أجرى موفد وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير جان كلود كوسران محادثات وصفها ب "المهمة جداً" مع رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة، متوجاً بها سلسلة لقاءات امتدت يومين وشملت قيادات في الاكثرية والمعارضة طرح معها مبادرة فرنسية لجمع ممثلين عن هذه القيادات في باريس بحثاً عن حلول للازمة التي يتخبط بها لبنان. وأعلن كوسران انه اطلع السنيورة على"إشارات عدة عن الطريقة التي نرى فيها هذا الأمر ممكناً في باريس حيث يمكن أن يجتمع الفرقاء الذين تمثلوا في الحوار الوطني وعدد من ممثلي المجتمع المدني. كما أعطيت الرئيس السنيورة مؤشرات عن رؤيتنا لمسار الحوار والأهمية التي نعلقها على هذا اللقاء. وبالنسبة الينا هذا الاجتماع يهدف إلى إرساء جو من الثقة ومساعدة أصدقائنا اللبنانيين على الحوار والتباحث في مشاكل هذا البلد". وحضر المحادثات في السراي الكبيرة عن الجانب اللبناني وزير الخارجية بالوكالة طارق متري ووزير الشباب والرياضة احمد فتفت، وأقام السنيورة غداء على شرف الضيف الفرنسي والوفد المرافق له حضره عدد من الوزراء. ورداً على اسئلة الصحافيين قال كوسران:"اذا كان هناك فعلاً مشكلة ثقة فأعتقد أن كل جهد لإعادة بناء هذه الثقة هو مهم جداً، أما بالنسبة الى استمرارية السياسة الفرنسية فإن فرنسا لديها منذ سنوات عدة سياسة لبنانية واضحة، وهي سياسة تقوم أولاً على دعم استقلال هذا البلد ووحدته الوطنية واستقراره وازدهاره ودعم جهوده باتجاه إنشاء المحكمة الدولية، وهذه السياسة لا تتغير ولم تتغير الآن". ورأى"ان المواضيع التي يمكن ان يتحاور حولها المشاركون يمكن ان يختاروها هم، والوزير كوشنير هو الذي سيترأس هذا الحوار وسيكون له دور لتحديد مسارات الحوار والمواضيع المطروحة، لكن هذه المواضيع ستكون بالتأكيد ما يود المتحاورون مناقشتها، فهو لقاء للمسؤولين اللبنانيين مع منظمين فرنسيين ووزير فرنسي، ولكنه أولاً لقاء بين اللبنانيين". وأكد ان"هذا ليس مؤتمراً دولياً ولا مؤتمراً لمعالجة المشاكل اللبنانية الكبرى بل هو مؤتمر للمساعدة على إعادة إرساء الحوار والثقة بين اللبنانيين وإعادة التقريب في ما بينهم للحديث عن هذه المشاكل. إنها ليست مبادرة لحل المشاكل العميقة بل مبادرة لإعادة الثقة، إنها مبادرة جدية وودية ولكنها ليست باتجاه أن تتحول إلى مؤتمر دولي موسع، بل هدفها التقريب بين المسؤولين السياسيين اللبنانيين لكي يتحدثوا بأنفسهم عن مشاكلهم". والتقى الموفد الفرنسي رئيس الجمهورية السابق أمين الجميل في بكفيا، وأثنى الأخير على المبادرة، وأعرب عن تقديره"لاهتمام فرنسا والتزامها الدائم بالوقوف الى جانب لبنان في الازمات التي يمر بها"، شاكراً الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على دعمه لبنان، ومطالباً بان تلحظ المبادرة الفرنسية برنامج عمل كي لا تتشعب المناقشات وتخرج عن الأهداف الموضوعة لها". وسلم كوسران خلال اللقاء الجميل رسالة خطية من الرئيس ساركوزي. ووصف محادثاته مع الجميل ب"المهمة حول هذه المبادرة لتمكين الاطراف اللبنانية من التلاقي والبدء بالحوار في فرنسا، وكان الرئيس الجميل مرحباً، وناقشنا كيفية مشاركة اللبنانيين وزودني بالعديد من النصائح حول كيفية ادارة هذه العملية لمساعدتنا على تحضيرها في شكل افضل". ولفت الى ان اللقاء الذي عقده ليل أول من أمس، مع ممثل"حزب الله"كان"ايجابياً، وهم يحبذون مبدأ المشاركة". ورد سبب تأجيل اللقاء مع السنيورة الى"مشاكل في التوقيت، ولا يجب التفتيش عن معان سياسية لذلك". أما الجميل فأشار الى ان"للأزمة اللبنانية أبعاداً متعددة، هناك البعد الداخلي المفترض ان نعالجه في ما بيننا هنا، وهناك البعد الخارجي المتمثل بالتدخلات الخارجية في قضايانا الداخلية، ومن الضروري ان تؤازرنا كل الدول لايجاد حلول اللازمة التي يتخبط بها لبنان، ولو لم يكن للبعد الخارجي الدور الكبير، لما كان مجلس الأمن الدولي اتخذ كل هذه القرارات لمعالجة الوضع اللبناني". ورداً على الانتقادات التي وجهت الى خطابه الاحد الماضي عن الأمن الذاتي قال الجميل:"لم يواجه أحد الامن الذاتي مثلما واجهته أنا في حياتي السياسية، واتمنى مناقشة الخطاب قبل اعلان ردود فعل عشوائية عليه، عبرت عن مشاعر شريحة كبيرة من اللبنانيين، هناك شريحة كبيرة من اللبنانيين بدأت تطرح اسئلة حول مستقبلها وهذا يترجم الهجرة الكثيفة التي تحصل من قبل جيل الشباب، هذه خسارة كبيرة للبلد وهذا ما حاولت ان اعبر عنه بكل وضوح ووضعت القضية على الطاولة ولنتفضل بمناقشتها بكل جرأة وموضوعية فلا نظل نتجاهل لب المشكلة ونؤسس لمزيد من الحوادث مثل نهر البارد وغيرها من الاحداث المؤلمة". وتمنى الجميل"التعاون مع بعضنا بعضاً لتكوين مفهوم واحد لكلمة سيادة وولاء، فهناك تباعد في وجهات النظر في مفهوم السيادة والولاء". كما تمنى"تعاون اللبنانيين مع كل اشقائنا العرب بدءاً بسورية لحماية بعضنا بعضاً، ففي حال استمرت الفوضى في لبنان فلا بد ان تنتقل الى سورية وغيرها". وزار كوسران البطريرك الماروني نصر الله صفير، وقال انه اطلع البطريرك"على أجواء الاتصالات التي أجريتها حتى الآن مع القيادات اللبنانية والاستقبال الايجابي لنا، وأوضحت له أن المبادرة الفرنسية تهدف الى المشاركة في إعادة الثقة بين الفرقاء اللبنانيين وتعزيز الحوار في ما بينهم". وأشار الى ان صفير"شجع المبادرة الفرنسية الساعية الى أن تكون مساهمة في إعادة الحوار بين اللبنانيين". وكان كوسران التقى ليل اول من امس، رئيس كتلة"المستقبل"النيابية سعد الحريري وأوضح ان"سياسة فرنسا بما يتعلق بلبنان تتسم بميزة اساسية وهي الاستمرارية". واكد الحريري"ان لبنان في حاجة دائماً الى اصدقائه الحقيقيين مثل فرنسا، وآمل ان يتمكن المسؤولون من خلال الحوار في باريس، ان يتحدثوا في ما بينهم حيال مستقبل لبنان".