك الملعب له وحده.
الانتخابات البلدية عززت جبهة المتشائمين من إمكان التغيير والتحديث. إذ ترى هذه الفئة أن الانتخابات النيابية لن تختلف كثيراً عن مجريات الانتخابات البلدية، وأن قانون الصوت الواحد سيفرز نواب حارات وخدمات وشعارات وليس نواب محاسبة ومراقبة. زد على ذلك ضعف الأحزاب السياسية وتشتت الغالبية الصامته، وغياب برامج عمل مقنعة، وحكومة تتهاون في تطبيق القانون على المرشحين وأنصارهم خصوصاً من قاموا بممارسات غير قانونية من شغب وتكسير سيارات وقطع طرقات وتعليق يافطات على كل ما طالته أيديهم ليستكملوها بمسلسل تحدّي هيبة الدولة عبر الإمعان في إطلاق مفرقعات نارية احتفالية اختلطت بأصوات الرصاص.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.