كتاب جديد للشاعر محمود درويش صدر عن دار رياض الريس بعنوان "حيرة العائد - مقالات مختارة". يضم الكتاب مقالات كان درويش كتبها في مناسبات شتى، وتتناول شخصيات سياسية وأدبية مثل: ياسر عرفات، إميل حبيبي، فدوى طوقان، نزار قباني، سعدي يوسف، محمد الماغوط، سمير قصير، ممدوح عدوان، جوزف سماحة... والكتاب في ثلاثة أقسام: هموم الوطن وشجون المنفى، إضاءات على أعلام في النضال والأدب والشعر والفن والسياسة، كلمات في مناسبات تكريمية. في المحور الأخير يبدو المؤلف في غاية التواضع وهو يلقي الضوء على نفسه شاعراً. يقول:"قليلون هم الشعراء الذين يولدون شعرياً دفعة واحدة. أما أنا، فقد ولدت تدريجاً وعلى دفعات متباعدة. وما زلت أتعلّم المشي العسير على الطريق الطويل الى قصيدتي التي لم أكتبها بعد". وأعادت الدار نفسها إصدار كتاب"يوميات الحزن العادي"في طبعته الرابعة. يكتب محمود درويش نثراً ما آلت اليه حالة الشعب الفلسطيني وما يعانيه من العدو الإسرائيلي الشرس في الوطن المحتل وفي المنافي، حتى باتت أيامه يوماً طويلاً من القهر والحزن. ومن عناوين الكتاب: القمر لم يسقط في البئر، الوطن بين الذاكرة والحقبة، يوميات الحزن العادي، من يقتل خمسين عربياً يخسر قرشاً، الفرح عندما يخون، صمت من أجل غزة، ذاهب الى العالم غريب عن العالم... وكان الشاعر كتب عن غزة:"تحيط خاصرتها بالألغام... وتنفجر. لا هو موت، ولا هو انتحار. إنه أسلوب غزة في إعلان جدارتها بالحياة. منذ أربع سنوات، ولحم غزة يتطاير شظايا قذائف. لا هو سحر، ولا هو أعجوبة. إنه سلاح غزة في الدفاع عن بقائها، وفي استنزاف العدو. ومنذ أربع سنوات، والعدو مبتهج بأحلامه، مفتون بمغازلة الزمن... إلا في غزة. لأن غزة بعيدة عن أقاربها ولصيقة بالأعداء، لأن غزة جزيرة. كلما انفجرت - وهي لا تكف عن الانفجار - خدشت وجه العدو، وكسرت أحلامه، وصدته عن الرضا بالزمن. لأن الزمن في غزة شيء آخر... لأن الزمن في غزة ليس عنصراً محايداً. إنه لا يدفع الناس الى برودة التأمل، ولكنه يدفعهم الى الانفجار والارتطام بالحقيقة. الزمن هناك لا يأخذ الأطفال تواً من الطفولة الى الشيخوخة، ولكنه يجعلهم رجالاً في أول لقاء مع العدو. ليس الزمن في غزة استرخاء، ولكنه اقتحام الظهيرة المشتعلة. لأن القيم في غزة تختلف... تختلف... تختلف... القيمة الوحيدة للإنسان المحتل هي مدى مقاومته للاحتلال. هذه هي المنافسة الوحيدة هناك. وغزة أدمنت معرفة هذه القيمة النبيلة القاسية. لم تتعلمها من الكتب ولا من الدورات الدراسية العاجلة ولا من أبواق الدعاية العالية الصوت ولا من الأناشيد. لقد تعلمتها بالتجربة وحدها. وبالعمل الذي لا يكون من أجل الإعلان والصورة. إن غزة لا تتباهى بأسلحتها وثوريتها وميزانيتها. إنها تقدم لحمها المر، وتتصرف بإرادتها، وتسكب دمها".