اعتبر السفير الأميركي لدى بغداد ريان كروكر أن انسحاباً مبكراً للقوات الأميركية من العراق أو الى قواعد داخله قد يفضي الى زيادة حادة في العنف، ويؤدي بالتالي الى مقتل آلاف الأشخاص. جاء ذلك في حين أظهر استطلاع للرأي أن المعارضة للحرب في العراق في الولاياتالمتحدة بلغت معدلاً قياسياً هو 62 في المئة لدى الشعب الأميركي، فيما تراجعت شعبية الرئيس الاميركي جورج بوش الى 29 في المئة. وأفادت صحيفة"نيويورك تايمز"أن تصريحات كروكر وردت في مقابلة أجرتها معه السبت الماضي. وتتزامن هذه التصريحات مع تنامي مخاوف الزعماء العراقيين من أن تؤدي الضغوط المتزايدة على الرئيس الأميركي إلى انسحاب مبكر للقوات الأميركية. وكان زعماء عراقيون من مختلف الطوائف حذروا أول من أمس من أن انسحاباً مبكراً للقوات الأميركية قد يُغرق البلاد في حرب أهلية شاملة. وجاءت تصريحات هؤلاء الزعماء رداً على تقرير نشرته"نيويورك تايمز"عن تصاعد الجدل داخل البيت الابيض في خصوص خفض عدد القوات الأميركية في العراق، إلا أن الادارة الأميركية نفت ما ورد في الصحيفة. وقال كروكر في خصوص احتمال تفاقم العنف في حال انسحاب القوات الأميركية:"يجب النظر الى العواقب. وبالإمكان اقامة قواعد في مناطق أخرى في البلاد، ولكن هناك احتمال وقوف القوات الأميركية موقف المتفرج فيما يُذبح المدنيون بالآلاف". ومن المقرر أن يقدم كروكر والقائد العسكري الأميركي الجنرال ديفيد بيترايوس تقريراً الى الكونغرس في منتصف أيلول سبتمبر المقبل في شأن نجاح الزيادة الكبيرة في عديد القوات الأميركية في كبح العنف، وإحراز الزعماء السياسيين العراقيين تقدماً باتجاه المصالحة الوطنية. كما سيجري الكونغرس الأميركي هذا الاسبوع نقاشاً مثيراً في مستقبل الحرب وتمويلها قبل تقديم الادارة تقريراً مهماً حول العراق الى الكونغرس في حلول 15 تموز يوليو الجاري. وقال كروكر إن تحذيره يستند إلى ما لاحظه منذ توليه منصبه قبل نحو أربعة أشهر، وخبرته السابقة في العراق قبل أكثر من 25 عاماً، علاوة على دروس تعلمها خلال عمله في بيروت مطلع ثمانينات القرن الماضي. ونقلت"نيويورك تايمز"عن كروكر أن"انعدام القدرة على التصور"جعل من المستحيل توقع العنف الذي أطبق على لبنان عندما انزلق الى الحرب الأهلية. وأضاف"انني على يقين من أن ما سيحدث هنا يفوق أي تصور". وأفادت الصحيفة أن كروكر ذكر في عرضه المخاطر المترتبة على انسحاب القوات الأميركية احتمالات بينها"الانهيار الكامل"لقوات الأمن العراقية البالغ قوامها 350 ألفاً تحت وطأة الضغوط الطائفية وتفككها الى ميليشيات. وفي هذا السياق، أظهر استطلاع للرأي نُشر أمس أن المعارضة للحرب في العراق في الولاياتالمتحدة بلغت معدلاً قياسياً هو 62 في المئة لدى الشعب الأميركي، فيما تراجعت شعبية الرئيس الأميركي جورج بوش إلى 29 في المئة. وأظهر الاستطلاع الذي أجرته صحيفة"يو أس آي توداي"ومعهد"غالوب"أن سبعة أميركيين من أصل عشرة يؤيدون انسحاباً شبه كامل للقوات الأميركية من العراق في حلول نهاية نيسان ابريل الماضي المقبل، فيما اعتبر 62 في المئة أن إرسال قوات الى العراق كان خطأ. ورأى أميركي واحد فقط من أصل خمسة أن تعزيز القوات الاميركية في العراق الذي بدأ في كانون الثاني يناير الماضي أدى إلى تحسين الوضع. يذكر أن هذه هي المرة الأولى التي يتجاوز فيها هذا الرقم نسبة 60 في المئة، كما أوضحت صحيفة"يو أس آي توداي". وأظهرت نتائج الاستطلاع الذي أُجري الأسبوع الماضي على عينة من 1014 شخصاً، أن شعبية الرئيس بوش وصلت إلى 29 في المئة في مقابل 33 في المئة في حزيران يونيو الماضي و38 في المئة في نيسان أبريل الماضي. ويكون بوش سجل بذلك إحدى أسوأ النتائج في تاريخ استطلاعات معهد غالوب، إذ أن ثلاثة رؤساء سابقين فقط هم ريتشارد نيكسون وجيمي كارتر وهاري ترومان سجلوا معدلات تأييد أدنى من ذلك. لكن الرئيس بوش سبق أن نال أحد أعلى معدلات التأييد بعد اعتداءات 11 ايلول سبتمبر عام 2001. ويأتي نشر نتائج الاستطلاع في وقت استأنف الكونغرس نقاشه استراتيجية الحرب في العراق. ويواجه بوش ضغوطاً لا سابق لها من داخل حزبه الجمهوري لتغيير سياسته.