تشهد الساحة العراقية حراكاً سياسياً نشطاً يندرج في اطار تقويم العملية السياسية واخراج البلاد من مأزق التناحر ودوامة العنف الطائفي من خلال رسم خريطة جديدة لحكومة نوري المالكي واخرى للتحالفات السياسية، وصولاً الى اقرار البرلمان مشاريع قوانين مهمة مثل النفط والغاز واجتثاث البعث. وذكر ان الرئيس جورج بوش تدخل للضغط على"التحالف الكردستاني"و"الحزب الاسلامي"للقبول بمشروع القانون وتمريره في البرلمان. وأكد المالكي في تصريحات صحافية في بغداد أول من امس اجراء تعديل وزاري، مشيراً الى ان لديه أفكاراً قد تتجاوز مسألة ملء الفراغات، التي تعاني منها بعض الوزارات، بسبب انسحاب عدد من الوزراء وتعليق وزراء آخرين لعضويتهم، مضيفاً ان هذه الافكار قد تصل الى حد تشكيل حكومة جديدة. وقال"لدينا أفكار أستطيع أن أقول انها رد على بعض مظاهر الضعف التي بدت في تشكيلة الحكومة الحالية نتيجة المحاصصة والطائفية والتي اضعفت رئيس الحكومة في مبدأ اختياره للوزراء الذين يريد أن يعمل معهم وفق الكفاءة والمهنية والتخصص". واشار الى امكان ملء الشواغر الوزارية"وتسمية الوزراء الجدد نهاية الاسبوع المقبل". وتعاني التشكيلة الحكومية الحالية من مقاطعة عدد من الوزراء لها حيث علق وزراء"جبهة التوافق"السنية وعددهم 6 مشاركتهم في الحكومة قبل أيام احتجاجاً على اتهام وزير الثقافة، وهو عضو بالجبهة، بالوقوف وراء مقتل نجلي عضو في البرلمان. كما انسحب وزراء الكتلة الصدرية وعددهم ستة قبل أسابيع من الحكومة، وعللت الكتلة انسحابها باعطاء رئيس الحكومة حرية اختيار وزراء بعيداً عن المحاصصة الطائفية. وكشف المالكي عن خططه قائلاً:"لدينا محوران: الاول العودة مرة أخرى الى تقديم وزراء جدد لشغل الفراغات الموجودة في الحكومة. والثاني اقترحنا مبدأ اعادة تشكيل الحكومة كلياً، ودمج بعض الوزارات والغاء اخرى نرى انها ليست ضرورية". وكان النائب سامي العسكري، وهو أحد مستشاري المالكي، أكد أمس ان رئيس الوزراء سيقلص حكومته لتحسين ادائها. وأوضح في تصريحات تلفزيونية نقلتها وكالة"رويترز"أمس انه"تم الاتفاق على اجراء تعديل وزاري كامل وباختصار عدد الوزارات من 36 الى 20 أو 22". ولم يذكر العسكري متى سيحدث هذا التعديل وما اذا كانت الكتل السياسية المختلفة المشاركة في الحكومة وافقت عليه. من جانب آخر استمرت الاتصالات بين القوى الشيعية والكردية لبلورة التكتل البرلماني الخماسي الجديد، وبحث الرئيس جلال طالباني ونائبه عادل عبد المهدي، القيادي في"المجلس الاعلى الاسلامي العراقي"امس الخطوات المقبلة لاتمام التحالف الجديد، وذكر بيان مقتضب لرئاسة الجمهورية ان طالباني اكد ان"الجبهة الجديدة لم يتم تشكيلها بعد ونحن الآن بصدد التباحث واجراء المشاورات بهذا الشأن". واعرب عن امله بأن تكون هذه الجبهة"نواة لجميع الاطراف بعيداً عن التخندق الطائفي وتحظى بتأييد العراقيين بغية اخراج البلاد من الوضع الحالي". وقال محمد امين الدلوي، القيادي في"الحزب الديمقراطي الكردستاني"بزعامة مسعود بارزاني ان خطط المالكي"لا تزال مجرد مشروع" ولم يستبعد اعلان الجبهة البرلمانية الجديدة الاسبوع المقبل، واشار الى"توصل الحزبين الكرديين والمجلس الاسلامي الاعلى الى ارضية لقيامها تتمثل بالتزام هذه الاطراف بالدستور وبرنامج الحكومة ودعمها وتطبيق المادة 140 من الدستور الخاصة بكركوك واقامة النظام الفيديرالي". وعلمت"الحياة"من مصادر حكومية ان الرئيس جورج بوش حض طالباني ونائبه طارق الهاشمي، رئيس"الحزب الاسلامي"في اجتماع عبر دائرة تلفزيونية على ازاحة العراقيل امام اقرار مشاريع القوانين المطروحة على البرلمان مثل النفط والغاز واجتثاث البعث باعتبار الاعتراضات الكردية والسنية تمثل التحدي الاكبر امام المصادقة عليها مقابل وعود بالضغط على الحكومة لمعالجة الانحرافات التي شابت مسيرتها واثرت سلباً على العملية السياسية. وذكر بيان لرئاسة الجمهورية ان بوش طالب طالباني السعي جاهداً لحل المشاكل والتحديات السياسية الحالية في العراق وتقريب وجهات النظر بين الاطراف العراقية، وشدد بوش"على ضرورة الاسراع في الاتفاق على قانون النفط والاستثمار في مجلس النواب". اما بيان مكتب الهاشمي فذكر ان الاجتماع المغلق تطرق الى مشاريع القوانين التي ما زالت معلقة وضرورة الاسراع بتشريعها من خلال الوصول الى صيغ توافقية بين الكتل والاطراف ذات العلاقة".