يصعب أن يتخيل المشاهد برنامجاً غنائياً عربياً يضم أكثر من فنان من نجوم الصف الأول في سهرة حوار واحدة. فالخلافات بين أهل الفن والمنافسة البعيدة عن الأخلاقيات تطيحان بأي حلم من هذا النوع. حتى أن هناك شبه يقين عند البعض أن أي محاولة في هذا السياق لن تخرج عن إطار المجازفة. ولكن يبدو أن"تلفزيون دبي"قرر أن يخطو خطوة كبيرة في هذا المجال، من دون أن يحسب حساب الخسارة. البرنامج هو"تاراتاتا". والمقدم نجم من نجوم التلفزيون يتبدل مع كل حلقة. أما الفكرة فبسيطة: تكريم أهل الغناء. ولكن، ليس أي تكريم. فإذا أشرنا الى أن الفنانين يكرّمون بعضهم بعضاً، ثم أضفنا أن كباراً في عالم الأغنية العربية لا يجدون مشاركتهم في تكريم فنانين أصغر منهم سناً انتقاصاً من مكانتهم، تصبح للحكاية نكهة مختلفة. فكيف نفسر، مثلاً، حلول ميادة الحناوي ضيفة على حلقة الفنان هاني شاكر؟ وأيضاً كيف نفهم تكريم أحلام للفنانة شيرين عبد الوهاب؟... طبعاً، من شأن مثل هذين المثلين أن يبدلا نظرة المشاهد العادي الى الساحة الفنية المليئة بالحسد والغيرة، ويجعلاه يشعر ان زمن الكبار لا يزال طيفه موجوداً. فالمنطقي أن يحل هاني شاكر ضيفاً في حلقة تكريمية للفنانة السورية. وأن تكرم شيرين الفنانة الإماراتية أحلام. أما أن تنقلب الآية، فأمر لم نعهده من قبل في الساحة الغنائية العربية. ما يعيدنا بالصورة الى زمن آخر، زمن الفن الجميل، والترابط الذي كان يميز فناني ذاك الجيل، انطلاقاً من تصريحاتهم حول اختلاف الساحة الفنية بين الأمس واليوم، خصوصاً لجهة العلاقات بين الفنانين. وهنا لا بد من أن يسأل المرء عن سبب غياب هؤلاء عن حلقات البرنامج التي تصل اليوم الى الحلقة التاسعة. فباستثناء حلقة فناننا الكبير وديع الصافي، لم يسجل البرنامج أهدافاً في هذا الملعب: ملعب كبار الجيل الماضي. ولا شك أثبتت حلقة صاحب الصوت الجبلي الصافي، ضرورة تكرار التجربة بعد نجاحها جماهيرياً، خصوصاً أن كثراً منا يحنّون الى ذاك الزمن. ولا نعني بكلامنا انتقاصاً من حجم الفنانين المكرمين في الحلقات الماضية. فكل واحد منهم يستحق التكريم، بما انهم جميعاً أصحاب خامات صوتية كبيرة ونجوم جيلهم، والأهم أنهم جميعاً يحملون أينما حلوا لواء الدفاع عن الغناء الجميل في وجه الغناء الهابط. من هنا مشكور"تلفزيون دبي"في تكريمه هؤلاء، ولكن تكريم من بقي من"زمن الفن الجميل"يستحق اهتماماً أكبر من أصحاب البرنامج، وربما تأتي الحلقات المقبلة، لتفي بالغرض. ماركة مسجلة وإذا انتقلنا من الفنانين الى المقدمين، لا شك في ان فكرة تغيير المقدم بالانتقال من حلقة الى أخرى، والاعتماد على مقدمين من مختلف الفضائيات، تستحق الثناء. فمن الجرأة إقدام قناة على منح الهواء ساعتين من الوقت لمقدم لا ينتمي الى صفوفها. وجرأة أيضاً أن تتجاوز القناة فكرة ان كل واحد من هؤلاء المقدمين"ماركة مسجلة"باسم المحطة التي يعمل داخلها. فمثلاً حين نقول نيشان ديرهاروتونيان يخطر في البال فوراً"التلفزيون الجديد"، وحين نسمع اسم ميشال سنان نقول"ال بي سي"، وحين يتردد اسم حليمة بولاند يطل لوغو"روتانا"... وهكذا دواليك لا يمكن فصل المقدم عن المحطة التي ينتمي إليها أصلاً، ولو أطلّ تحت لوغو"تلفزيون دبي". في سهرة اليوم المذيعة من أهل الدار. والنجم فارس في عالم الأغنية العربية. المذيعة مريم أمين مقدمة برنامج"نجم الخليج". والفنان المكرم عاصي الحلاني. أما ضيوفه فالفنان المصري إيهاب توفيق، الفنانة السورية رويدا عطية، ونجمة"ستار اكاديمي2"التونسية أماني السويسي. پ صحيح لا يوجد ما يقال في تكريم رويدا عطية وأماني السويسي لفنان في حجم عاصي الحلاني... لكن الأمر يختلف حين يصل الحديث الى إيهاب توفيق، الذي لم يتردد في المشاركة في تكريم زميله، على رغم أنهما ينتميان الى جيل واحد. بل معروف ان شهرة ايهاب سبقت شهرة عاصي. وهذه نقطة إيجابية تضاف الى رصيد الفنان المصري، الذي أثبت مرة أخرى تمتعه بنفسية النجوم الكبار. من هنا لا شك في ان في انتظار المشاهدين الليلة سهرة مميزة، تطغى عليها الأجواء الحماسية حيناً، والرومانسية أحياناً أخرى. * يعرض اليوم في الساعة 18.30 بتوقيت غرينتش على"تلفزيون دبي" لقطات سهرة اليوم عاصي الحلاني يعلن في كواليس البرنامج عن عزمه تقديم"ديو"مع رويدا عطية بعدما ألهبا المسرح حين غنيا معاً. تناغم وعفوية في"الديو"الذي جمع عاصي الحلاني وإيهاب توفيق من دون أن يحاول أحدهما إظهار تفوقه على الآخر. الأغنية الفولكلورية تطغى في هذه الحلقة، وتعيدنا الى زمن نصري شمس الدين وصباح ووديع الصافي. الدبكة اللبنانية حاضرة. الغناء الخليجي لا يغيب عن السهرة، إذ تجمع أغنية"بعاد كنتم"لفنان العرب محمد عبده بين عاصي الحلاني واماني السويسي. ختام الحلقة أراده عاصي الحلاني لبنانياً فولكلوريّاً وجبلياً من خلال أغنية"يا مارق ع الطواحين"پلنصري شمس الدين، التي يغنيها الى جانب رويدا عطيّة وأماني السويسي.