اشترى رجل بيتزا وسأله البائع هل يريد أن يقطعها له في أربع قطع أو ست. وقال الرجل: أربع قطع لأنني لا أستطيع أن آكل ست قطع. أكمل اليوم بالغباء بعد أن تحدثت أمس عن الذكاء والعبقرية، ما يعني أنني استشهدت بالمرحوم اينشتاين الذي قال يوماً إن المخيلة أهم من المعرفة، وأقول، مع انني نسبياً لست في مقام الأخ ألبرت، اننا نعيش في عصر المعرفة لا عصر الحكمة. طبعاً هناك ناس خارج الزمان والمكان، ولا معرفة أو حكمة، وكنت تحدثت أمس ببعض الجدية لأن الموضوع عن العبقرية، وأكمل اليوم مهاذراً القارئ في هذه الأيام الحبلى لا أفهم لماذا لا تحمل الأيام غير المصائب للعرب. أبدأ بقصة عربية قبل أن أكمل بقصص من عندهم، فبينهم أغبياء كثيرون على رغم انهم يتحكمون في مصيرنا، ربما لأن غباءهم نسبي وغباءنا مطلق. كلثوم بن عمر العتّابي شاعر مقلّ عاش في دمشق، وتوفي سنة 220 هجرية، وكان مشهوراً بالدعابة، واتهم بالزندقة، وحفظت لنا كتب الأدب قصة عنه رواها رجل يعرفه قال: كان العتابي يأكل خبزاً على طريق بباب الشام فقلت له: ويحك، أما تستحي؟ قال لي: أرأيت لو كنا في دار فيها بقر، كنت تستحي وتحتشم أن تأكل وهي تراك؟ قلت: لا. قال: فاصبر حتى أعلمك انهم بقر. فقام ووعظ وقصّ ودعا حتى كثر الزحام عليه، ثم قال لهم: روى لنا غير واحد انه من بلغ لسانه أرنبة انفه لم يدخل النار. فما بقي واحد الا وأخرج لسانه يومئ به نحو أرنبة أنفه، ويقدره حتى يبلغها أم لا. فلما تفرقوا قال لي العتابي: ألم أخبرك انهم بقر؟ لا أذم الغباء فالناس لا يشكّون في الغبي، وإنما يعاملون بحذر الذكي، وهذا عادة ما يقوده ذكاؤه الى نهاية سيئة. على كل حال أكمل بالغباء عندهم بعد أن بدأت بنا لزوم الموضوعية، فقد كنت قبل أشهر قرأت على الانترنت خبراً عن محطة اذاعة محلية في شيكاغو، بولاية إلينوي، سألت المستمعين هل يعتقدون ان بارك اوباما ارهابي خطر؟ وردت غالبية عظمى انه ارهابي خطر ويجب أن يحاول العسكر الأميركيون قتله. وكان السؤال الثاني: هل اوباما رئيس السودان أو الجزائر أو مصر أو المملكة العربية السعودية؟ واختار المستمعون هذا البلد أو ذاك، مع أن غالبية رجحت أن يكون رئيس الجزائر. السناتور أوباما يمثل إلينوي في مجلس الشيوخ، أي يمثل المستمعين الذين ردوا على أسئلة الراديو. ولعل بعضهم أصبح يعرفه الآن، فهو مرشح للرئاسة الأميركية وينافس هيلاري كلينتون على ترشيح الحزب الديموقراطي. مع احترامي لكل الشعوب، ومع ادراكي ان العربي المتهم لا يحق له أن يتهم غيره، فإنني أقول إن الأميركيين الذين انتخبوا جورج بوش الابن مرتين لا يمكن أن يوصفوا بالذكاء، ما يفسر قصة عن رجل يعمل في مركز اجتماعي، وفي مكتب خاص بالعنف ضد النساء، واتصلت به امرأة سألته عن ساعات العمل فقال إن المركز مفتوح سبعة أيام في الأسبوع 24 ساعة في اليوم. وعادت المرأة تسأل: هل هذا بتوقيت شرق الولاياتالمتحدة أو غربها. ربما كان في سؤالها دليل لماذا ضربها زوجها، ومع ذلك فهو قد يكون أغبى منها، وقد قرأت عن رجل لم يكن يعرف أن الشمس تطلع من الشرق، وعندما عرف ذلك بدا مذهولاً، وسأل: كل مرة؟ عذر هذا الرجل انهم يقولون بالانكليزية إن الشمس تطلع أو تصعد وانها تهبط، أما نحن فنقول: تشرق وتغرب، وفي الكلمة دليل على الجهة. في الولاياتالمتحدة يحتوي بعض السيارات الجديدة على آلة قطع تستعمل اذا تعرضت السيارة لحادث، وعلق السائق أو الراكب في حزام النجاة. وتبين أن معظم أصحاب السيارات يحتفظون بالآلة الصغيرة في صندوق السيارة. أكثر سفري هذه الأيام بالطائرات، غير أن القصة التالية حدثت لراكب آخر، فهو وصل الى حيث يريد ولم تصل حقيبته. وذهب الراكب الى شباك الحقائب الضائعة، وحكى للعاملة ما حدث فقالت: أرجو أن تطمئن سنعثر على حقيبتك. هل وصلت الطائرة التي كنت فيها؟ لا أعتقد أن هذا الرجل استرد حقيبته. هناك في التقليد اللبناني قصة"أخوَت الضيعة"، أي مجنون القرية، وقصة"أخوت شاناي"معروفة وتعود الى أيام الأمير بشير الشهابي، فعندما لم يوجد مال لحفر قناة لجرّ الماء، اقترح"أخوت شاناي"أن يأمر الأمير المواطنين بأن يحفر كل واحد قدر طوله من القناة، وهكذا كان. في حدث بيروت، حيث أقمت سنوات، كان هناك"خُوت"كثيرون، أذكر منهم واحداً كان يمشي بين نقاط المطر، فيقفز يميناً وشمالاً، ويعود الينا مبتلاً ثم يقول: أرأيتم، لم تصبني نقطة مطر واحدة. وهو كان ضخم الجثة، فلم نكن نجرؤ على أن نقول له إنه لو حمل صابونة لكان أخذ"دوش". في الغرب أيضاً عندهم تقليد مجنون القرية، ويسمونه Fool، أي أحمق، وأنا واثق من أن جورج بوش الابن حرم قرية ما في أميركا من أحمقها بالنزوح الى واشنطن. وأرجو ألا يعتقد القارئ العربي بأنني أسمي الأب، فمثل هذا الحديث غير مألوف عندنا، إلا أنهم في الغرب، أو تحديداً بريطانياوالولاياتالمتحدة حيث أقمت، لا يجدون حرجاً في توجيه هذه التهمة لرئيس أو وزير. اذا فتح القارئ موقع غوغل على الانترنت وطلب"أغبى رجل في العالم"فسيجد 9870000 خبر، اكثرها عن جورج بوش الابن. واذا طلب"غباء بوش"تحديداً، فسيجد 1370000 خبر. أما موقع"يونيوب"فيضم 162853 شريط فيديو قصيراً عن أخطاء الرئيس النابغة. الذكاء كان دائماً له حدود، أما الغباء فلا حدود له، من واشنطن الى العراق، وبالعكس.