دعا الرئيس محمود عباس حركتي "فتح" و "حماس" الى التوقف فورا عن الاقتتال الدائر في قطاع غزة منذ أيام عدة، واصفا الصراع الداخلي بأنه مؤسف ومسيء للشعب الفلسطيني. وأطلق مسلحون النار على مكتب رئيس الوزراء اسماعيل هنية في مدينة غزة امس ما أدى الى فض اجتماع للحكومة بعد ساعات قليلة من هدنة بين حركتي"فتح"و"حماس"أبرمت بوساطة من مسؤولين مصريين. وأدى الاقتتال بين الحركتين امس الى مقتل خمسة اشخاص. واعتبر عباس في تصريحات للصحافيين امس"الاقتتال عيبا في حقنا وحق شعبنا وحضارتنا ومستقبلنا". وقال عباس اثناء تفقده لجان امتحانات الثانوية العامة التوجيهية في مدرستي فيصل الحسيني للبنين والاسبانية للبنات ان"الصدامات التي تحصل بين الفترة والاخرى في قطاع غزة مؤسفة ومسيئة جدا الينا، لكن الطرفين يعملان بجد الى جانب الاشقاء المصريين من اجل القضاء على هذه الظاهرة التي تؤثر علينا وعلى مستقبلنا". ورأى عباس ان"الكل ملام، وهذا عيب في حقنا وحق شعبنا وحضارتنا ومستقبلنا"، مطالبا الطرفين"بالتوقف فورا عن الاقتتال ليس فقط من اجل توفير اجواء هادئة لتأدية امتحانات الثانوية العامة لكن من اجل شعبنا كي يعيش حياة طبيعية". وفي شأن آخر نفى عباس ان يكون تلقى دعوة للمشاركة في اجتماع اللجنة الرباعية الدولية المقبل حسب ما قال وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط اول من امس. وردا على سؤال ان كان سيلبي الدعوة للمشاركة في الاجتماع الذي قيل ان رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت سيحضره ايضاً قال:"لم تأتنا دعوة حتى الآن كي نقول ان كنا سنلبيها ام لا". وكان قطاع غزة شهد هدوءاً حذراً مشوباً بالتوتر بعد اشتباكات عنيفة وعمليات خطف وتصفية ارتكبها نشطاء من الطرفين علما انهما ينفيان التهم التي يكيلها كل طرف للآخر. وتبادلت حركتا"فتح"و"حماس"الاتهامات، اذ اتهمت حركة"حماس"عدوها اللدود بمحاولة اغتيال وزير الشباب والرياضية الدكتور باسم نعيم، فيما اتهمت فتح غريمتها"حماس"باطلاق النار على نشطاء من"فتح"والاجهزة الامنية. وساد هدوء تخلله اطلاق نار متقطع في أماكن عدة من القطاع أمس بعد يوم دام آخر شهد عمليات اعدام متبادلة راح ضحيتها ثلاثة قتلى وعشرات المصابين وعدد من المخطوفين. ونجح الوفد الامني المصري المقيم في قطاع غزة برئاسة اللواء برهان حماد بمشاركة فصائل المقاومة الفلسطينية فجر أمس في نزع فتيل آخر أزمة وقعت بين الطرفين في مدينة غزة، بعدما تمكنوا من التوصل الى وقف لاطلاق النار بين الفريقين في مدينة رفح اول من امس. ودخل اتفاق جديد لوقف النار بين حركتي"فتح"و"حماس"المتصارعتين على السلطة فجر امس في مدينة غزة، وارتفع عدد القتلى في الصراع الداخلي بين"فتح"و"حماس"الى 11 منذ ليل الاحد - الاثنين الى عصر امس منهم ثمانية قتلوا امس. اذ قتل عيد المصري وابناه فرج وابراهيم، اضافة الى احد افراد القوة التنفيذية باسل الكفارنة 23 عاما بالرصاص في بلدة بيت حانون حيث دارت اشتباكات عنيفة بين مسلحي الجانبين. وفي مخيم الشاطىء قتل ياسر بكر وصدام بكر اعقبه اشتباكات بين عائلة بكر ومسلحي"حماس". وتوفي بعد ظهر امس محمد حرب من القوة التنفيذية متأثراً بجروح اصيب بها الاحد، بعدما توفي ليل الاحد - الاثنين محمد البابا متأثراً بجروحه ايضاً. واستمر اطلاق النار مساء امس في بيت حانون وبيت لاهيا في شمال القطاع وفي مخيم الشاطىء في مدينة غزة وبقي التوتر مسيطراً على مدينة رفح. وقال اسلام شهوان الناطق باسم القوة التنفيذية ان الكفارنة قتل"برصاص مسلحين من حركة فتح بينما كان في موقعه". وتوفي امس شخص كان قد جرح في الاقتتالين الحركتين. وسقط اول القتلى الجندي في قوات امن الرئاسة"القوة 17"محمد السويركي مساء اول من امس. واتهمت حركة"فتح"والناطق باسم حرس الرئاسة"كتائب القسام"الذراع العسكرية لحركة"حماس"والقوة التنفيذية التابعة لوزارة الداخلية باعدام السويركي رميا من سطح برج الغفري المؤلف من 15 طبقة بعدما وثقوا يديه وقدميه وعصبوا عينيه. وبعد قليل من مقتل السويركي قتل محمد الرفاتي امام مسجد العباس القريب من برج الغفري غرب مدينة غزة في مربع امني تسيطر عليه عادة اجهزة الامن الرسمية وحركة"فتح". واتهمت حركة"حماس"الحرس الرئاسي بإعدام الرفاتي بعد اقتحام منزله المؤلف من ثلاث طبقات ويقطنه مع عائلته وعائلة شقيقه رئيس قسم التجارة في الجامعة الاسلامية احد قياديي"حماس"الدكتور علاء الرفاتي. وقالت حركة"حماس"ان عناصر من الحرس الرئاسي خطفوا الرفاتي وعذبوه في معسكر انصار الامني التابع للرئيس عباس قبل اعدامه رميا بالرصاص وإلقاء جثته بالقرب من الجامعة الاسلامية. ووجد مواطنون جثة القتيل الثالث حسام ابو قينص ملقاة بالقرب من دوار المالية في حي تل الهواء جنوب غربي مدينة غزة. واتهمت"حماس"الحرس الرئاسي بإعدام ابو قينص"على لحيته"في اشارة الى عمليات الاعدام على"الهوية"أي اعدام نشطاء الفريقين استنادا الى معرفة هويته التنظيمية وهو امر تكرر في عمليات الاقتتال السابقة من الفريقين. وعلى رغم دخول اتفاق وقف النار بين الحركتين عند الحادية عشرة قبل ظهر امس فإن ازيز الرصاص ظل يسمع بعد هذا الموعد في أماكن متفرقة من القطاع. وبدت مدينة غزة قلب القطاع النابض عادة شبه خالية من السكان امس في وقت توجه فيه عشرات آلاف الطلاب الى لجان الامتحان للتقدم الى امتحان الثانوية العامة"التوجيهي". وجاء وقف اطلاق النار الجديد لتمكين نحو 30 ألف طالب ثانوي في القطاع من تأدية الامتحانات بهدوء. وازال اعضاء اللجنة التي شكلت اخيرا وكلفت التأكد من ازالة المظاهر المسلحة والحواجز في حال التوصل الى اتفاق لوقف النار، الحواجز وسحبوا معظم المسلحين من الشوارع وفتحوا الطرقات، وانزلوا المسلحين من الفريقين من اسطح الابراج والبنايات العالية. لكن قياديين من فصائل المقاومة، خصوصا الفصائل الثلاثة التي تشارك في المكتب المشترك مع حركتي"فتح"و"حماس"وهي الجبهتان"الشعبية"و"الديموقراطية لتحرير فلسطين"وحركة"الجهاد الاسلامي"شكوا من ان عناصر مسلحة من الفريقين تعود وتنصب حواجز بعد تفكيكها، وغيرها تعود وتعتلي اسطح المباني والابراج السكنية. واحجم معظم المواطنين عن الخروج من منازلهم امس على رغم اجواء الهدوء الحذرة، ولم يتوجه طلبة الجامعات الى مقاعد الدراسة، خصوصا وان جامعات الازهر والاقصى والاسلامية تقع في المربع الامني الممتد من منطقة مجمع الاجهزة الامنية"السرايا"وسط غزة الذي يحده شارع عمر المختار وصولا الى شاطئ البحر غربا وجنوباً الى منطقة الشيخ عجلين. وتضم هذه المنطقة مكتب الرئيس عباس ومنزله ومنزل رجل فتح القوي محمد دحلان ومكتبه والسرايا والمقر الرئيس للشرطة والمقر الرئيس للامن الوقائي وعدد من المقار الشرطية والامنية ومنازل عدد من قادة الاجهزة الامنية والفصائل، خصوصا حركة"حماس". في غضون ذلك، قالت حركة"حماس"ان وزير الشباب والرياضة باسم نعيم نجا من محاولة اغتيال امس. واتهمت"حماس"حركة"فتح"باطلاق النار بكثافة على مكتب الوزير نعيم كما اتهمت مسلحين من حركة"فتح"بخطف احد عناصر حركة"حماس"واربعة طلبة في الصفوف الثانوية اثناء عودتهم من لجنة الامتحان امس. من جانبها، اتهمت حركة"فتح"والناطق باسم الحرس الرئاسي العقيد علي القيسي حركة"حماس"بالقاء ابو قينص من سطح برج مهنا غرب غزة. كما اتهمت"فتح"عناصر"حماس"باطلاق النار على عنصرين أمنيين احدهما يعمل في الامن الوقائي والثاني يعمل في"القوة 17"وتركهما ينزفان الى ان قام بعض المواطنين باسعافهما ونقلهما الى مستشفى في وسط القطاع امس. وقالت"فتح"ان عناصر من حماس اطلقوا قذيفة"آر بي جى"امس على مركز شرطة العباس غرب مدينة غزة واخرى على مقر مؤسسة الحرية للاسرى شمال المدينة، وخطفوا أحد عناصر الحركة.