تشتد حركة الاحتجاج والمعارضة في الولاياتالمتحدة للاستراتيجية التي تنتهجها الادارة الاميركية في العراق فيما يسعى الرئيس جورج بوش لضمان الإبقاء على سياسته المثيرة للجدل حتى منتصف ايلول سبتمبر. وتمرد اعضاء بارزون في الكونغرس الأميركي ينتمون الى الحزب الجمهوري على الرئيس جورج بوش بسبب سياسته في الحرب على العراق التي ضاق بها ذرعاً الشعب الاميركي. ولكن بوش اعلن صراحة انه لن يذعن لدعوات الانسحاب، ليس في الوقت الحالي على الاقل. وسواء كان اصرارا او عنادا ربما أعطى بوش لنفسه مهلة شهرين آخرين لمواصلة استراتيجيته تجاه الحرب. لكن المحللين يقولون انه مهما تمسك الرئيس الأميركي بعدم التراجع الآن، ربما يضطر لذلك في ايلول المقبل، اذ من المقرر ان يصدر في منتصف هذا الشهر تقرير موسع لتقويم نتيجة ارسال التعزيزات العسكرية التي امر بها بوش في بداية العام. وقبل اسابيع قليلة هوّن البيت الابيض من شأن التقرير بوصفه مجرد عرض لما احرز من تقدم مرحلي غير ان الرئيس اشار في وقت لاحق لإدراكه أهمية ما جاء في التقرير. وعلى رغم تخلي جمهوريين بارزين، مثل السناتور ريتشارد لوغار، عن بوش فيما يخص سياسته في العراق لم يتوصل الديموقراطيون المعارضون للحرب والجمهوريون المتشككون الى اتفاق على اقتراحات تشريعية لمحاولة تغيير استراتيجية هذه الحرب. ولكن ربما يتغير ذلك في أيلول. وكان لوغار والسناتور جون ورانر، وهما من اكثر الاصوات رصانة في الحزب الجمهوري فيما يتعلق بالأمن القومي، تقدما باقتراح يلزم بوش بوضع خطة لانسحاب محتمل للقوات يبدأ بنهاية العام. ولا يلزم الاقتراح بوش بموعد نهائي لاتخاذ هذا الاجراء لكنه يطالب بأن تكون الخطة جاهزة بحلول 16 تشرين الاول أكتوبر. ولكن زعيم الغالبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ هاري ريد تردد في قبوله، وقال متحدث باسمه انه يمنح بوش مهلة طويلة جدا كي يقرر ما اذا كان سيغير سياسته. كما رفض البيت الأبيض اقتراح لوغار ووارنر، وقال ستيفن هادلي مستشار بوش للامن القومي ان الوقت ما زال مبكرا للغاية لتغيير استراتيجية حرب العراق، مشيراً الى انه يجب تأجيل أي دراسة لاقتراحات جديدة الى حين صدور التقرير المتوقع عن التقدم في العراق الذي سيقدمه الجنرال ديفيد بترايوس قائد القوات الاميركية في العراق والسفير الاميركي في بغداد ريان كروكر في أيلول المقبل. وردا على سؤال من شبكة"فوكس"الاخبارية الامريكية عما اذا كان من الممكن أن توافق الادارة على اقتراح لوغار ووارنر قال هادلي:"لا. الاستماع الى قادتنا العسكريين الموجودين على الارض في أيلول هو الخطوة الاولى". وفي تصريحات لشبكة"ايه. بي. سي"قال لوغار ان بوش يمكن أن يبدأ بالفعل في العمل على تغيير الاستراتيجية بعد أيلول من خلال التخطيط مع بترايوس وارساء الاسس الديبلوماسية. وأضاف"يتعين علينا ألا ننتظر حتى 15 أيلول وتقرير الجنرال بترايوس". وأشار هادلي الى أن وارنر ولوغار لم يدعوا الى تحديد موعد نهائي أو جدول للانسحاب خلافا لبعض خطط الديموقراطيين، وأنهما تصورا امكان استمرار التدخل الاميركي في العراق"لفترة ملموسة من الزمن". وقال"كل ما يقولانه ببساطة هو أننا حاليا بحاجة للتفكير في وسيلة ننتقل بها الى مرحلة جديدة في العراق عندما قد يصبح للقوات الاميركية دور مختلف". كما قلل هادلي أيضا من أهمية تصريحات رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بأن العراق سيكون مستعدا لتسلم مسؤوليات الامن من القوات الاميركية في أي وقت تنسحب فيه. ودفع استياء الجمهوريين المتنامي ومطالب الديموقراطيين المستمرة بانسحاب القوات من العراق، الرئيس بوش، الذي ضعف موقعه بشكل كبير، الى تحذير الكونغرس من مغبة اي محاولة للنيل من صلاحياته كقائد اعلى للقوات المسلحة. ورد بوش في الاسبوع الماضي على انتقادات اعضاء الكونغرس الجمهوريين قائلا انه يسعده الاستماع اليهم ولكن ادارة الحرب ليست مهمتهم. وقال:"للكونغرس كل الحق فيما يخص التمويل. تلك مشاركتهم الرئيسية في هذه الحرب، وهو تمويل القوات". وعلى رغم ذلك كلف بوش مستشاره للامن القومي ووزير الدفاع روبرت غيتس بزيارة اعضاء الكونغرس والاتصال بهم هاتفيا لمحاولة قمع التمرد. واعطى تقرير موقت بعض الجمهوريين اسبابا جديدة للقلق بعدما كشف عن احراز تقدم في ثمانية فقط من الاهداف السياسية والامنية في العراق وعددها 18. وقال بوش انه من السابق لأوانه تقويم فعالية زيادة حجم القوات، وقوامها 28 ألف جندي، لأن التعزيزات لم تستكمل الا في حزيران يونيو الماضي. لكنه اضاف انه ربما يقبل"باتخاذ قرار آخر"بشأن استراتيجيته في العراق حين يصدر تقرير شهر أيلول في حال عدم احراز تقدم حتى ذلك الحين. ويخشى الجمهوريون، الذين فقدوا السيطرة على الكونغرس لصالح الديموقراطيين عقب انتخابات التجديد النصفي العام الماضي، من صفعة أشد في الانتخابات الرئاسية العام المقبل في حال استمرار وجود ضخم للقوات الاميركية في العراق. واظهر استطلاع للرأي لصحيفة"يو. اس توداي"و"معهد غالوب"ان اكثر من سبعة من بين كل عشرة اميركيين يفضلون سحب جميع القوات تقريبا بحلول نيسان ابريل. وقال وليام جالستون المستشار السابق للسياسة المحلية في ادارة كلينتون ويعمل حاليا في"معهد بروكينجز":"اعتقد انه من المرجح ان يحبذ الرئيس الاحتفاظ بسياسته الحالية في العراق لأطول فترة ممكنة. من الواضح ان القاعدة السياسية تنزلق من تحت قدميه". ونقل مراسل"واشنطن بوست"بوب وودوارد في كتابه"حالة انكار"عن بوش تعهده بالتمسك بسياسته في العراق حتى وان لم يتبق له من مؤيدين سوى زوجته لورا وكلبه بارني. غير ان بعض المحللين اشاروا الى ان بوش لا يتنازل عادة حين يكون مقتنعاً بصواب موقفه ولكنه يذعن احيانا حين يضطر لذلك. ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في 2008 قد يعمد الجمهوريون اكثر فأكثر الى الابتعاد عن رئيسهم.