في تشرين الأول اكتوبر 2000، استضافة شرم الشيخ مؤتمر قمة شارك فيه معظم الرؤساء الذين شاركوا في القمة الأخيرة. ويومها أطلق المجتمعون نداء دعا الى وقف الانتفاضة الفلسطينية، وإلى التفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين على اتفاق سلام نهائي. وعلى رغم إجماع المؤتمرين على الهدفين، لم يتحقق أي منهما. وكنت أحد المشاركين في المؤتمر هذا، ويسعني فهم الهوة بين ما اتفق عليه"المعتدلون"، من جهة، والواقع الأليم الذي يفاقم حدة التطرف من جهة أخرى. فلم يكن في وسع عرفات وقف الانتفاضة، وقطع الطريق على نفوذ"حماس"معاً، إلا بواسطة اتفاق سلام سخي تعقده اسرائيل معه. وبات الاتفاق هذا مستحيلاً بعد انتفاضة عظمت توقعات الفلسطينيين، وحكمت في الاستجابة الإسرائيلية بالاستحالة. وقد لا يكون حظ قمة شرم الشيخ في 2007 خيراً من حظ سابقتها، على رغم جهود أولمرت الكبيرة. وتوقع تهدئة البركان الفلسطيني، وتغليب محمود عباس على"حماس"وتقوية نفوذه، لقاء تحويل حصة الفلسطينيين من الضرائب الى خزينة السلطة، وإزالة بعض الحواجز من الضفة الغربية وإطلاق سراح نحو 250 سجيناً من"فتح"، هذا التوقع يفرط في التفاؤل، ويجانب الوقائع واحتسابها. فالقرائن إنما تدعو الى انتظار تعاظم شعبية"حماس"حال مقايضتها جلعاد شاليط بعدد من الأسرى الفلسطينيين يفوق ال250 معتقلاً فتحاوياً. والحق ان حلف المعتدلين في الشرق الأوسط، إذا شاء له اطرافه الإقليميون، وسندهم الدولي، النجاح، يقتضي ثمناً يتعدى استعداد اسرائيل وحكومة بوش لتسديده. وليست الاستراتيجية الإسرائيلية - الأميركية، القاضية بتحريض غزة على الضفة الغربية من طريق رفض مفاوضات سلام قد تخدم عباس في قضائه على"حماس"، غير سياسة حرب. وعلى رغم كل انتقادات العرب المعتدلين انقلاب"حماس"في غزة، لا يسع القادة العرب استيعاب تداعيات طرد"حماس"من شطر السلطة الذي تتربع فيه. فمبارك دعا الى استئناف الحوار بين الفلسطينيين. وقد يؤدي هذا الى تشكيل حكومة وحدة وطنية كتلك التي سبق للولايات المتحدة وإسرائيل ان رفضتا التعامل معها. وعباس مدعو الى اجتراح عمل كبير هو خلع"حماس"، وهزيمة الأصولية الإسلامية في المنطقة كلها، بواسطة وسائل غير مناسبة. وفي الأثناء، يقصر بوش سياسته في الشرق الأوسط على"المواجهة الإيديولوجية"مع قوى الشر. فيضع عبء هذه الاستراتيجية على عاتق رئيس فلسطيني مهزوم، يُحرم من الوسائل التي يحتاج إليها في مهمته. ومن طريق توفيرهما المال والأسلحة لعباس، في غياب الرؤية السياسية التي تسوغ التفاف الشعب الفلسطيني حوله، بينما تستمر سياسة اعتقال قادة"حماس"في الضفة الغربية، تصور الولاياتالمتحدة وإسرائيل عباس في صورة العميل. ولا شك في ان أخطاء العرب تحول دون مجازفة أي حكومة اسرائيلية بالتقدم بعرض سخي لسلطة فلسطينية لم تُعرف بغير الضعف والفوضى. ويشهد بروز نجم"حماس"، وامتلاكها قوة عسكرية مهيبة، على عجز المصريين عن قطع دابر تهريب السلاح الى غزة. وفيما تخدم السيطرة على"حماس"مصلحة مصر، ترفض هذه مواجهة مباشرة ترتب عليها نتيجة واحدة هي ترك انطباع بأن قواتها تحمي اسرائيل. ووساطة الرئيس المصري تدعوه إليها رغبته في كسب مودة الولاياتالمتحدة، وعلى مبارك، في الداخل، اداء دور المحامي عن القضية الفلسطينية، بأقل تكلفة ممكنة. وتثبت قمة شرم الشيخ ان القاهرة هي مركز سياسة الشرق الأوسط. من المشروع والضروري ان تقدم اسرائيل التنازلات. ولكن عجز العرب عن تخفيف المعاناة الفلسطينية، وعن مساعدتهم على مواجهة الخيارات الصعبة التي يرتبها قيام دولة فلسطينية، يطعن في صدق الاشتراط هذا. عن شلومو بن عامي وزير خارجية اسرائيل سابقاً، نائب رئيس مركز توليدو العالمي للسلام، موقع "بروجيكت سانديكات" الدولي 7/7/2007.