وحدات عسكرية تتقدم داخل المخيم وعشرات القتلى والجرحى ومعلومات عن محاصرة العبسي واصابة "ابو هريرة" وبان يجري اتصالات مع قادة في المنطقة ترحيب مبدئي من تكتل عون بمبادرة الحريري للحوار وأوساط بري تصر على أولوية استقالة السنيورة سيطر امس الجيش اللبناني على عدد من مواقع"فتح الاسلام"المتشددة في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين، شمال لبنان، في معارك عنيفة بدأت منذ الصباح واستمرت حتى الليل. وأنزل في مقاتلي التنظيم خسائر كثيرة، تحدثت معلومات غير أكيدة عن انها أدت الى اصابة زهاء 40 منهم بين قتيل وجريح بحسب مصادر فلسطينية. وقالت مصادر عسكرية ان جنديين استشهدا فيما أفادت مصادر إعلامية بأن 12 آخرين جرحوا. راجع ص 4 و5. وفيما أعلن ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت عباس زكي ان عملية الحسم في مخيم نهر البارد اصبحت قريبة لإجبار هذه"العصابة الارهابية على ان تسلم للقضاء اللبناني"، لمح الى اننا"لا نقول انها مسألة ساعات او ايام، لأن هناك نساء وأطفالاً في المخيم"، بما يؤشر الى ان الخطوات العسكرية ستتم على مراحل ضد"فتح الاسلام"، تبدأ بتطويقها وتضييق الرقعة التي يوجد مقاتلوها فيها. وإذ شددت مصادر واسعة الاطلاع على ان لا عودة عن قرار انهاء ظاهرة"فتح الاسلام"، أشارت مصادر عسكرية الى أن الجيش حقق تقدماً على 3 محاور داخل المخيم، خصوصاً من جهته الشمالية، حيث يوجد المسلحون بكثافة، اضافة الى جبهتيه الشرقية والجنوبية، بعد قصف مركز من مدافع الجيش ومن الدبابات على أبنية مارس منها هؤلاء القنص صباحاً على مواقعه. وتمكن الجيش من دخول منطقة"الخان"التي تضم بناء قديماً فيه سراديب وأنفاق ويعتبر المقر الرئيسي ل"فتح الاسلام"، وسيطر بالنيران على مركز"صامد"ومنطقة"التعاونية"بعد دخول قوات المغاوير التابعة له مئات الأمتار داخل المخيم إثر معارك طاحنة، أدت الى السيطرة على ما يسمى المربع الأمني. وقالت مصادر فلسطينية ان سيطرة الجيش على منطقة"الخان"خرق كبير للخطوط الدفاعية للمجموعة المتشددة، وان مساحتها كبيرة رُكّزت فيها مرابض مدفعية دمّر معظمها بفعل القصف. وأصدر الجيش بياناً قبل الظهر أكد فيه ان وحداته قامت بالرد الحازم والدقيق على مصادر النيران لردع المسلحين من الاعتداء على قواته مع تجنب ايقاع اصابات بالمدنيين، وعاد وأكد في بيان ثانٍ بعد الظهر ان"وحداته تابعت اجراءاتها الميدانية حول مخيم نهر البارد لإحكام السيطرة على الأماكن والأبنية التي يتسلل اليها المسلحون، واستطاعت تدمير مراكز تواجدهم والسيطرة عليها بالنيران وتشديد الطوق عليهم وإحباط محاولات التسلل، موقعة في صفوفهم العديد من الاصابات، وعمد هؤلاء الى الاختباء بين المدنيين متخذين منهم دروعاً بشرية". وكرر الجيش دعوته المسلحين الى تسليم أنفسهم، وأكد إصراره على مواصلة ملاحقتهم حتى تحقيق ذلك. وطالب الفلسطينيين بعدم تأمين ملاذٍ لهم وطردهم من بين المدنيين. وكان الجيش صد قبل الظهر محاولة تسلل في اتجاه مواقعه التي تطوّق المخيّم، من على احدى التلال المطلة عليه، وصد محاولة تسلل أخرى من الجهة الشمالية. وفيما قال شهود ان 8 جثث لمسلحين شوهدت على الأرض في تلك المنطقة، ذكرت مصادر أمنية انها عشر جثث. وقالت ان ست اخرى شوهدت لهم في منطقة اخرى حاول المسلحون التسلل منها. وأشارت مصادر فلسطينية على تواصل مع جهات داخل مخيم نهر البارد، الى ان جزءاً لا بأس به من خطوط المسلحين الدفاعية سقط بدخول الجيش منطقة الخان، والى معلومات عن ان مسؤولهم العسكري، اللبناني شهاب القدور أبو هريرة أصيب إصابة بليغة مع عدد من مرافقيه، وأن قائد المسلحين شاكر العبسي لم يظهر طوال يوم أمس. وقالت مصادر أمنية انه حوصر في احد مراكز"فتح الاسلام"، وان مجموعاته المسلحة أصيبت بالتشتت ويعاني أفرادها من عدم القدرة على التواصل والتحرك. وأشارت المعلومات الى ان لا وقت محدداً للعملية العسكرية التي شنها الجيش أمس، وان وحداته استقدمت تعزيزات اضافية من دبابات وناقلات جند ومروحيات وزوارق وفرق مشاة، اضافة الى وحدات النخبة أي المغاوير، واتخذت احتياطات، فطالبت المدنيين القاطنين في احياء قريبة بمغادرتها حرصاً على أمنهم من قصف مقاتلي"فتح الاسلام"، وأبعدت الصحافيين وقطعت الطريق الدولية الساحلية. وفي وقت حصلت عمليات التقدم من جانب الجيش من دون صعوبات كبيرة، أشارت مصادر مطلعة الى أن هناك نية لرصد ردود الفعل داخل المخيم إزاء نجاح الجيش في التقدم، وما اذا كان عناصر"فتح الاسلام"سيخضعون لضغوط الفلسطينيين داخل المخيم كي يسلموا أنفسهم للجيش. وأصدر الجيش ليلاً بياناً اكد فيه ان الشهيدين في صفوفه هما المعاون أول علي موسى من مواليد 5-2-1984 والعريف محمود الرحمون من مواليد 10-9-1985. وتحدث الهلال الأحمر الفلسطيني عن العثور على 10 جثث داخل مخيم نهر البارد وعن سقوط 30 جريحاً أكثرهم من المدنيين. وأشار ناطق باسم المنظمة نفسها الى ان عدد قتلى المسلحين كبير. وفيما ترأس رئيس الحكومة فؤاد السنيورة اجتماعاً وزارياً في السراي الحكومية للاطلاع من نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع الياس المر على التطورات الميدانية من جهة وعلى تقرير من وزير الخارجية بالوكالة طارق متري حول المشاورات التي رافقت مداولات مجلس الأمن لإقرار المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، نفذ بعض المنظمات الفلسطينية الاسلامية في مخيم عين الحلوة صيدا اعتصاماً للاحتجاج على تصاعد العمليات العسكرية في مخيم نهر البارد في الشمال، وكذلك على الطريق الدولية في مخيم الرشيدية قرب مدينة صور. لكن الفصائل الفلسطينية واللجان الشعبية في منطقة الشمال حضت الفلسطينيين"الوافدين من مخيم نهر البارد الى مخيم البداوي"، على"ضبط النفس وعدم الانجرار الى تحركات غير منظمة تلحق أفدح الاضرار بسمعة شعبنا، وتسيء الى أخوتنا في الجوار". السجال السياسي أما على صعيد الوضع الداخلي وردود الفعل على إقرار المحكمة ذات الطابع الدولي في مجلس الأمن، فأدت دعوة زعيم تيار"المستقبل"النائب سعد الحريري الى تجديد الحوار وإصراره في حديث الى محطة"ال بي سي"ليل أول من أمس على لقاء الأمين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصر الله ورئيس المجلس النيابي نبيه بري وزعيم"التيار الوطني الحر"العماد ميشال عون، الى مواقف مختلفة من المعارضة. وفيما تلقى تكتل"التغيير والاصلاح"الذي يتزعمه عون بالترحيب مبادرة الحريري، مشترطاً التحضير للخروج بتصور عملي واجراء اتصالات مع سائر الافرقاء في هذا الصدد، ذكّر أحد قياديي"حزب الله"بدعوة الأخير الى قيام حكومة انقاذ. لكن بري وعلى رغم اتصاله بالحريري، رداً على اتصال من الأخير ليل أول من أمس، اشترط لاجراء أي حوار استقالة الرئيس السنيورة أولاً. وقالت مصادر مقربة من بري ان قوى 14 آذار أعطت الأولوية في بيانها الخميس للاتفاق على اجراء انتخابات رئاسة الجمهورية بخلاف المعارضة التي تصر على حل مشكلة الحكومة أولاً، على اساس ان يتقدم السنيورة فوراً باستقالته افساحاً في المجال امام البحث عن الاطار العام لتشكيل حكومة وحدة وطنية. وأضافت:"في السابق اتهمتنا الأكثرية عندما طالبنا بحكومة وحدة وطنية بأننا نريد الهروب الى امام لقطع الطريق على انشاء المحكمة الدولية، اما وقد أقرت المحكمة فلم يعد من الجائز بقاء هذه الحكومة"، وتابعت:"هناك ازمة سياسية واضحة، وهل الاكثرية مستعدة لاعادة النظر بالوضع الحكومي، واذا كان الجواب ايجابياً فالمدخل اليها يكون باستقالة السنيورة". ورأت ان هناك صعوبة بالتسليم بموضوع رئاسة الجمهورية من دون الاتفاق على الحكومة الجديدة. واستدركت ان كل شيء قابل للبحث ولكن بعد استقالة السنيورة، خصوصاً ان الاكثرية كانت تشترط المحكمة أولاً، اما اليوم فماذا ستقول إزاء مطالبتنا بفتح ملف الحكومة؟ في كل الاحوال لا حوار او اتصال، بالمعنى السياسي، قبل استقالة الحكومة". بان قلق وفي نيويورك، عبّر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن قلقه من"الخطر الذي يحدق بالسيادة اللبنانية وبالاستقرار نتيجة الصدامات"، التي تجددت في مخيم نهر البارد. وأبلغ مجلس الأمن أنه بحث في الأمر مع"قادة اقليميين عديدين للمساعدة في معالجة الوضع". وتحدث بان الى الصحافة في أعقاب جلسة مغلقة للمجلس قدم خلالها تقريراً شفوياً عن نتيجة اجتماعات"اللجنة الرباعية"للسلام في الشرق الأوسط والتي قررت الاجتماع مجدداً في المنظمة في 26 و27 الشهر الجاري. وسُئل الأمين العام عن تعليقه على إعلان سورية بأنها لن تتعاون مع المحكمة الدولية التي أنشئت بموجب القرار الدولي الرقم 1757، فاجاب ان"الأمر المهم هو أن مجلس الأمن تبنى قراراً ملزماً. ويجب على الأسرة الدولية أن تتعاون مع هذا القرار". واضاف أن رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة أجرى اتصالاً هاتفياً معه أمس،"واتفقنا على التعاون الكامل من أجل انشاء مبكر للمحكمة. وأنا، بصفتي الأمين العام الذي يحترم قرارات مجلس الأمن، سأقوم بكل الاجراءات الممكنة لتنفيذ هذا القرار". وردا على سؤال"الحياة"عن مغادرة رئيس لجنة التحقيق الدولية سيرج براميرتز سيغادر منصبه في منتصف الشهر الجاري وبدء الأمانة العامة التفكير ببديل عنه، قال بان"ان السيد براميرتز يقوم بمساهمة رئيسية في هذه العملية. ونحن ننتظر الآن في كيفية امكاننا توظيف خبرته ومساهماته وبأي وسيلة. انه لم يتخذ قرارا بعد. وأنا آمل بان نتمكن من الاستمرار في الاستفادة من مساهماته وخبراته". وأكدت مصادر مطلعة ان براميرتز يود ان يحصل على وظيفة دولية رفيعة المستوى وانه مستعد للبقاء رئيساً للتحقيق حتى نهاية السنة إذا ضمنت له الأممالمتحدة هذه الوظيفة. أما إذا لم يحصل عليها، فانه يود العودة الى منصبه في المحكمة الجنائية الدولية فور انتهاء ولايته رئيساً للجنة التحقيق. ساركوزي وامير قطر وفي باريس علمت"الحياة"من مصادر مطلعة ان محاولة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إقناع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بعدم العمل لعزل سورية ورئيسها لم تجد موقفاً ايجابياً من الرئيس الفرنسي الذي أكد ان ليس لديه موقف مسبق من سورية، لكنه يرى ان"أفعالها وسياستها حتى الآن لا تؤدي الى توفير الظروف والشروط لمعاودة العلاقات الطبيعية والحوار معها". في الوقت ذاته، قال مصدر فرنسي ل"الحياة"ان ما طرحه أمين مجلس الامن القومي الايراني علي لاريجاني حول الحوار بين فرنساوايران في شأن لبنان هو محاولة للالتفاف على الملف النووي من أجل تقسيم الأسرة الدولية ازاءه، وتابع المصدر ان فرنسا"لن تقع في هذا الفخ، وان التحاور مع ايران من اجل استقرار لبنان مفيد، لكنه ليس من أولويات الديبلوماسية الفرنسية الحالية مع ايران. ففرنسا متضامنة مع الأسرة الدولية في مطالبة ايران بوقف تخصيب اليورانيوم، والأسرة الدولية بدأت درس مزيد من العقوبات الاقتصادية على ايران التي تستورد من فرنسا قطع سيارات"بيجو"و"رينو"يتم تركيبها لديها اضافة الى منتوجات نفطية منها البنزين بفعل حاجة ايران اليها للاستهلاك المحلي، على رغم انها دولة نفطية كبرى. وأشار المصدر الى ان الدول الغربية بدأت تدرس عقوبات جديدة من أجل مزيد من الضغط الاقتصادي على طهران.