في آخر تقرير له حول تطورات أسواق النفط، الصادر هذا الاسبوع، علق "بنك الكويت الوطني" على الارتفاع الملحوظ في أسعار النفط في الآونة الأخيرة لتقترب من المستويات القياسية التي سجلتها في صيف 2006. إذ أدت حالة التوازن الدقيق بين العرض والطلب، والتوترات الجيوسياسية، إلى تسجيل أسعار النفط زيادة ربع سنوية غير مسبوقة بلغت 10 دولارات خلال الربع الثاني من السنة الجارية. فبداية، برزت مخاوف من احتمال حدوث انقطاع في إمدادات النفط سببها إعصار"غونو"الذي ضرب ساحل عمان وتحرك من بعدها صوب إيران. ومن ثم تفاقمت حدة هذه المخاوف مع ورود أنباء حول قيام الجيش التركي بالتوغل في المنطقة الكردية من العراق، ولاحقاً إضراب عمال النفط في نيجيريا، ما أدى إلى توقف إمدادات بنحو 750 ألف برميل يومياً. لكن مرت هذه الأحداث من دون أن تشهد إمدادات النفط أي انقطاع جوهري. إلا أن تعديل التوقعات لمعدل نمو الطلب العالمي على النفط إلى أعلى، إضافة إلى التصريحات الصادرة عن"أوبك"ومفادها التزام المنظمة مستويات الإنتاج الحالية، أسهمت في المحافظة على الضغوطات التي تتعرض لها الأسواق وحالت دون حدوث تراجع في الأسعار. كما ساهمت التعطيلات وأعمال الصيانة في مصافي تكرير النفط في الولاياتالمتحدة في مزيد من الخفض في مخزونات المشتقات المكررة لتعكس أي أثر لزيادة المخزونات العالمية للنفط الخام، والتي ما زالت عند أعلى مستوياتها منذ أيار مايو 1998. وحافظ مزيج برنت بصعوبة على سعر فاق 70 دولاراً للبرميل في معظم حزيران يونيو لينهي الشهر عند مستوى 72.8 دولار للبرميل، وتابع صعوده إلى 77 دولاراً في الأسبوع الثاني من الشهر وهو أعلى سعر إقفال منذ أحد عشر شهراً. وبالتالي، بلغ متوسط سعره في حزيران نحو 71.3 دولار للبرميل، مرتفعاً بذلك 3.8 دولار للبرميل عن متوسط الشهر السابق، في حين بلغ متوسط سعره خلال الربع الثاني 68.8 دولار للبرميل، أي بزيادة قدرها 10.7 دولار نسبتها 18 في المئة عن متوسط الربع الأول. وتبع سعر برميل النفط الخام الكويتي مساراً مشابهاً ليصل في 11 تموز يوليو الى 67.9 دولار للبرميل وهو من أعلى مستوياته خلال أحد عشر شهراً. وبلغ متوسط سعر برميل النفط الخام الكويتي خلال حزيران 63.2 دولار للبرميل، في حين بلغ متوسط سعره خلال الربع الثاني نحو 61.8 دولار للبرميل، مسجلاً بذلك أيضاً زيادة قدرها 10 دولارات عن متوسطه السائد في الربع الأول. ولحظ"الوطني"ان ارتفاع أسعار النفط يعزى في جانب منه الى تزايد زخم النمو في الطلب العالمي مقارنة بعام 2006، مع رفع بعض الجهات توقعاتها لنمو هذا الطلب لعام 2007. ففي أحدث تطلعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط، قدرت الوكالة الدولية للطاقة نمو الطلب العالمي للسنة الجارية عن العام السابق بنحو 1.66 مليون برميل يومياً، نسبتها 2 في المئة. وأشارت الوكالة الى أن ظهور بيانات حديثة عن الكثير من الدول الرئيسة المستهلكة للنفط، اضافة الى محافظة اقتصاد الصين على وتيرة نموه المرتفعة، كانت وراء رفع تقديراتها لمعدل نمو الطلب العالمي. وبقي مركز دراسات الطاقة الدولية أكثر تحفظاً بتوقعه أن ينمو الطلب العالمي على النفط بحدود 0.8 مليون برميل يومياً فقط أو ما نسبته واحد في المئة عن مستواه للعام السابق، في ضوء التأثيرات المثبطة للطلب كالتحول المتواصل نحو بدائل الوقود النفطي وارتفاع كلفة وقود النقل. وعلى رغم تباين التقديرات لعام 2007، فإن كلتا الجهتين رفعت من تقديراتها لنمو الطلب العالمي لعام 2006 الى 0.8 مليون برميل يومياً بدلاً من 0.7 مليون برميل يومياً كما كانت تقدر سابقاً. كما لا يزال حجم المعروض من النفط عرضة لأخطار مماثلة، ويلعب دوراً رئيساً في دفع الأسعار نحو مستوياتها العليا السائدة. فعلى صعيد النفط الخام، خفضت"أوبك"حجم امداداتها للأسواق من النفط الخام في شكل ملموس منذ تشرين الثاني نوفمبر الى جانب إصرار المنظمة على أن الأسواق لا تعاني نقصاً في الإمدادات، ما يشير الى غياب النية لدى"أوبك"لرفع إنتاجها. وهنا، يمكن أن يسهم تنامي حجم الإمدادات من خارج المنظمة في التعويض عن التراجع في إنتاج اوبك في حال تمت تغذية الأسواق بإمدادات إضافية وكافية من خارج المنظمة خلال النصف الثاني من السنة الجارية، وهو الاعتقاد السائد لدى المنظمة. الا ان حجم المعروض من خارجها قد يأتي مخيباً للآمال على غرار ما حدث في السنوات السابقة، ما يترك الاسواق في حال من الشح. ونبه الوطني في تقريره الى ان في حال لم ترفد إمدادات النفط الخام من"اوبك"او من خارجها، فإن حال الاختناق في أسواق النفط الخام ستواصل ضغوطها على الاسعار نحو الارتفاع. وتشير تقديرات"اوبك"الى بلوغ متوسط إنتاج الدول العشر الفاعلة في المنظمة نحو 26.4 مليون برميل يومياً خلال ايار، أي بانخفاض قدره 57 ألف برميل يومياً عن متوسط نيسان أبريل حيث تجاوز التراجع في انتاج نيجيريا والبالغ 153 ألف برميل مقدار الزيادة المسجلة في إنتاج معظم بقية الدول الاعضاء.