أعلنت وزارة الدفاع البريطانية في 24 أيار (مايو) الماضي أنها بصدد مراجعة قرار منع النساء من المشاركة في العمليات القتالية على الخطوط الامامية. ويطرح هذا الإعلان البسيط مسألة مهمةً تتعلق بموقع المرأة في المجتمع البريطاني، كما أنه يذكّر بطبيعة النزاع الحالي الذي واجهته القوات البريطانية في العراق أولاً وتواجهه في أفغانستان حالياً. تخدم حوالي 17600 امرأة في القوات المسلحة، أي 10 بالمئة تقريباً من إجمالي القوات. وقد خدم المئات منهنّ في العراق وأفغانستان وقتلت سبعة منهنّ في هاتين المنطقتين. وتميل وزارة الدفاع إلى التلميح بأن وجود المرأة في القوات البريطانية لم يعد موضوع جدل، إلا أن الأمر ليس صحيحاً. ففيما يتفق الجميع على أن المرأة تضطلع بدور متزايد الأهمية ضمن القوات المسلحة، تماماً كما في المجتمع ككل، لا تزال المهمات التي ينبغي عليها تأديتها موضوع نقاش محتدم أحياناً. خلال الحرب العالمية الثانية، كانت القوات الجوية والبحرية والبرية تضم نساء في صفوفها (علماً بأن الملكة اليزابيت الثانية خدمت في الجيش). وتمّ إيلاءهن المهمات الطبية والإدارية وتلك الخاصة بالتواصل فضلاً عن القيادة في الصفوف الخلفية. وأدى ذلك بعد انتهاء الحرب إلى توسّع فرص العمل المتاحة أمام المرأة في المجتمع. وتضم كتيبة المشاة حالياً ضابطةً واحدةً على الأقل في صفوفها وهي تؤدي دوراً إدارياً كأن تكون مساعدة القائد إلا أنها لا تخدم في فصيلة المشاة ولا في القوات المدرّعة. ويمكن للمرأة أن تخدم في سلاح المدفعية وأن تكون ضابطة رصد أمامي ومراقبة جوية أمامية وأن تقود المروحيات المجهزة لإطلاق الصواريخ. والجدير بالذكر أن 70 في المئة من فرص العمل في الجيش البريطاني متاحة أمام النساء. وفي شهر نيسان (أبريل) 2007، قام «حرس الثورة» الإيراني باحتجاز ثمانية بحارة وسبعة من مشاة البحرية في الخليج. ومن بين البحارة الثمانية، تمّ اعتقال الجندية فاي تورني التي كانت مسؤولة عن أحد الزوارق الذي تعرض للهجوم. وقد عاملها الإيرانيون بطريقة مختلفة عن الرجال الذين احتجزوهم وبثّوا صورها على التلفزيون. كما انتقدوا وجودها في البحرية. وكان من الواضح أن الرأي العام البريطاني قد فوجئ عند قراءة سيرتها وسنوات حياتها التي أمضتها على متن الفرقاطة «كورنول» في العراق. وبدا من الواضح أن الأشخاص العاديين ينظرون إلى النساء اللواتي يخدمن في القوات المسلحة بطريقة مختلفة عن النساء في الجيش. وتفتخر القوة الجوية البريطانية بأن كل مراكزها باستثناء 3 في المئة منها متاحة أمام النساء. فلا يحق لهنّ أن يخدمن في فرع القوات الجوية المسؤولة عن أمن المطارات. لكن يمكن أن تعمل امرأة قائدة لطائرة حربية وقد تمّ إلقاء الضوء على عملهنّ هذا. كما حلّق البعض منهنّ فوق الأراضي العراقية على مدى سنوات. وفي شهر آذار (مارس) الماضي، قام البرلمان الأفغاني بإقرار قانون الأسرة الشيعية. وقال منتقدوه أنه شرّع اغتصاب الزوجات والزواج من فتيات قاصرات، وحرم النساء الأفغانيات من حقوقهنّ الأساسية. وقد عمد الرئيس حميد كرزاي إلى تجميد هذا القانون بعد أن أثار استنكار المجتمع الدولي. ويُعزى سبب هذه الحساسية المفرطة إلى أن الغرب يضمّ أكبر عدد من النساء اللواتي يخدمن مع قوات بلدانهنّ في أفغانستان. وقد عبّرت النساء في القوات المسلحة عن آرائهن في ما يتعلق بالمخاطرة بحياتهنّ من أجل دولة يتمّ فيها الحد من حقوق المرأة. وعندما أعلنت وزارة الدفاع عن إعادة النظر أخيراً في الأدوار التي يجب أن تضطلع بها النساء في القوات المسلحة، أشارت إلى أنه: «يتم استبعاد النساء من الأدوار التي تتطلب منهنّ أن يكنّ قريبات من العدو ويُقدمن على قتله وجهاً لوجه». وتكمن المشكلة الكبيرة بالنسبة إلى هؤلاء الذين يتبنون هذه النظرية انه في معظم النزاعات لا يوجد خط مواجهة امامي، فيواجه البعض خطر التعرض لقنابل صاروخية أو لجهاز تفجير على جانب الطريق ناهيك عن رصاصة بندقية. فماذا يعني مصطلح القتال عن قرب في عام 2009؟ فاذا كنت تقيم في قاعدة عسكرية صغيرة في هيلمند مثلاً تكون مقيماً في قلب منطقة القتال. * سياسي بريطاني ونائب سابق