الصيف بالنسبة إلى كثرة من الشباب اليمني حيرة مضافة وتبطل مفتوح. ما ان تنتهي السنة الدراسية حتى يبدأ الشعور بثقل الوقت ويتبدى الشارع فضاء متاحاً بالنسبة الى الشباب فيما يصبح المطبخ مآل الشابات على حد قول ريم الطالبة في كلية العلوم. أما المحظوظون في الأسر الميسورة فيحصلون على دورات في اللغات أو الكومبيوتر في أفضل الأحوال. ودرج عدد من المعاهد مع بدء الصيف على الإعلان عن خفوضات في الرسوم سعياً لاستقطاب أكبر عدد ممكن من الطلاب والطالبات. بيد أن تردي الأوضاع الاقتصادية لا يتيح لمعظم الأسر اليمنية دفع أبنائها وبناتها للالتحاق بهذه المعاهد، بل على العكس تحاول أسر كثيرة أن تجد عملاً لأبنها أو ابنتها. أسيل حاوي التي عملت الصيف الماضي متدربة لدى مكتب مكافحة عمالة الأطفال آيبك، لا تعلم حالياً ما الذي ستفعله بعد انتهائها من اختبارات الثانوية العامة، مرجحة أن تواصل تلقي دروس في اللغة الإنكليزية لا سيما ان"آيبك"الذي عملت معه الصيف الماضي كمتدربة بأجر في أعمال السكرتارية والأرشفة، لم يعد في حاجة إليها هذه السنة بعدما وظف فتاة في شكل دائم. وهناك طلاب يأتون خلال الصيف إلى صنعاء أو الحديدة، بحثاً عن عمل وغالباً ما يعملون في مهن موقتة مثل بيع القات أو فرش بسطة أو في أعمال البناء. ومنذ سنتين دأب وضاح على استغلال إجازة الصيف ليعمل"كولي"عامل بناء مع عمه الاسطى معلم بناء في صنعاء مقابل مبلغ 1300 ريال في اليوم. ويشير وضاح إلى أن هذا المبلغ يعينه في إيفاء متطلبات الدراسة ومصروفاتها المتصاعدة سنة بعد سنة. ويضيف انه يحرص هذا الصيف على جمع أكبر مبلغ ممكن يساعده السنة المقبلة على تجاوز الثانوية العامة بمعدل يؤهله الحصول على منحة"لا سيما أن أسرتي بعد وفاة الوالد لم تعد تستطيع الإنفاق علي في الجامعة". وبدا أن الظروف الاقتصادية الصعبة لمعظم الأسر اليمنية لا تحول فقط دون إتاحة الفرصة أمام أبنائها لقضاء إجازة الصيف في شكل مفيد أو ممتع، بل تشكل عقبة أمام إمكان مواصلة طلاب كثر لدراستهم. وتخلو أجندة الجامعات والمدارس من أنشطة خاصة بالإجازة، فيما تسقط ورقة التوت عن الأحزاب والمنظمات الشبابية التي ينكشف سوء أدائها والطبيعة الضيقة لنشاطاتها. وتقول بلقيس الحنش ان جل ما نفذه فريق مكون منها ومن بعض الزملاء والزميلات قبل أن يديروا ظهورهم لكلية الإعلام، كان جهداً فردياً أثمر عدداً من المشاريع الثقافية التي أنجزت خلال إجازات الصيف عندما كانوا لا يزالون طلاباً. وفي حين لا يزال الاهتمام العام يفتقد معنى استغلال أوقات الفراغ، بدا واضحاً توجه الحكومة اليمنية منذ سنوات لتأسيس مراكز بهدف سياسي في المقام الأول خشية وقوع الناشئة في أحضان الجماعات الإسلامية وپ"الدجالين"كما تسميهم الجهات الرسمية. وأعلنت الحكومة اليمنية عن سعيها الى استقطاب نحو 250 ألف طالب خلال صيف السنة الجارية، ضمن 600 مركز صيفي تفتتح في عموم المحافظات اليمنية ابتداء من 10 تموز يوليو الجاري. ويرفض قايد سنة أولى آداب الانخراط في المراكز الحكومية لأنها"مجرد وعظ مضاد لوعظ المطاوعة"، وهو يرى في رفاقه الذين كانوا يلعبون الكرة ليلاً في شارع الحرية على مقربة من وزارة التخطيط،"أكثر صدقاً من سياسات الحكومة والأحزاب في تعاطيها مع قضايا الشباب". ويقول قايد ان"الوزراء الذين يوفدون أبناءهم إلى عواصم عربية وأجنبية لقضاء إجازات الصيف ما كانوا يرسلونهم إلى هذه المراكز للاستماع الى خطب عن الوسطية في الإسلام والثوابت الوطنية". وكان التوجه السياسي لبعض النشاطات الصيفية قاد السنة الماضية إلى مواجهات بين الحكومة وبعض الأحزاب الدينية مثل حزب الإصلاح الذي اتهمته الحكومة بوضع اليد على عدد من المساجد والمدارس تحت مسمى"مراكز صيفية".