"صدفة" هو عنوان الاسطوانة الجديدة لرمزي أبو رضوان، الشاب الفلسطيني الذي انتقل من أزقة مخيم الأمعري للاجئين في رام الله، ليعزف في أهم الصالات العالمية، قبل أن يؤسس فرقته"دلعونا". و"الكمنجاتي"، مشروعه الموسيقي الرائد، والذي يقدم من خلاله التعليم الموسيقي المجاني لأطفال المخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية، ولبنان، على يد أساتذة من مختلف دول العالم، وخصوصاً فرنسا، التي درس الموسيقى فيها، وصنع لنفسه هناك مجداً وشهرة كبيرة، انطلاقاً من مدينة أونجيه. بدأت حكاية رمزي مع الموسيقى"صدفة". فحين كان في الثامنة من عمره، وقبل استشهاد والده، دفعه الجوع، والقهر، لالتقاط"كمشة"حجارة وتقدم صفاً من الأطفال باتجاه جيش الاحتلال المتمترس عند بوابات المخيم. كان نصيب رفاقه رصاصات أقعدت بعضهم، وقتلت البعض الآخر، بينما كان نصيبه صورة التقطها مصور صحافي لا يزال يجهله، سرعان ما تحولت إلى ملصق شهير يعرفه الفلسطينيون جميعاً، ولا يزال يفتخر فيه. يقول أبو رضوان"تشكلت الكمنجاتي كمؤسسة فرنسية، بعد أن شعرت بضرورة العمل لتعميم تجربتي مع الموسيقى، والنجاح الذي حققته مع أطفال المخيمات الفلسطينية، خصوصاً أنني أدرك تماماً كواحد من أبناء مخيم الأمعري للاجئين، حجم المعاناة والحرمان الذي يعيشونه"... تعمل اليوم"الكمنجاتي"في رام الله، ولديها فرع في جنين، وآخر في بلدة دير غسانة قرب رام الله، ويستفيد من دوراتها الموسيقية أكثر من 300 طفل، مجملهم من الفئات المهمشة في المخيمات والريف الفلسطيني. ويشرف على تدريب الطلاب، معلمون من فرنسا، ودول أوروبية عدة، إضافة إلى أبو رضوان ومدربين فلسطينيين. ويحضر الطلاب أحياناً إلى مقر"الكمنجاتي"في البلدة القديمة في رام الله، وفي أغلب الأحيان يتوجه المدربون بآلاتهم إلى حيث الطلاب في المخيمات بحسب الظروف الأمنية. ويؤكد أبو رضوان:"تغيرت نفسيات الأطفال كثيراً، باتت الموسيقى تشغل حيزاً كبيراً من تفكيرهم، على عكس ما كان سابقاً، كل ما يفكرون فيه الدبابات، وجنود الاحتلال، والحجارة، حتى الأهالي بدأوا يدركون أهمية تعلم أبنائهم الموسيقى، وعدم تعارض ذلك مع القيم الاجتماعية والوطنية، الموسيقى في فلسطين أحد أهم أشكال النضال، خلال وجودي في فرنسا، وأميركا، وبريطانيا، ودول أخرى، عرف كثيرون، وعبر الموسيقى، ماهية القضية الفلسطينية، حيث كنت أتحدث عن جرائم جيش الاحتلال المستمرة بحقنا، كثيرون لم يكونوا يعرفون شيئاً عن فلسطين، والآن يعرفون الكثير، فهم يحضرون إليها، ويعلمون طلاباً في مخيماتها، ويعيشون المعاناة الفلسطينية عن قرب". ويسعى أبو رضوان إلى توسيع مشروعه الموسيقي، ليشمل أطفالاً في مخيمات اللاجئين في لبنان، في مخيمي عين الحلوة، وبرج البراجنة، وبدأ، عبر زملائه في"الكمنجاتي"المقيمين في بيروت، دورات تدريبية لعدد من الطلاب ويقول: اللاجئ الفلسطيني يعاني من التهميش أينما وجد، وفي لبنان تبدو أوضاع اللاجئين أكثر مأسوية، لذا لا بد من التحرك لدعمهم، عبر تخصيص ما نجمعه من آلات موسيقية في الفترة المقبلة لتدريبهم هناك. ونظم أبو رضوان، حملات عدة لجمع آلات موسيقية من فرنسا، ودول العالم، لدعم"الكمنجاتي"، لقيت استجابة الذين وجدوا في التبرع بآلة موسيقية مهملة، دعماً لقضية شعب يعاني فقدان الأمن، والمال، والرفاهية، ويعزز صموده في بلد بات الصمود فيه صعباً مع تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية يوماً تلو الآخر.