بينما كان الرئيس الاميركي جورج بوش والرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستعدان لتأدية مسرحية العودة الى اجواء الحرب الباردة، أعلن الرئيس الايراني احمدي نجاد ان الحرب"الساخنة هي في أوجها بين المسلمين واسرائيل". ففي ذكرى حرب الايام الستة، ذهب نجاد الى ان"الشعبين الفلسطيني واللبناني سيقضيان على النظام الصهيوني". واحتار خبراء الشؤون الايرانية في تفسير كلام نجاد، في وقت يقترح مسؤولون ايرانيون، وهم أعلى مرتبة منه في مجلس خبراء الدستور، على أوروبا انتهاج سياسة مشتركة لإرساء الاستقرار بلبنان. والحق ان المشكلة الفلسطينية هي في صلب علاقات الغرب بالعرب، وبالمسلمين عموماً. وقبل اجتياح العراق، نبّه جايمس بايكر وزبيغنيو بريجينسكي الرئيس بوش الى ان التحالف مع العالم العربي، وحل القضية الفلسطينية، هما شرط نجاح خطته في العراق. فحرب الايام الستة بدأت قبل أربعين عاماً، وسبقتها حرب اندلعت إثر خلاف حدودي بين مصر واسرائيل في 1956، "العدوان الثلاثي"، وأفضت الى نزع السلاح من صحراء سيناء، والى نشر قوة حفظ سلام والى التوصل الى اتفاق حرية الملاحة في مضيق تيران، الفاصل بين خليج العقبة والبحر الاحمر. وفي 1967، كان الفرنسيون، وغيرهم من الاوروبيين، متعاطفين مع الدولة العبرية الصغيرة. فعدد كبير من الشباب الاوروبي تطوع في الجيش الاسرائيلي. ونشر كبار المثقفين الفرنسيين اليمينيين واليساريين على حد سواء، مقالات اعلنوا فيها تضامنهم مع الدولة العبرية الطرية العود، وقلقهم عليها. ولكن الامور تغيرت بعد حرب الستة أيام. إذ سرعان ما انتبه العالم الى سوء معاملة اسرائيل المصريين، مدنيين ام عسكريين. فخسرت مناعتها السياسية والأدبية في اوساط المثقفين الفرنسيين، وشرعت الأبواب بوجه انتقاد بعض سياساتها الاستعمارية. ومنذ احتلال الاراضي الفلسطينية، ومباشرة انشاء المستوطنات، بدا ان الاسرائيليين، علمانيين أم متطرفين دينياً، على يقين بأن حرب الستة ايام هي تجل إلهي. وعليه، أوجبوا ترسيخ الانتشار الاسرائيلي في ارض الميعاد المقدسة. فأيدت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة، اليمينية واليسارية، إنشاء مستوطنات في الاراضي الفلسطينية المحتلة. ولم تتصدَّ لتوسيع المستوطنات أثناء مفاوضة المصريين، والفلسطينيين من بعد. ولا ريب في أن الاميركيين حثوا الاسرائيليين على المساومة، ومقايضة الاراضي المحتلة بالسلام. وبعد اتفاق السلام مع المصريين، أحكمت اسرائيل سيطرتها على الاراضي الفلسطينية. ويرى الاسرائيليون ان الحل العسكري هو الخيار الوحيد المتاح. ويوم أدرك الرئيس اسحق رابين ان المفاوضات مع الفلسطينيين والسلام هما السبيل الأفضل الى مكافحة الارهاب، اغتيل. وفي 2002، حصل ما لم يكن في الحسبان، وأعلنت القمة العربية ببيروت مبادرة تقترح على اسرائيل السلام الكامل مع الدول العربية لقاء انسحابها الى حدود الرابع من حزيران يونيو 1967. ولم أغفر، يوماً، لأرييل شارون، رئيس الوزراء الاسرائيلي، حمله الاميركيين على تجاهل المبادرة هذه أثناء الحرب على العراق، وتنامي نفوذ الجمهورية الاسلامية جراء سياسته هذه. ولا شك في ان الفلسطينيين يعانون ما لا يحتمل. فالاحتلال ترافق مع تفاقم معدلات الفقر في اوساطهم، وافضى الى الجوع والفوضى والتعاسة والحرب الاهلية. ولا شك، كذلك، في أن معاناة الاسرائيليين المعنوية كبيرة. فهم قوة احتلال. وهذا ما لا يستسيغه المثقفون الاسرائيليون، على اختلاف مشاربهم. والاسرائيليون، اليوم، تواقون، وهم درجوا على التفاخر بقوتهم الذاتية واستقلالهم، الى تدخل المجتمع الدولي، والاحتكام الى شرعيته. ولكن نجاح فرص السلام يرتبط بعدول حركة"حماس"عن نهجها الحالي. والصلة وثيقة بين"حماس"والنظام السوري. وهذا على علاقة وثيقة، بدوره، بالنظام الإيراني الذي يسيطر على"حزب الله". عن جان دانيال، "لونوفيل أوبسرفاتور" الفرنسية، 7-13/6/2007